الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه
[1860]
عن أَبي الطُّفَيلِ عَامِر بن وَاثِلَةَ قَالَ: كُنتُ عِندَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ، وَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إِلَيَّ شَيئًا يَكتُمُهُ النَّاسَ، غَيرَ أَنَّهُ قَد حَدَّثَنِي
ــ
(12)
ومن باب لعن من ذبح لغير الله
(قول علي رضي الله عنه للسائل: ما كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إلي شيئًا يكتمُه النَّاسَ)، وفي لفظ آخر:(ما خصَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيءٍ لم يَعُمَّ به النَّاسَ)(1) رد وتكذيب للفِرَق الغالية فيه - وهم: الشيعةُ، والإماميةُ، والرافضةُ - الزاعمين أن النبي صلى الله عليه وسلم وصَّى لعلي، وولاه بالنَّصِّ، وأسرَّ إليه دونَ الناس كلهم بعلومٍ عظيمةٍ، وأمورٍ كثيرةٍ. وهذه كلها منهم أكاذيبُ، وتُرَّهات، وتمويهات، يشهد بفسادها نصوصُ متبوعهم، وما تقتضيه العاداتُ من انتشار ما تدعو إليه الحاجةُ العامَّةُ.
وغضبُ علي على ذلك دليلٌ على أنَّه لا يرتضي شيئًا مما قيل هنالك.
وإنما استحقَّ لاعنُ أبويه لعنةَ الله لمقابلته نعمةَ الأبوين بالكُفران، وانتهائه إلى غاية العُقوق والعِصيان، كيف لا وقد قَرَن الله بِرَّهُما بعبادته وإن كانا كافرين بتوحِيده وشريعته.
وأما لعن مَن ذَبَح لغير الله؛ فإن كان كافرًا يذبحُ للأصنام فلا خفاءَ بحاله، وهي التي أُهِلَّ بها لغير الله، والتي قال الله تعالى فيها:{وَلا تَأكُلُوا مِمَّا لَم يُذكَرِ اسمُ اللَّهِ عَلَيهِ} على ما تقدَّم. وأما إن كان مسلمًا فيتناوله عمومُ هذا اللعن، ثم لا تَحِل ذبيحتُه؛ لأنه لم يقصد بها الإباحة الشرعية، وقد تقدَّم أنها شرط
(1) هو رواية في مسلم رقم (1978)(45).
بِكَلِمَاتٍ أَربَعٍ، فَقَالَ: مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ؟ قَالَ: قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَن لَعَنَ وَالِدَيه، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن ذَبَحَ لِغَيرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن آوَى مُحدِثًا، وَلَعَنَ اللَّهُ مَن غَيَّرَ مَنَارَ الأَرضِ.
رواه مسلم (1978)(43)، والنسائي (7/ 232).
* * *
ــ
في الذكاة. ويُتَصوَّر ذبح المسلم لغير الله فيما إذا ذبح عابثًا، أو مُجرِّبًا لآلةِ الذبح، أو للَّهوِ، ولم يقصد الإباحة، وما أشبه هذا. وقد تقدم الكلام على لعن من آوى محدثًا في الحج.
و(منار الأرض) هي التخوم، والحدود التي بها تتميَّز الأملاك. والمغيِّر لها: إن أضافها إلى ملكه فهو غاصبٌ، وإن لم يضفها إلى ملكه فهو متعدٍّ ظالِمٌ مفسدٌ لِمُلك الغير. وقد قال صلى الله عليه وسلم:(من غصب شبرًا من الأرض طوَّقه يوم القيامة من سبع أرضين)(1). وقد حمل أبو عبيد هذا الحديث على تغيير حدود الحرم، ولا معنى للتخصيص، بل هو عام في كل الحدود والتخوم. والله تعالى أعلم.
* * *
(1) رواه أحمد (1881)، وأبو داود (4772)، والترمذي (1419 و 1421)، والنسائي (7/ 115 - 116)، وابن ماجه (2580).