الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء
[2149]
عَن ابنِ عُمَرَ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الحُمَّى مِن فَيحِ جَهَنَّمَ؛ فَابرُدُوهَا بِالمَاءِ.
وفي رواية: فَأَطفِئُوهَا بِالمَاءِ.
رواه أحمد (2/ 21)، والبخاريُّ (3264)، ومسلم (2209)(78 و 79 و 80).
ــ
(11)
ومن باب: الحمى من فيح جهنم
فيح جهنَّم شدَّة حرارتها، وأصله من فاحت القدر إذا غلت، وقد يعبَّر عنه بالفور كما جاء في الرواية الأخرى: ولفحُ النَّار إصابة شدَّة حرها. وجهنم: اسم علم من أسماء نار الآخرة - مؤنث، ولذلك لم ينصرف، وقد تقدم اشتقاقه.
وقوله فابردوها بالماء صوابه بوصل الألف؛ لأنَّه من قولهم برَّد الماءُ حرارةَ جوفي، وهو ثلاثي معدَّى، كما قال:
وعطِّل قَلُوصِي في الرِّكابِ فإنَّها
…
ستَبرُدُ أكبادًا وتُبكِي بَوَاكِيَا
وقد أخطأ من قال أبردوها بقطع الألف، وفي الرواية الأخرى فأطفئوها، بالهمزة رباعيًّا، من أطفأ، وقد اعترض بعض سخفاء الأطبَّاء على هذا الحديث فقال: استعمال المحموم الاغتسال بالماء خطر مُقرِّبٌ من الهلاك؛ لأنَّه يجمع المسامِّ ويحقن البخار ويعكس الحرارة لداخل الجسم، فيكون ذلك سببًا للتلف! وجوابه أن هذا إن صدر عمَّن ارتاب في صدق النبي صلى الله عليه وسلم فجوابه بالمعجزات الدَّالة على صدقه صلى الله عليه وسلم التي تدل قطعًا على صحة قوله وصواب فعله، فإنَّ حصل له التصديق والإيمان وإلا فقد يفعل الله بالسيف والسِّنان ما لا يُفعل
[2150]
وعَن أَسمَاءَ أَنَّهَا كَانَت تُؤتَى بِالمَرأَةِ المَوعُوكَةِ فَتَدعُو بِالمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِي جَيبِهَا، وَتَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ابرُدُوهَا بِالمَاءِ. وَقَالَ: إِنَّهَا مِن فَيحِ جَهَنَّمَ.
رواه البخاري (5724)، ومسلم (2211)(82)، والترمذي (2075).
[2151]
وعن رَافِعُ بنُ خَدِيجٍ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الحُمَّى مِن فَورِ جَهَنَّمَ، فَابرُدُوهَا عَنكُم بِالمَاءِ.
رواه البخاريُّ (3262)، ومسلم (2212)(83 و 84)، والترمذيُّ (2084).
ــ
بالبرهان، وإن صدر عن مصدِّقٍ له ومؤمن برسالته - وما أقله فيمن يتعاطى صنعة الأطباء - قيل له: تفهَّم مراده من هذا الكلام؛ فإنَّه لم ينصَّ على كيفية تبريد الحمى بالماء، وإنَّما أرشد إلى تبريدها بالماء مطلقًا، فإنَّ أظهر الوجود أو صناعة الطب أن غمس المحموم في الماء أو صبَّه على جميع بدنه يضرَّه فليس هو الذي قصد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قصد استعمال الماء على وجه ينفع، فيُبحث عن ذلك الوجه وتجرَّب الوجوه التي لا ضرر فيها، فإنَّه سيظهر نفعه قطعًا، وقد ظهر هذا المعنى في أمره للعائن بالغسل، فإنَّه وإن كان قد أمره بأن يغتسل مطلقًا فلم يكن مقصوده أن يغسل جميع جسده، بل بعض ذلك كما تقدَّم.
وإذا تقرَّر هذا فلا يبعُد أن يكون مقصوده أن يُرشَّ بعض جسد المحموم أو يفعل كما كانت أسماء تفعل، فإنَّها كانت تأخذ ماءً يسيرًا ترش به في جيب المحموم أو يُنضح به وجهه ويداه ورجلاه، ويذكر اسم الله تعالى، فيكون ذلك من باب النُّشُرة الجائزة كما تقدَّم. وقد يجوز أن يكون ذلك من باب الطب، فقد ينفع ذلك في بعض