المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

[1800]

عَن أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: اذهَب فَاضرِب عُنُقَهُ. فَأَتَى عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: اخرُج، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، فَأَخرَجَهُ، فَإِذَا هُوَ مَجبُوبٌ لَيسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ لَمَجبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ.

رواه أحمد (1/ 83)، و (3/ 281)، ومسلم (2771).

[1801]

وعَن أَبِي هُرَيرَةَ: عَن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: العَجمَاءُ جَرحُهَا جُبَارٌ، وَالبِئرُ جُبَارٌ، وَالمَعدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمسُ.

ــ

(12)

ومن باب: الجُبَار الذي لا دية فيه

(قوله: العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس) هكذا جاء هذا الحديث بمجموع هذه الأمور. فظاهره: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها في وقت واحد متصلة مجموعة، فيكون فيه حجَّة لمالك على أبي حنيفة: في أن الركاز ليس هو المعدن؛ إذ قد عدل عن لفظ المعدن إلى اسم آخر في مساق واحد، وذكره بعده. فلو كان الركاز هو المعدن لقال: والمعدن جُبار وفيه الخمس. وكان يكون أيسر، وأفصح، وأبعد عن الإشكال، بل لو ذكر لفظ المعدن نفسه بدل الرِّكاز فقال: وفي المعدن الخمس؛ لكان مستقبحًا عند الفصحاء، فإنَّه وضع الظاهر موضع المضمر من غير فائدة، ولا تفخيم، بل مع ما يجرُّه من اللَّبس. وهذا النوع من الكلام ركيك، ويُجَلُّ كلام الشارع أن يحمل عليه. ويحتمل

ص: 143

رواه أحمد (2/ 239)، والبخاريُّ (6912)، ومسلم (1710)(45)، وأبو داود (3085)، والترمذيُّ (1377)، والنسائي (5/ 44)، وابن ماجه (2673).

* * *

ــ

أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذه الأمور في أوقات مختلفة، فجمعها الرَّاوي، وساقها سياقة واحدة، وحينئذ لا يكون فيه حجَّة على ما ذكرناه، لكن الظاهر الأول، والله تعالى أعلم.

و(الجُبار): الذي لا قود فيه، ولا دية، ولا شيء. وهو بضم الجيم، على وزن: غُرَاب. و (العجماء) - ممدودة، مهموزة-: اسم جنس لجميع البهائم، سُمِّيت بذلك لأنَّها لا تنطق. فظاهر قوله:(العَجمَاء جرحها جُبار) أن ما انفردت البهيمة بإتلافه لم يكن فيه شيء، وهذا مُجمعٌ عليه. فلو كان معها قائد، أو سائق، أو راكب، فحملها أحدهم على شيء فأتلفته لزمه حكم المُتلَف. فإن كانت جناية مضمونة بالقصاص، وكان الحمل عمدًا؛ كان فيه القصاص. ولا يختلف فيه؛ لأنَّ الدَّابة كالآلة. وإن كان عن غير قصد كانت فيه الدية على العاقلة. وفي الأموال الغرامة في مال الجاني قصدًا كان أو غير قصد. وهذا كلُّه لا يختلف فيه إن شاء الله تعالى.

واختلفوا فيما أصابته برجلها أو ذنبها. فلم يُضمِّن مالك، والليث، والأوزاعي صاحبها، وضَمَّنه الشافعي، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة. واختلفوا في الضَّارِيَة. فجمهورهم على أنَّها كغيرها. ومالك وبعض أصحابه يُضَمِّنُونَه.

واختلفوا فيما رعت المواشي. فضَمَّن مالك ربَّها ما أفسدته ليلًا دون ما أفسدته نهارًا. وبه قال الشافعي، والجمهور. ومعتمد التفرقة: أن على أرباب الحوائط والمراعي حفظها نهارًا؛ إذ غالب المواشي أنَّها تسرح فيه، ولا تنضبط، وعلى أرباب المواشي حفظها بالليل، فكأن رعي النهار تمكين من أرباب الزروع للماشية من الرَّعي، ورَعي الليل تسليط من أرباب المواشي على الرَّعي. وقال أبو حنيفة:

ص: 144

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا ضمان فيما رعته المواشي ليلًا ولا نهارًا تمسُّكًا منه بالحديث. وهذا إنما يليق بأهل الظاهر لا بأبي حنيفة. وقال الليث، وسحنون: يضمن ما رعت نهارًا.

و(قوله: والبئر جُبار) يعني: إذا حفرها الإنسان في ملكه على الوجه الجائز. فلو حفرها في ملك غيره بغير إذنه، أو في طريق فهلك فيها شيء؛ ضمنه عند مالك، والشافعي. فإن هلك فيها إنسان كانت ديته على الجاني. وكذلك لو حفرها لسارق؛ فهلك فيها. وقال الليث: لا دية فيه ولا ضمان. وكذلك الحكم في المعدن. فلو انهار المعدن على العملة؛ فإن كان ربُّ المعدن قد غرَّهم؛ كانت دياتهم على عاقلته، وإن لم يَغرَّهُم فهلكوا فيه؛ لم يلزمه شيء ولا عاقلته.

والركاز عند مالك هو: ما يوجد (1) من دفين الجاهلية. فخمسه لبيت مال المسلمين، وأربعة أخماسه لواجده. وهل هذا حُكم كل ركاز. أو يختلف ذلك بحسب نوعه وأرضه؟ فيه خلاف بين أصحابنا وغيرهم. وكله مذكور في كتبهم.

و(قوله في حديث أنس: أن رجلًا كان يُتهم بأمِّ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذه مارية أمّ إبراهيم، ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها رجل قبطي، فتكلم المنافقون في ذلك وشنَّعوا، فأظهر الله براءتها بما ظهر من حال الرَّجل - وهذا نحو مِمَّا جرى لعائشة رضي الله عنها حتَّى برَّأها الله تعالى، وأظهر من حال المرمي أنَّه حصور. كل ذلك مبالغةٌ في صيانة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإظهار تكذيب من تَفَوَّهَ بشيء من ذلك.

و(قوله صلى الله عليه وسلم لعلي: اذهب فاضرب عنقه) في هذا اللفظ إشكال، وهو: أنَّه صلى الله عليه وسلم كيف يأمر بضرب عنق هذا الرجل ولم يكن هناك موجبٌ للقتل، وقد ظهر ذلك حين انكشف حال الرَّجل؟ ويزول هذا الإشكال: بأن هذا الحديث رواه

(1) في (ل 1) و (م 3) و (ج 2): يؤخذ.

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبو بكر البزار، فساق فيه أكمل من هذا، وأوضح، فقال فيه: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كثر على مارية في قبطي ابن عم لها كان يزورها، ويختلف إليها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(خذ هذا السيف فانطلق، فإن وجدته عندها فاقتله) قال: قلت: يا رسول الله! أكون في أمرك كالسِّكة المحماة، لا يثنيني شيء، حتى أمضي لما أمرتني، أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال:(بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب)(1)، وذكر الحديث بنحو ما تقدم. فهذا يدلّ على أن أمره بقتله إنَّما كان بشرط أن يجده عندها على حالة تقتضي قتله. ولما فَهِمَ عنه علي ذلك سأله، فبيَّن له بيانًا شافيًا، فزال ذلك الإشكال، والحمد لله ذي الجلال. ويحتمل أن يقال: إن ذلك خرج من النبي صلى الله عليه وسلم مخرج التغليظ والمبالغة في الزجر على موجب الغيرة الجِبِلِّيَّة. والأول أليق وأسلم. والله بحقائق الأمور أعلم.

وفيه من الفقه: إعمال النظر، والاجتهاد، وترك الجمود على الظواهر، وأنَّه يجوز الاطلاع على العورة عند الضرورة، كتحمُّل شهادة الزنى، كما صار إليه مالك.

* * *

(1) رواه البزار كما في كشف الأستار (1491)، وانظر: مجمع الزوائد (4/ 329).

ص: 146