المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

[2015]

عَن عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَت: وَاعَدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِبرِيلُ فِي سَاعَةٍ يَأتِيهِ فِيهَا، فَجَاءَت تِلكَ السَّاعَةُ وَلَم يَأتِهِ، وَفِي يَدِهِ عَصًا، فَأَلقَاهَا مِن يَدِهِ وَقَالَ: مَا يُخلِفُ اللَّهُ وَعدَهُ وَلَا رُسُلُهُ. ثُمَّ التَفَتَ فَإِذَا جِروُ كَلبٍ تَحتَ سَرِيرِهِ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، مَتَى دَخَلَ هَذَا الكَلبُ هَاهُنَا؟ فَقَالَت: وَاللَّهِ مَا دَرَيتُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخرِجَ، فَجَاءَ جِبرِيلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَاعَدتَنِي فَجَلَستُ لَكَ فَلَم تَأتِ؟ فَقَالَ: مَنَعَنِي الكَلبُ الَّذِي فِي بَيتِكَ، إِنَّا لَا نَدخُلُ بَيتًا فِيهِ كَلبٌ وَلَا صُورَةٌ.

رواه أحمد (6/ 142)، ومسلم (2104)، وابن ماجه (3651).

ــ

(15)

ومن باب قوله: (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة).

الملائكة هنا - وإن كان عمومًا - فالمراد به الخصوص، فإنَّ الحفظة ملازمة للإنسان. هكذا قاله بعض علمائنا. والظاهر العموم، والمخصص ليس نصًّا. وكذلك قوله: كلب، وصورة؛ كلاهما للعموم؛ لأنَّهما نكرتان في سياق النفي. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المراد به: الكلاب التي لم يؤذن في اتخاذها، فيستثنى من ذلك: كلب الصيد، والماشية والزرع. وأما الصورة: فيراد بها التماثيل من ذوات الأرواح. ويستثنى من ذلك الصورة المرقومة، كما نصَّ عليه في الحديث، على ما يأتي.

وإنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه التمثال؛ لأن متخذها في بيته قد

ص: 421

[2016]

ومن حديث ميمونة نحوه، وفيه: فَأَمَرَ بِهِ فَأُخرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ.

وفيه: فَأَصبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَومَئِذٍ فَأَمَرَ بِقَتلِ الكِلَابِ،

ــ

تشبَّه بالكفار الذين يتخذون الصور في بيوتهم، ويُعظمونها، فكرهت الملائكة ذلك منه، فلم تدخل بيته هجرانًا له، وغضبًا عليه. واختلف في المعنى الذي في الكلب المانع للملائكة من الدخول. فذهبت طائفة: إلى أنَّه النجاسة. وهو من حجج من قال بنجاسة الكلب. وتأيد في ذلك بنضحه صلى الله عليه وسلم موضع الكلب.

قلت: وهذا ليس بواضح، وإنما هو تقدير احتمال يعارضه احتمالات أخر:

أحدها: أنها من الشياطين، كما جاء في بعض الحديث.

وثانيها: استخباث روائحها، واستقذارها.

وثالثها: النجاسة التي تتعلق بها؛ فإنَّها تأكلها وتتلطخ بها، فتكون نجسة بما يتعلق بها، لا لأعيانها. والمخالف يقول: هي نجسة الأعيان. وعلى ما قلناه: يصح أن يقال: إنَّه صلى الله عليه وسلم شك في طهارة موضعه؛ لإمكان أن يكون أصابه من النجاسة اللازمة لها غالبًا شيء، فنضحه؛ لأنَّ النضح طهارة للمشكوك فيه، فلو تحقق إصابة النجاسة الموضع لغسله؛ كما فعل ببول الأعرابي، ولو كان الكلب نجسًا لعينه، لا لما يتعلق به: لما احتاج إلى غسله، كما لا يحتاج إلى غسل الموضع أو الثوب الذي يكون عليه عظم ميتة، أو نجاسة لا رطوبة فيها. وعلى هذا: فهذا الاحتمال أولى أن يعتبر، فإن لم يكن أولى فالاحتمالات متعارضة، والدَّست قائم، ولا نصّ حاكم.

و(قوله: فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فأمر بقتل الكلاب) كذا رواه جميع الرواة: فأصبح، فأمر، مرتبًا بفاء التَّسبيب، فيدل ذلك: على أن أمره بقتل الكلاب في ذلك اليوم كان لأجل امتناع جبريل من دخول بيته. ويحتمل أن يكون ذلك لمعنى آخر غير ما ذكرناه؛ وهو: أن ذلك إنما كان لينقطعوا عما كانوا ألفوه من

ص: 422

حَتَّى إِنَّهُ يَأمُرُ بِقَتلِ كَلبِ الحَائِطِ الصَّغِيرِ، وَيَترُكُ كَلبَ الحَائِطِ الكَبِيرِ.

رواه أحمد (6/ 330)، ومسلم (2105)، وأبو داود (4157)، والنسائي (7/ 186).

[2017]

وعن بُسرَ بنَ سَعِيدٍ: أَنَّ زَيدَ بنَ خَالِدٍ الجُهَنِيَّ حَدَّثَهُ، وَمَعَ بُسرٍ عُبَيدُ اللَّهِ الخَولَانِيُّ: أَنَّ أَبَا طَلحَةَ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَدخُلُ المَلَائِكَةُ بَيتًا فِيهِ صُورَةٌ. قَالَ بُسرٌ: فَمَرِضَ زَيدُ بنُ خَالِدٍ، فَعُدنَاهُ؛ فَإِذَا نَحنُ فِي بَيتِهِ بِسِترٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلتُ لِعُبَيدِ اللَّهِ الخَولَانِيِّ: أَلَم يُحَدِّثنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ: إِلَّا رَقمًا فِي ثَوبٍ، أَلَم تَسمَعهُ؟ قُلتُ: لَا، قَالَ: بَلَى، قَد ذَكَرَ ذَلِكَ.

ــ

الأنس بالكلاب، والاعتناء بها، واتخاذها في البيوت، والمبالغة في إكرامها. وإذا كان كذلك كثرت، وكثر ضررها بالناس من الترويع والجرح، وكثر تنجيسها للديار، والأزقة، فامتنع جبريل من الدخول لأجل ذلك، ثم أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بقتل الكلاب، فانزجر الناس عن اتخاذها، وعما كانوا اعتادوه منها. والله تعالى أعلم.

وفيه من الفقه: أن الكلاب يجوز قتلها لأنها من السِّباع، لكن لما كان في بعضها منفعة، وكانت من النوع المتأنس سومح فيما لا يضر منها.

و(قوله: حتى إنه يأمر بقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير) هذا يدلّ على جواز اتخاذ ما ينتفع به من الكلاب في حفظ الحوائط، وغيرها. ألا ترى: أن الحائط الكبير لما كان يحتاج إلى حفظ جوانبه ترك له كلبه، ولم يقتله، بخلاف الحائط الصغير منها، فإنَّه أمر بقتل كلبه؛ لأنَّه لا يحتاج الحائط الصغير إلى كلب، فإنَّه ينحفظ من غير كلب لقرب جوانبه.

وقول بسر لعبيد الله الخولاني: (ألم يحدثنا في التصاوير؟ ) يعني: زيد بن

ص: 423

رواه أحمد (4/ 28)، والبخاريُّ (3226)، ومسلم (2106)(86)، والنسائي (8/ 212).

* * *

ــ

خالد، وذلك: أنَّه لما دخل منزل زيد فرأى الستر فيه صور ذكر بسر عبيد الله الخولاني بالحديث الذي حدثهم به زيد عن أبي طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة) وكان أبو طلحة قد ذكر مع ذلك - متصلًا به - قوله صلى الله عليه وسلم: (إلا ما كان رقمًا في ثوب) فاستثنى المرقوم من الصور. فحصل منه: أن الملائكة لا تمتنع من دخول بيت فيه صورة مرقومة. ومن هنا: فهم القاسم بن محمد جواز اتخاذها في البيوت (1) مطلقًا، كما حكيناه عنه ترجيحًا لهذا الحديث على حديث عائشة، أو نسخًا له، وفيه بُعدٌ.

والجمهور على المنع. فمنهم من منعه تحريمًا، وهو مذهب ابن شهاب ترجيحًا لحديث عائشة على حديث زيد، والجمهور حملوه على الكراهة، وهو الأولى إن شاء الله؛ إذ ليس نصًّا في التحريم، فأقل ما يحمل ما ظهر منه على الكراهة. وحديث زيد لا يقتضي الجواز، وإنَّما مقتضاه: أن الملائكة تدخل البيت الذي فيه الصور المرقومة بخلاف الصور ذوات الظل؛ فإنَّها لا تدخل بيتا هي فيه. وهذا وجه حسن؛ غير أنَّه تكدَّر بما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام فيه صور، وكان في البيت كلب) وذكر الحديث (2). وهذا يدلّ دلالة واضحة أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة مرقومة، وعند هذا يتحقق التعارض. والمخلِّص منه

(1) كذا في جميع النسخ، وفي (ز): الثوب.

(2)

رواه أبو داود (4158).

ص: 424