الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1913]
وعن سلمة بن الأكوع: أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِمَالِهِ فَقَالَ: كُل بِيَمِينِكَ. قَالَ: لَا أَستَطِيعُ. قَالَ: لَا استَطَعتَ. مَا مَنَعَهُ إِلَّا الكِبرُ. قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.
رواه أحمد (4/ 45)، ومسلم (2021).
* * *
(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع
[1914]
عن عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كُنتُ فِي حَجرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَت يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحفَةِ، فَقَالَ لِي: يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُل بِيَمِينِكَ، وَكُل مِمَّا يَلِيكَ.
ــ
و(قوله صلى الله عليه وسلم للذي قال له: كل بيمينك، فقال: لا أستطيع، فقال: لا استطعت) دعاء منه عليه؛ لأنَّه لم يكن له في ترك الأكل باليمين عذر، وإنما قصد المخالفة، وكأنه كان منافقًا. والله تعالى أعلم. ولذلك قال الراوي: وما منعه إلا الكبر. وقد أجاب الله تعالى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الرجل، حتى شُلَّت يمينه، فلم يرفعها لفيه بعد ذلك اليوم.
و(قول عمر بن أبي سلمة: كنت في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم)، هو بفتح الحاء: الحضانة، وبالكسر: الاسم. ومنه: حجر الثوب، والحجر: الحرام، بالكسر أيضًا.
و(قوله: كانت يدي تطيش في الصَّحفة) أي: تخف وتسرع، وقد دلَّ عليه قوله في الرواية الأخرى:(فجعلت آخذ من لحم حول القصة).
و(قوله: يا غلام! سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) فيه تعليم
وفي رواية: أَكَلتُ يَومًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلتُ آخُذُ مِن لَحمٍ حَولَ الصَّحفَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُل مِمَّا يَلِيكَ.
رواه أحمد (4/ 26)، والبخاري (5376)، ومسلم (2022)(108 و 109)، وابن ماجه (3267).
ــ
الصبيان ما يحتاجون إليه من أمور الدين وآدابه. وهذه الأوامر كلها على الندب؛ لأنَّها من المحاسن المكمِّلة، والمكارم المستحسنة. والأصل فيما كان من هذا الباب: الترغيب، والنَّدب.
و(قوله: كل مما يليك) سُنَّة متفق عليها، وخلافها مكروه شديد الاستقباح، لكن إذا كان الطعام نوعًا واحدًا. وسبب ذلك الاستقباح: أنَّ كل آكل كالحائز لما يليه من الطعام، فآخذ الغير له تعدٍّ عليه مع ما في ذلك من تقزز النفوس ما خاضت فيه الأيدي والأصابع، ولما فيه من إظهار الحرص على الطعام، والنَّهم. ثم هو سوء أدب من غير فائدة إذا كان الطعام نوعًا واحدًا. وأما إذا اختلفت أنواع الطعام فقد أباح ذلك العلماء؛ إذ ليس فيه شيء من تلك الأمور المستقبحة.
وكونه صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع: أدب حسن، وسنة جميلة؛ لأنَّها تشعر بعدم الشَّرَه في الطعام، وبالاقتصار على ما يحتاج إليه من غير زيادة عليه، وذلك أن الثلاث الأصابع يستقل بها الظريف الخبير. وهذا فيما يتأتى فيه ذلك من الأطعمة، وأما ما لا يتأتى ذلك فيه استعان عليه بما يحتاج إليه من أصابعه.
ولعقه صلى الله عليه وسلم أصابعه الثلاثة، وأمره بذلك يدل: على أنه سُنَّة مستحبة. وقد كرهه بعض العامة، واستقذره، وقوله بالكراهة والاستقذار أولى من سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، ولو سكت الجهال قلَّ الخلاف. وفائدة اللَّعق احترام للطعام،
(1) المقصود بهذه العبارة: أن قول من أنكر سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرهها واستقذرها، قوله هذا أولى بالكراهة والاستقذار.