الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات
[2082]
عَن جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَبِيتَنَّ أحد عِندَ امرَأَةٍ ثَيِّبٍ، إِلَّا أَن يَكُونَ نَاكِحًا أَو ذَا مَحرَمٍ.
رواه مسلم (2171).
[2083]
وعَن عُقبَةَ بنِ عَامِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِيَّاكُم وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِن الأَنصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيتَ
ــ
(13)
ومن باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم
(قوله: لا يبيتن رجل عند امرأة ثيِّب إلا أن يكون ناكحًا، أو ذا محرم) هذا الحديث لا دليلَ خطابٍ له بوجه؛ لأنَّ الخلوة بالأجنبية - بكرًا كانت، أو ثيبًا، ليلًا أو نهارًا - محرمة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:(لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)(1)، وبقوله:(لا يدخلن رجلٌ على مغيِّبة إلا ومعه رجل، أو رجلان)(2) وبقوله: (إياكم والدخول على المغيبات)(3) وبالجملة فالخلوة بالأجنبية حرام بالاتفاق في كل الأوقات، وعلى كل الحالات. وإنَّما خصَّ المبيت عند الثيب بالنهي؛ لأنَّ الخلوة بالثيب بالليل هي التي تمكن غالبًا، فإنَّ الأبكار يتعذر الوصول إليهن غالبًا للمبالغة في التحرز بهن، ولنفرتهن عن الرجال، ولأن الخلوة بالنهار تندر، فخرج النهي على المتيسَّر غالبًا.
و(قوله: إياكم والدخول على المغيبات) هذا تحذير شديد، ونهي وكيد،
(1) رواه أحمد (1/ 18)، والترمذي (2165).
(2)
رواه أحمد (1/ 171)، ومسلم (2173).
(3)
رواه أحمد (3/ 298)، والترمذي (1172) بلفظ:"لا تلجوا على المغيبات".
الحَمء؟ قَالَ: الحَمء المَوتُ.
قَالَ اللَّيثَ بنَ سَعدٍ: الحَموُ أَخو الزَّوجِ، وَمَا أَشبَهَهُ مِن أَقَارِبِ الزَّوجِ؛ ابنُ العَمِّ وَنَحوُهُ.
رواه أحمد (4/ 149)، والبخاريُّ (5232)، ومسلم (2172)(20 و 21)، والترمذيُّ (1171).
ــ
كما يقال: إياك والأسد، وإياك والشرَّ؛ أي: اتق ذلك واحذره، والمنصوبان: مفعولان بفعلين مقدرين يدلّ عليهما المعنى.
و(المغيبات): جمع مغيبة، وهي التي غاب عنها زوجها؛ يقال: غاب الزوج، فهو غائب، وأغابت زوجته في حال غيبته، فهي مغيبة.
و(الحمء): أحد (1) الأحماء، وهم قرابة الزوج، مثل أخيه، وعمه، وابنيهما. ويقال لهؤلاء من جهة الزوجة: أختان. والصهر يجمع ذلك كله. وقد جاء الحمء في هذا الحديث مهموزًا، والهمز أحد لغاته. ويقال فيه: حمو - بواو مضمومة - كدلو، و (حمى) مقصور، كـ (عصا) والأشهر فيه: أنه من الأسماء الستَّة (2) المعتلَّة المضافة التي تعرب في حال إضافتها إلى غير ياء المتكلم بالواو رفعًا، وبالألف نصبًا، وبالياء خفضًا؛ فتقول: جاءني حموك، ورأيت حماك، ومررت بحميك.
و(قوله: الحمء الموت) أي: دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة؛ أي: فهو مُحرَّم معلوم التحريم، وإنَّما بالغ في الزجر عن ذلك، وشبهه بالموت لتسامح الناس في ذلك من جهة الزوج والزوجة، لإلفهم لذلك، حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة عادة، وخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت، والحرب الموت. أي: لقاءه يفضي إلى الموت. وكذلك دخول
(1) في (ع) و (ج 2) و (ل 1): واحد.
(2)
في (ل 1): الخمسة.
[2084]
وعن عَبدَ اللَّهِ بنَ عَمرِو بنِ العَاصِ: أَنَّ نَفَرًا مِن بَنِي هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسمَاءَ بِنتِ عُمَيسٍ، فَدَخَلَ أَبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ، وَهِيَ تَحتَهُ يَومَئِذٍ، فَرَآهُم، فَكَرِهَ ذَلِكَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: لَم أَرَ إِلَّا خَيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ قَد بَرَّأَهَا مِن ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنبَرِ فَقَالَ: لَا يَدخُلَنَّ رَجُلٌ بَعدَ يَومِي هَذَا، عَلَى مُغِيبَةٍ، إِلَّا مَعَهُ رَجُلٌ أَو اثنَانِ.
رواه أحمد (2/ 186)، ومسلم (2173)(22).
* * *
ــ
الحمو على المرأة يفضي إلى موت الدِّين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج، أو برجمها إن زنت معه.
و(قوله: إن نفرًا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس) كان هذا الدخول في غيبة أبي بكر رضي الله عنه، لكنه كان في الحضر لا في السفر، وكان على وجه ما يعرف من أهل الصلاح والخير، مع ما كانوا عليه قبل الإسلام مما تقتضيه مكارم الأخلاق من نفي التهمة والريب، كما قدمناه. ولعل هذا كان قبل نزول الحجاب، وقبل أن يُتقدَّم لهم في ذلك بأمر ولا نهي؛ غير أن أبا بكر رضي الله عنه أنكر ذلك بمقتضى الغيرة الجبليَّة، والدِّينيَّة، كما وقع لعمر رضي الله عنه في الحجاب. ولما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يعلمه من حال الدَّاخلين، والمدخول لها، قال (1):(لم أر إلا خيرًا؛ يعني: على الفريقين، فإنَّه علم أعيان الجميع؛ لأنَّهم كانوا من مسلمي بني هاشم، ثم خصَّ (2) أسماء بالشهادة لها فقال: (إن الله قد برأها من ذلك) أي: مما وقع في نفس أبي بكر، فكان ذلك فضيلة عظيمة من أعظم فضائلها، ومنقبة من أشرف مناقبها، ومع ذلك فلم يكتف
(1) أي: أبو بكر رضي الله عنه.
(2)
أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم.