المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

[2043]

عَن أَنَسٍ قَالَ: نَادَى رَجُلٌ رَجُلًا بِالبَقِيعِ: يَا أَبَا القَاسِمِ، فَالتَفَتَ إِلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَم أَعنِكَ، إِنَّمَا دَعَوتُ فُلَانًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَسَمَّوا بِاسمِي، وَلَا تَكَنَّوا بِكُنيَتِي.

رواه أحمد (2/ 248)، والبخاريُّ (3539)، ومسلم (2134)، وأبو داود (4965)، والترمذيُّ (2844)، وابن ماجه (3735).

ــ

(2)

ومن باب تسمَّوا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي

قوله صلى الله عليه وسلم: (تسمَّوا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي) صدر هذا القول عن النبي صلى الله عليه وسلم مرات؛ فعلى حديث أنس إنما قاله حين نادى رجل: يا أبا القاسم! فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: لم أعنك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك القول. وهذه حالة تنافي الاحترام، والتعزير المأمور به، فلمَّا كانت الكناية بأبي القاسم تؤدي إلى ذلك نهى عنها. ويتأيد هذا المعنى بما نقل: أنَّ اليهود كانت تناديه بهذه الكناية إزراءً، ثم تقول: لم أعنك. فحسم الذريعة بالنَّهي. فإن قيل: فيلزم على هذا: أن تُمنع التَّسمية بمحمد، وقد فرَّق بينهما، فأجازه في الاسم، ومنعه في الكناية.

فالجواب: أنَّه لم يكن أحدٌ من الصحابة يجترئ أن يناديه باسمه؛ إذ الاسم لا توقير بالنداء به، بخلاف الكناية فإنَّ في النداء بها احترامًا وتوقيرًا، وإنما كان يناديه باسمه أجلاف العرب، ممن لم يؤمن، أو آمن ولم يرسخ الإيمان في قلبه، كالذين نادوه من وراء الحجرات: يا محمد! اخرج لنا. فأنزل الله تعالى فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلُونَ} فمنعت الذريعة فيما كانوا ينادونه به، وأبيح ما لم يكونوا ينادونه به. وعلى هذا المعنى فيكون النهي عن

ص: 456

[2044]

وعَن جَابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ قَالَ: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا، فَقُلنَا: لَا نَكنيكَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَستَأمِرَهُ. قَالَ: فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَسَمَّيتُهُ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَإِنَّ قَومِي أَبَوا أَن يَكنُونِي بِهِ حَتَّى تَستَأذِنَ رَسُولَ اللَّه. فَقَالَ: تسَمَّوا بِاسمِي، وَلَا تَكَنَّوا بِكُنيَتِي، فَإِنَّمَا بُعِثتُ قَاسِمًا أَقسِمُ بَينَكُم.

ــ

ذلك مخصوصًا بحياته. وقد ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم. وقد رُوي: أن عليًّا رضي الله عنه قال: يا رسول الله! إن وُلد بعدك غلامٌ أَأُسَمِّيه باسمك، وأكنِّيه بكنيتك؟ . قال:(نعم)(1).

وأما حديث جابر فيقتضي: أن النهي عن ذلك إنما كان لأن ذلك الاسم لا يصدق على غيره صدقه عليه، ولذلك قال متصلًا بقوله:(تسمَّوا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي، فإني أنا أبو القاسم أقسم بينكم) وفي الرواية الأخرى: (فإنما بعثت إليكم قاسِمًا) يعني: أنه هو الذي يبين قسم الأموال في المواريث، والغنائم، والزكوات، والفيء، وغير ذلك من المقادير، فيُبلِّغ عن الله حكمه، ويبيِّن قسمه. وليس ذلك لأحدٍ، إلا له، فلا يطلق هذا الاسم في الحقيقة إلا عليه.

وعلى هذا التأويل الثاني: فلا يكتني أحدٌ بأبي القاسم، لا في حياته، ولا بعد موته. وإلى هذا ذهب بعض السَّلف، وأهل الظاهر، وزادت طائفة أخرى من السَّلف منع التسمية بالقاسم؛ لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم. وذهبت طائفة ثالثة من السلف أيضًا: إلى أن الممنوع إنما هو الجمع بين اسمه وكنيته. واستدلوا على ذلك بما رواه الترمذي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع أحدٌ بين اسمه وكنيته، ويسمِّي محمدًا أبا القاسم) (2) قال: حديث حسن صحيح. وعلى هذا

(1) رواه أبو داود (4967)، والترمذي (2846).

(2)

رواه الترمذي (2841).

ص: 457

وفي رواية: فإني أنا أبو القاسم أقسم بينكم.

رواه البخاريُّ (3538)، ومسلم (2133)(3 و 4 و 5)، وأبو داود (4965)، والترمذي (2845)، وابن ماجه (3736).

[2045]

وعنه: أَنَّ رَجُلًا مِن الأَنصَارِ وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ فَأَرَادَ أَن يُسَمِّيَهُ مُحَمَّدًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أَحسَنَت الأَنصَارُ، سَمُّوا بِاسمِي وَلَا تَكتَنُوا بِكُنيَتِي.

رواه مسلم (2133)(6).

ــ

فيجوز أن يكتني بأبي القاسم من لم يكن اسمه محمدًا. وذهب الجمهور من السلف والخلف، وفقهاء الأمصار: إلى جواز كل ذلك، فله أن يجمع بين اسمه وكنيته، وله أن يسمي بما شاء من الاسم والكنية بناء على أن كل ما تقدَّم إما منسوخ، وإما مخصوص به صلى الله عليه وسلم واحتجوا على ذلك بما رواه الترمذي وصححه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني ولدتُ غلامًا فسميته: محمدًا، وكنيته بأبي القاسم، فذكر لي أنك تكره ذلك. فقال:(ما الذي أحل اسمي وحرَّم كُنيتي؟ ! ) أو: (ما الذي حرم كُنيتي وأحل اسمي؟ ! )(1) ويتأيَّد النَّسخ بما ثبت (2): أن جماعة كثيرة من السَّلف وغيرهم سمُّوا أولادهم باسمه، وكنّوهم بكنيته جمعًا وتفريقًا. وكأن هذا كان أمرًا معروفًا معمولًا به في المدينة وغيرها. فقد صارت أحاديث الإباحة أولى؛ لأنَّها:

إما ناسخة لأحاديث المنع، وإما مرجحة بالعمل المذكور، والله تعالى أعلم.

وقد شذَّت طائفة فمنعوا التسمية بمحمد جملة متمسكين بذلك بما يروى عن

(1) رواه أبو داود (4968).

(2)

زيادة من (ز).

ص: 458

[2046]

وعنه: وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلَامٌ؛ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقُلنَا: لَا نَكنِيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلَا نُنعِمُكَ عَينًا. فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَسمِ ابنَكَ عَبدَ الرَّحمَنِ.

رواه مسلم (2133)(7).

ــ

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تسمُّون أولادكم محمدًا، ثم تلعنونهم)(1) وبما كتب عمر رضي الله عنه إلى الكوفة من قوله: (لا تسمُّوا أحدًا باسم نبي)(2) وبأمره جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم محمدًا، ولا حجَّة في شيء من ذلك. أما الحديث: فغير معروف عند أهل النقل، وعلى تسليمه فمقتضاه النهي عن لعن من اسمه محمد (3)، لا عن التسمية به. وقد قدَّمنا النصوص الدالة على إباحة التسمية بذلك، بل: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدلُّ على الترغيب، في التسمية بمحمد؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:(ما ضرَّ أحدكم أن يكون في بيته محمد، ومحمدان)(4) وكقوله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في مشورة فيهم رجل اسمه محمد فلم يدخلوه فيها إلا لم يبارك لهم فيها)(5) ومثله كثير. وأما أمر عمر رضي الله عنه: فكان بسبب: أنه سمع رجلًا يقول لابن أخيه محمد بن زيد بن الخطاب: فعل الله بك يا محمد، وصنع بك. فدعا عمر به، وقال: ألا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسبُّ بك! والله! لا تدعى

(1) رواه البزار كما في كشف الأستار (1987)، وأبو يعلى (3386). وانظر: مجمع الزوائد (8/ 48).

(2)

رواه أبو جعفر الطبري كما في "الشفا" للقاضي عياض (4702).

(3)

وكذا اللعن منهيٌّ عنه بشكلل عام أيًّا كان الاسم.

(4)

رواه ابن سعد في الطبقات (5/ 38).

(5)

ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 156). قال ابن عدي: هذا حديث غير محفوظ، وأحمد الشامي هو عندي ابن كنانة، وهو منكر الحديث. قال أبو عروبة: وعثمان الطرائفي عنه عجائب، يروي عن مجهولين.

ص: 459

[2047]

وعَن المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمتُ نَجرَانَ سَأَلُونِي فَقَالَوا: إِنَّكُم تَقرَءُونَ: يَا أُختَ هَارُونَ، وَمُوسَى قَبلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا قَدِمتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلتُهُ عَن ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنَّهُم كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنبِيَائِهِم وَالصَّالِحِينَ قَبلَهُم.

رواه مسلم (2135)، والترمذي (3154).

* * *

ــ

محمدًا أبدًا، وعند ذلك - والله تعالى أعلم - كتب لأهل الكوفة، وأمر أهل المدينة بما سبق، ثم إنه ذكر له جماعة سمَّاهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. فترك الناس من ذلك (1).

تنبيه: الأصل في الكناية أن يكون للرجل ابن فيُكنى باسم ابنه ذلك، ولذلك كني النبي صلى الله عليه وسلم بأبي القاسم، فإنَّه كان له ولدٌ يسمى: القاسم من خديجة رضي الله عنها، وكأنه كان أوَّل ذكور أولاده. وعلى هذا: فلا ينبغي أن لا يكنى أحدٌ حتى يكون له ولدٌ يُكنى باسمه، لكن: قد أجاز العلماء خلاف هذا الأصل، فكنَّوا من ليس له ولدٌ، لحديث عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: كلُّ صواحباتي لهن كنى، وليس لي كنية، فقال:(اكتني بابن أختك عبد الله) فكانت تكتني بأمِّ عبد الله (2). وقد كنَّى النبي صلى الله عليه وسلم الصغير، فقال:(يا أبا عمير! ما فعل النُّغير (3)) وقد قال عمر رضي الله عنه: عجلوا بكنى أبنائكم وأولادكم (4)؛ لا تسرع إليهم ألقاب السَّوء.

وحديث المغيرة يدلُّ: على أن مريم صلوات الله عليها؛ إنما سُميت أخت

(1) رواه محمد بن سعد كما في الشفا (2/ 470).

(2)

رواه البخاري في الأدب المفرد (850 و 851)، وابن سعد (8)(63 و 64)، والطبراني (23/ 36 و 37).

(3)

رواه أحمد (3/ 212)، والبخاري (6203)، ومسلم (659)، والترمذي (333).

(4)

ليست في (ج 2).

ص: 460