الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجهِهِ الجُوعَ، فَقَالَ لِغُلَامِهِ: وَيحَكَ، اصنَع لَنَا طَعَامًا لِخَمسَةِ نَفَرٍ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَن أَدعُوَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَامِسَ خَمسَةٍ. قَالَ: فَصَنَعَ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُ خَامِسَ خَمسَةٍ، وَاتَّبَعَهُم رَجُلٌ، فَلَمَّا بَلَغَ البَابَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا، فَإِن شِئتَ أَن تَأذَنَ لَهُ، وَإِن شِئتَ رَجَعَ. قَالَ: لَا، بَل آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
رواه أحمد (4/ 120)، والبخاريُّ (2081)، ومسلم (2036)، والترمذيُّ (1099).
* * *
(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع
[1922]
عَن أَنَسٍ: أَنَّ جَارًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ المَرَقِ، فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طعاما، ثُمَّ جَاءَ يَدعُوهُ، فَقَالَ: وَهَذِهِ؟
ــ
وهذا المتبع لهم كان ذا حاجة، وفاقة، وجوع، واستئذان النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الدعوة في حق المتبع بيان لحاله، وتطييب لقلب المستأذن، ولو أمره بإدخاله معهم لكان له ذلك، فإنَّه صلى الله عليه وسلم قد أمرهم بذلك، وقال:(من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث، أو أربع فليذهب بخامس)(1)، والوقت كان وقت فاقة وشدِّة، وكانت المواساة واجبة إذ ذاك، والله أعلم. ومع ذلك فاستأذن صاحب المكان تطييبًا لقلبه، وبيانًا للمشروعية في ذلك؛ إذ الأصل: ألا يتصرَّف في ملك الغير أحدٌ إلا بإذنه.
و(قول أنس: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جار فارسي طيب المرق) دليل على جواز
(1) انظر تخريجه في التلخيص برقم (2254).
لِعَائِشَةَ. فَقَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا. فَعَادَ يَدعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَهَذِهِ؟ فقَالَ: لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا. ثُمَّ عَادَ يَدعُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَهَذِهِ؟ قَالَ: نَعَم - فِي الثَّالِثَةِ -. فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنزِلَهُ.
رواه أحمد (3/ 123)، ومسلم (2037)، والنسائيُّ (6/ 158).
* * *
ــ
تطييب الأطعمة، والاعتناء بها، ولا خلاف في جواز ذلك بين الأئمة، وامتناع الفارسي من الإذن لعائشة رضي الله عنها: أولى ما قيل فيه: إنه إنَّما كان صنع من الطعام ما يكفي النبي صلى الله عليه وسلم وحده؛ للذي رأى عليه من الجوع، فكأنه رأى: أن مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك يجحف بالنبي صلى الله عليه وسلم. وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم من إجابة الفارسي عند امتناعه من إذن عائشة: إنما كان - والله أعلم - لأن عائشة كان بها من الجوع مثل الذي كان بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يستأثر عليها بالأكل دونها، وهذا تقتضيه مكارم الأخلاق، وخصوصًا مع أهل بيت الرجل، ولذلك قال بعض الشعراء (1):
. . . . . . . . . . . .
…
وشِبَعُ الفتى لؤمٌ إذا جاع صاحبه (2)
وقد نبَّه مالك رحمه الله على هذا المعنى حين سُئل عن الرجل يدعو الرجل يكرمه، قال: إذا أراد فليبعث بذلك إليه يأكله مع أهله.
وفي هذين الحديثين أبواب من الفقه من تتبعها ظفر بها.
(1) القائل هو: بشر بن المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة.
(2)
هذا عجز البيت، وصدره: وكلُّهُمْ قد نال شِبْعًا لِبَطْنِهِ.