الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي أخرى: قال أنس: فَمَا صُنِعَ لِي طَعَامٌ بَعدُ أَقدِرُ عَلَى أَن يُصنَعَ فِيهِ دُبَّاءٌ إِلَّا صُنِعَ.
رواه البخاريُّ (2092)، ومسلم (2041)(144 و 145)، وأبو داود (3782)، والترمذيُّ (1850).
* * *
(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب
[1928]
عن أَنَس بن مَالِكٍ قَالَ: رَأَيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُقعِيًا يَأكُلُ تَمرًا.
رواه أحمد (3/ 180)، مسلم (2044)(148)، وأبو داود (3771).
ــ
و(قول أنس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقعيًا، يأكل تمرًا) الإقعاء: جلسة المستوفز على أطراف أليتيه. مأخوذ من إقعاء السبع. وقد تقدم في كتاب الصلاة. وهو معنى قوله في الرواية الأخرى: (وهو محتفز) بالزاي؛ أي: مستعجل، غير متمكِّن. وإنما كان يأكل كذلك لعدم نهمه، وقلَّة مبالاته بأكله؛ إذ لم تكن همته فيما يجعل في بطنه، وإنما كان يأكل القليل من الطعام عند الحاجة، وعلى جهة التواضع، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(أما أنا فلا آكل متكئًا، ولكن آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)(1).
(1) رواه أحمد (4/ 308 و 309)، والبخاري (5399)، وأبو داود (3769)، والترمذي (1830)، وابن ماجه (3262).
[1929]
وعنه، قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمرٍ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقسِمُهُ - وَهُوَ مُحتَفِزٌ - يَأكُلُ مِنهُ أَكلًا ذَرِيعًا.
وفي رواية: أكلا حثيثا.
رواه مسلم (2044)(149).
[1930]
وعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ بُسرٍ قَالَ: نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي، قَالَ: فَقَرَّبنَا إِلَيهِ طَعَامًا وَوَطبَةً، فَأَكَلَ مِنهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمرٍ، فَكَانَ يَأكُلُ منه
ــ
و(قوله: فقدَّمنا إليه طعامًا ووطبة) كذا في كتاب أبي عيسى؛ بسكون الطاء، وباء بواحدة.
قلت: وهي مؤنثة الوطب، وهي: قربة اللبن. وكأنه قدَّم له هذه القربة ليشرب منها.
وعند أبي بحر، وقرئ عليه: ووطيئة - بكسر الطاء، والهمزة المفتوحة - قال ابن دريد: الوطيئة: التمر يستخرج نواه، ويعجن بالسمن. قال ثابت: هو طعام للعرب يتخذ من تمر أراه كالحيس.
قلت: وقد فسَّر القتبي الوطيئة بغير هذا. قال في حديث: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك، فأخرج لنا ثلاث أكل من وطيئة (1). قال: والوطيئة: الغرارة، والأكل: اللقم.
و(قوله: أكلًا ذريعًا) أي: كثيرًا. و (حثيثًا): أي: مستعجلًا. وحاصلهما: أنَّه كان يأكل أكلًا لا تصنُّع فيه، ولا رياء، ولا كبر؛ فإذا احتاج إلى الإكثار أكل، وإذا حفزه أمرٌ استعجل، لكنه ما كان يخرج عن أدب، ولا يفعل شيئًا غير مستحسن صلى الله عليه وسلم.
(1) رواه أبو داود (204)، وابن ماجه (1041) مختصرًا عن ابن مسعود، وانظر النهاية لابن الأثير (5/ 202).
وَيُلقِي النَّوَى بَينَ إِصبَعَيهِ، وَيَجمَعُ السَّبَّابَةَ وَالوُسطَى، ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَن يَمِينِهِ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي - وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ -: ادعُ اللَّهَ لَنَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِك لَهُم فِيمَا رَزَقتَهُم، وَاغفِر لَهُم وَارحَمهُم.
رواه أحمد (4/ 188)، ومسلم (2042)، وأبو داود (3729)، والترمذيُّ (3576)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (292 و 293).
[1931]
وعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ جَعفَرٍ قَالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأكُلُ القِثَّاءَ بِالرُّطَبِ.
رواه البخاريُّ (5440)، ومسلم (2043)، وأبو داود (3835)، والترمذي (1845)، وابن ماجه (3325).
* * *
ــ
و(كونه صلى الله عليه وسلم يلقي النوى بين السَّبابة والوسطى) مبين: أنَّه يجوز تصريف الإصبعين لذلك، لئلا يظن: أنَّه لا يجوز تصريف السَّبابة إلا مع الإبهام؛ لأنَّه الأمكن، والذي جرت به العادة. وإلقاء النوى خارجًا عنهم تعليم لاجتناب إلقائها بين أيدي الآكلين؛ لأنَّ ذلك مِمَّا يستكره، ويستقذر. وقد تقدَّم التنبيه على سُنَّة مناولة الشراب على اليمين.
وفي هذه الأحاديث: جواز أكل الطيبات من الأطعمة، والحلاوة الحلال، وجمع ذلك في وقت واحد خلافًا لمن كرهه من المتقشفين. وكان صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرُّطب، ويقول:(أكسر حرّ هذا ببرد هذا)(1).
وفيه دليل على جواز مراعاة صفات الأطعمة، وطبائعها، واستعمالها على الوجه الأليق بها، كما يقوله الأطباء. والله تعالى أعلم.
(1) رواه أبو داود (3836) وفيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل البطيخ بالرطب، عن عائشة رضي الله عنها، وانظر فتح الباري (9/ 573).