المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

[2090]

عَن أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِندَهَا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي البَيتِ، فَقَالَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبدَ اللَّهِ بنَ أَبِي أُمَيَّةَ، إِن فَتَحَ اللَّهُ عَلَيكُم

ــ

أفنية الطُّرق، وأفضية البلاد غير المتملَّكة فهو أحق به ما دام جالسًا فيه، فإن قام منه، ونيَّته الرجوع إليه من غده؛ فقيل: هو أحق به حتى يتمَّ غرضه. حكاه الماوردي عن مالك؛ قطعًا للتنازع. وقيل: هو وغيره سواء، والسَّابق إليه بعد ذلك أحق به.

(17)

ومن باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

التخنُّث: هو اللين والتكسُّر. والمخنث: هو الذي يلين في قوله، ويتكسَّر في مشيته، ويتثنى فيها كالنساء. وقد يكون خِلقة، وقد يكون تصنعًا من الفسقة. ومن كان ذلك فيه خلقة؛ فالغالب من حاله: أنَّه لا أرب له في النساء، ولذلك كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يعددن (1) هذا المخنث من غير أولي الإربة، فكانوا لا يحجبونه إلى أن ظهر منه ما ظهر فحجبوه.

وقوله: (إن مخنثًا كان عندها) اختلف في اسم هذا المخنث، والأشهر: أن اسمه هيت بياء ساكنة بعد الهاء باثنتين من تحتها، وآخرها تاء باثنتين من فوقها. وقيل: صوابه هنب - بنون وباء بواحدة أخيرًا - والهنب: الرجل الأحمق، قاله ابن درستويه (2). وقيل: إن هذا المخنث هو ماتع- باثنتين من فوقها - مولى

(1) كذا في (ل 1) وفي باقي النسخ: يعدُّون.

(2)

هو عبد الله بن جعفر بن محمد بن درستويه، من علماء اللغة، من تصانيفه:"تصحيح الفصيح" و"الكتَّاب". توفي سنة (347 هـ).

ص: 512

الطَّائِفَ غَدًا، فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى بِنتِ غَيلَانَ، فَإِنَّهَا تُقبِلُ بِأَربَعٍ وَتُدبِرُ بِثَمَانٍ، قَالَ: فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا يَدخُل هَؤُلَاءِ عَلَيكُم.

رواه أحمد (6/ 290)، والبخاري (5887)، ومسلم (2180)، وأبو داود (4929)، وابن ماجه (1902 و 2614).

ــ

أبي فاختة المخزومي. قيل: وكان هو وهيت يدخلان في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وقعت هذه القصَّة غربهما النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحمى. وقيل: إن مخنَّثا كان بالمدينة نفاه النبي صلى الله عليه وسلم (1) إلى حمراء الأسد.

وقول المخنث: (أدلك على ابنة غيلان، فإنَّها تقبل بأربع، وتدبر بثمان) قال أبو عبيد: يعني به: العكن، وهي أربع (2) تقبل بهن، ولها أطراف أربعة من كل جانب فتصير ثمانية.

قلت: وإنَّما أنث فقال: بأربع وبثمان؛ وهو يريد الأطراف، وواحدها طرف، مذكر؛ لأنَّ هذا على حدِّ قولهم: هذا الثوب سبع في ثمان، والثمان يراد بها الأشبار، ووجه ذلك أنه (3) يعني به العكن، وهي جمع عكنة، وهي الطي الذي يكون في جانبي البطن من السِّمن، وتجمع: عكن، وأعكان. وتعكَّن البطن: إذا صار ذلك فيه.

يريد المخنَّث: أنَّ هذه المرأة إذا أقبلت كان لها من كل جانب من جوانب بطنها عكنتان، وإذا أدبرت كان لها من خلفها ثمان، وأنث العدد لتانيث المعدود، وهو: العكن: جمع عكنة.

وقد روى هذا الحديث الواقدي، والكلبي، وقالا: إن (هيتًا) المخنَّث،

(1) ما بين حاصرتين سقط من (ل 1).

(2)

أي: في بطنها، كما نقله عنه المازريُّ.

(3)

ما بين حاصرتين مستدرك من (ج 2).

ص: 513

[2091]

وعَن عَائِشَةَ قَالَت: كَانَ يَدخُلُ عَلَى أَزوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثٌ، فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِن غَيرِ أُولِي الإِربَةِ، قَالَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَومًا، وَهُوَ عِندَ بَعضِ نِسَائِهِ، وَهُوَ يَنعَتُ امرَأَةً، قَالَ: إِذَا أَقبَلَت أَقبَلَت بِأَربَعٍ، وَإِذَا

ــ

وكان مولى لعبد الله بن أبي أمية المخزومي أخي أم سلمة لأبيها، وأم عبد الله عاتكة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في بيت أم سلمة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع: إن افتتحتم الطائف فعليك ببادية ابنة غيلان بن غيلان الثقفي؛ فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان مع ثغرٍ كالأقحوان، إن جلست تثنَّت، وإن تكلَّمت تغنَّت، بين رجليها كالإناء المكفوء، وهي كما قال قيس بن الخطيم:

تَغتَرِقُ الطَّرفَ وهِي لاهِيَةٌ

كأنَّما شَفَّ وَجهَها نَزَفُ

بَينَ شُكُولِ النساء خِلقَتُها

قصدًا فلا غَيلَةٌ ولا نصف (1)

تَنَامُ عن كِبرِ شأنِها فإذا

قامت رُوَيدًا تكاد تنقصف (2)

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد غلغلت النظر إليها يا عدوَّ الله) ثم أجلاه عن المدينة إلى الحمى (3). قال: فلما فتحت الطائف تزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له في قول الكلبي. قال: ولم يزل هيت بذلك المكان حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم. فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه كُلِّم فيه، فأبى أن يردَّه، فلما ولي عمر رضي الله عنه كُلِّم فيه، فأبى أن يردَّه، ثم كُلِّم فيه بعد، وقيل: إنه قد كبر وضعف وضاع، فأذن له أن يدخل كل جمعة، فيسأل، ويرجع إلى مكانه. قال أبو عمر بن عبد البر: يقال: بادية - بالياء - وبادنة - بالنون - والصواب بالياء، وهو قول أكثرهم.

و(قوله: تغنت) هو من الغنة، لا من الغناء؛ أي: أنها تتغنَّن في كلامها

(1) في اللسان مادة -قضف-: قصدٌ فلا جبلةٌ ولا قضف.

(2)

في اللسان مادة (كبر): تنغرف بدل تنقصف.

(3)

ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/ 336).

ص: 514

أَدبَرَت أَدبَرَت بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أَرَى هَذَا يَعرِفُ مَا هَاهُنَا، لَا يَدخُل عَلَيكُم. قَالَت: فَحَجَبُوهُ.

رواه أحمد (6/ 152)، ومسلم (2181)، وأبو داود (4107 و 4108)، والنسائي في عشرة النساء (365).

* * *

ــ

للينها، ورخامة صوتها. يقال: تغنَّن الرجل، وتغنى، مثل: تضنَّن وتضنَّى.

وفيه: ما يدلّ على جواز العقوبة بالنفي عن الوطن لمن يخاف منه الفساد والفسق. وعلى تحريم ذكر محاسن المرأة المعينة؛ لأنَّ ذلك إطلاع الأسماع على عورتها، وتحريك النفوس إلى ما لا يحل منها. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(لا تصف المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها)(1) فأما ذكر محاسن من لا تعرف من النساء: فمباحٌ إن لم يدع إلى مفسدةٍ؛ من تهييج النفوس إلى الوقوع في الحرام، أو في المكروه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا أرى هذا يعرف ما هاهنا) يدلّ: على أنهم كانوا يظنون أنه لا يعرف شيئًا من أحوال النساء، ولا يخطرن له بالبال. وسببه: أن التخنيث كان فيه خِلقة وطبعًا، ولم يكن يعرف منه إلا ذلك، ولذلك كانوا يعدُّونه من غير أولي الإربة؛ أي: ممن لا حاجة له في النساء. وقد قدَّمنا: أن الأرب والإربة: الحاجة. فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم وصفه لتلك المرأة: علم أنه عنده تشوُّف للنساء؛ فحجب لذلك، ثم بولغ في تنكيله، وعقوبته، ونفيه لما اطلع عليه من محاسن تلك المرأة، وكشف من سترها، ولم تكن عقوبته لنفس التخنيث؛ فإنَّ ذلك كان فيه خِلقة، ولم يكن مكتسبًا له، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

وأمَّا من تخانث وتشبه بالنساء، فقد أتى كبيرة من أفحش الكبائر؛ لعنه الله عليها ورسوله، ولا يقرُّ عليها.

(1) ذكره ابن عبد البر في التمهيد (4/ 65 - 66).

ص: 515