الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره
[1969]
عَن أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا دَخَلَ العَشرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَن يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيئًا.
وفي رواية: إِذَا رَأَيتُم هِلَالَ ذِي الحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَن يُضَحِّيَ، فَليُمسِك عَن شَعرِهِ وَأَظفَارِهِ.
وفي أخرى: مَن كَانَ لَهُ ذِبحٌ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الحِجَّةِ، فَلَا يَأخُذَنَّ مِن شَعرِهِ وَلَا مِن أَظفَارِهِ شَيئًا حَتَّى يُضَحِّيَ.
رواه أحمد (6/ 301)، ومسلم (1977)(39 و 41 و 42)، وأبو داود (2791)، والنسائيُّ (7/ 212)، وابن ماجه (3149).
ــ
(8)
ومن باب: إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمسَّ من شعره ولا من بَشَره شيئًا
أخذ بظاهر هذا النهي أحمد، وإسحاق، وابن المنذر؛ فمنعوا ذلك. ورأى الشافعي: أن ذلك محمله على الندب. وحكي عن مالك. والمشهور من مذهبه: أن ذلك يجوز. وهو مذهب أهل الرأي. وقال الليث: قد جاء هذا الحديث، وأكثر الناس على خلافه. وقد استدل أصحابنا على الجواز بقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم (1). وظاهر هذا العموم: أنَّه ما كان يجتنب حلق شعر، ولا قص ظُفُر ولا غيرهما. قال الطحاوي: ولما رأينا الجماع الذي يُفسد الحج
(1) أخرجه البخاري (1698)، ومسلم (1321)(359)، وأبو داود (1758)، والنسائي (5/ 171)، وابن ماجه (3094).
[1970]
وعن عَمرو بن مُسلِمِ بنِ عَمَّارٍ اللَّيثِيّ قَالَ: كُنَّا فِي الحَمَّامِ قُبَيلَ الأَضحَى، فَاطَّلَى فِيهِ نَاسٌ، فَقَالَ بَعضُ أَهلِ الحَمَّامِ: إِنَّ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ يَكرَهُ هَذَا، أَو يَنهَى عَنهُ، فَلَقِيتُ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ، فَذَكَرتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ يَا ابنَ أَخِي، هَذَا حَدِيثٌ قَد نُسِيَ وَتُرِكَ.
رواه مسلم (1977)(42).
[1971]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ.
ــ
لا يحرم على من دخل عليه العشر وأراد الأضحية، وهو أغلظ؛ كان أحرى وأولى أن لا يحرم عليه غير ذلك.
و(قوله: كنا في الحَمَّام قبيل الأضحى، فاطَّلى (1) ناسٌ). قُبيل: تصغير قبل؛ يعني به: يوم الأضحى. و (اطَّلى) يعني: بالنورة، وهو جائز للرجال والنساء؛ لأنَّه من باب إصلاح الجسد وتنظيفه، وإنما اختلف في كراهته في العشر لمن أراد أن يضحِّي؛ لأنه مما تضمنه النهي المذكور.
و(قوله: أن سعيدًا كان يكرهه) يدلّ: على أن مذهب سعيد في كراهة ذلك كان معروفًا. وهل تلك الكراهة بمعنى الحظر، أو بمعنى التنزيه؟ الأظهر منها التنزيه.
وقول سعيد: (يا ابن أخي! هذا حديث قد ترك ونسي) هذا منه إنكارٌ على من ترك العمل به. ألا ترى أن المعروف من مذهبه الكراهية؟ ! وقد حكى أبو عمر عن سعيد جواز ذلك، فيكون عنه في ذلك قولان والله تعالى أعلم.
و(قوله: لا فرع ولا عتيرة) قد فُسَّر الفَرَع في الحديث، غير أن أبا عبيد زاد فيه زيادة عن أبي عمرو، قال: الفَرَع، والفَرَعة - بفتح الراء -: هو أول ما تلده الناقة، فكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم، فنهي المسلمون عن ذلك. وقد أفرع القوم إذا بلغت إبلهم ذلك. وقال شمر: قال أبو مالك: كان الرجل في الجاهلية إذا تَمَّت
(1) في التلخيص وصحيح مسلم: "فاطَّلى فيه ناس".
وفي رواية: وَالفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانَ يُنتَجُ لَهُم فَيَذبَحُونَهُ.
رواه أحمد (2/ 229)، والبخاريُّ (5473)، ومسلم (1976)، وأبو داود (2831)، والترمذيُّ (1512)، والنسائيُّ (7/ 167)، وابن ماجه (3168).
* * *
ــ
إبله مائة قدَّم ذبحًا، فذبحه لصنمه، فذلك الفَرَع. وقد ذكر أبو عبيد أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الفَرَع فقال: (حق، وأن تتركه حتى يكون ابن مخاض، أو ابن لبون زُخزبًّا، خيرٌ من أن تكفأ إناءك وتُوَلِّه ناقتك، وتذبحه، يلصقُ لحمه بوبره)(1).
قلت: وعلى هذا: فالفَرَع هنا: إنما هو الصغير. ألا ترى أنه فسّره بذلك، ولا فرق بين أوَّل النتاج، ولا بين ما بعده. والمعروف عند أهل اللغة: أنه أول النتاج؛ لأنَّهم كانوا في الجاهلية يذبحونه لآلهتهم، فلما جاءهم الإسلام؛ ذبحوا لله تعالى، استنانًا، كما فعلوا بالعتيرة، فنهى الشرع عن ذلك بقوله:(لا فَرَع، ولا عتيرة). حكى معنى ما قلته الحربي.
وقوله في حديث أبي عبيد: (تُكفئ إناءك) جاء رباعيًّا، وقد قلنا: إن الأفصح الثلاثي. ويعني بذلك: إنك إذا ذبحت ولد الناقة انقطع لبنها، فانكفأ إناء اللَّبن؛ أي: قلب على فمه لأنه فارغ من اللَّبن.
و(قوله: وتُولِّه ناقتك) أي: تفجعها بفقد ولدها حتى تُولَّه؛ أي: يصيبها الوَلَه. وهو: خَبَلان العقل. ومنه الحديث: (لا تُولِّهُ والدة على ولدها)(2).
و(الزُخزبُّ): الغليظ، وفيه: إرشاد إلى عدم ذبح الصغير من الأنعام لقلَّة طيبه، وعدم فائدته، ولما يترتب عليه من عدم اللبن، ووَلَه الأم.
(1) ذكره أبو عبيد في غريب الحديث (1/ 419)، ورواه أحمد (2/ 183)، وأبو داود (2842)، والنسائي (7/ 168).
(2)
رواه البيهقي (8/ 4)، والبخاري في الكبير (6/ 477).