الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رواية: فانطلق به وفي عنقه نسعة يجرها، فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القاتل والمقتول في النار فأتى رجل الرجل فقال له مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلى عنه، قال ابن أشوع: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سأله أن يعفو عنه فأبى.
رواه مسلم (1680)(22 و 23)، وأبو داود (4499 - 4501)، والنسائي (7/ 15 و 16).
* * *
(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين
[1772]
عن أَبي هُرَيرَةَ قَالَ: اقتَتَلَت امرَأَتَانِ مِن هُذَيلٍ، فَرَمَت إِحدَاهُمَا الأُخرَى بِحَجَرٍ،
ــ
بين أن يأخذوا العقل، وبين أن يقتلوا) (1)، وهذا نصَّ في التخيير. وبيان الأرجح يستدعي تطويلًا. وبسطه في كتب الخلاف.
(9)
ومن باب: دية الخطأ على عاقلة القاتل وما جاء في دية الجنين
(قوله: اقتتلت امرأتان من هذيل - وفي أخرى -: من بني لحيان، فرمت إحداهما الأخرى بحجر). وفي حديث المغيرة: ضربتها بعمود فسطاط (2).
(1) رواه البخاري (4295)، ومسلم (1354)، والترمذي (809 و 1406)، والنسائي (5/ 205 و 206).
(2)
رواه مسلم (1682)(38).
فَقَتَلَتهَا وَمَا فِي بَطنِهَا، فَاختَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ، عَبدٌ، أَو وَلِيدَةٌ،
ــ
لا تباعد بينهما؛ إذ يحتمل أن تكون جمعت ذلك عليها، فأخبر أحدهما بإحدى الآلتين، والثاني بالأخرى.
و(قوله: فقتلتها وما في بطنها) ظاهر العطف بالفاء: أن القتل وقع عقب الضرب، وليس كذلك لما رواه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرة - عبد أو وليدة - ثمَّ: إن المرأة توفيت) (1)، وهذا نصٌّ في تأخر موتها عن وقت الضرب. وفي هذه الرواية أيضًا: بيان أن الجنين خرج ميتًا. والأولى محتملة لأن يكون خرج، ولأن يكون لم يخرج، لكنه مات، وبينهما فرقان، فإنَّه إذا مات في بطنها ولم يخرج فلا شيء فيه عند كافة العلماء؛ لأنَّه لم تتحقق حياته، ولأنَّه كالعضو منها، ولم ينفصل عنها، فلا شيء فيه. وأجمع أهل العلم: على أن في الجنين الذي يسقط من ضرب أمه حيًّا، ثم يموت؛ الدِّية كاملة في الخطأ وفي العمد بعد القسامة. وقيل: بغير قسامة، لكن اختلفوا فيما به تُعلم حياته. وقد اتفقوا: على أنه إذا استهل صارخًا، أو ارتضع، أو تنفس نفسًا محققًا حي، فيه الدِّية كاملة. واختلفوا فيما إذا تحرَّك. فقال الشافعي، وأبو حنيفة: حركته تدل على حياته. وقال مالك: لا؛ إلا أن يقارنها طول إقامة. وسببه اختلاف شهادة الحركة في الوجود للحياة.
و(قوله: فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن دية جنينها غرة - عبد، أو وليدة). قضى: حكم وألزم. و (غرة - عبد أو وليدة -) روي: (غرة) - بالتنوين - ورفع (عبدٌ) على البدل. وروي بغير تنوين وخفض عبد بالإضافة. ومعناهما متفاوت (2) وإن اختلف توجيههما النحوي.
(1) رواه أحمد (2/ 535)، والبخاري (6910)، ومسلم (1681).
(2)
في (ج 2): تقارب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و(قوله: أو وليدة) معطوف على (عبد) رفعًا وخفضًا. و (أو) فيه للتنويع، أو للتخيير، لا للشكِّ. وكذلك فهمه مالك وغيره. ويعني بالوليدة: الأمَة. وقد جاء في بعض ألفاظه: (أو أمة) مكان: (وليدة). وغرَّة المال: خياره. قال ابن فارس: غرة كل شيء: أكرمه وأنفسه. وقال أبو عمرو (1): معناه: الأبيض. ولذلك سميت: غرة. فلا يؤخذ فيها أسود. ولذلك: اختار مالك أن تكون من الحُمر. ومقتضى مذهب مالك: أنَّه مخيَّر بين إعطاء غرة، أو عُشر دية الأمِّ، من نوع ما يجري بينهم؛ إن كانوا أهل ذهب فخمسون دينارًا، أو أهل ورق فستمائة درهم، أو خمس فرائض من الإبل. وقيل: لا يعطى من الإبل. وعلى هذا في قيمة الغرة الجمهور. وخالف الثوري، وأبو حنيفة، فقالا: الغرة خمسمائة درهم؛ لأنَّ دية أمِّه عندهم خمسة آلاف درهم. وعمدة الجمهور في تقويم الغرَّة بما ذكر قضاء الصحابة بذلك. وذهب بعض السَّلف؛ منهم: عطاء، ومجاهد، وطاووس: إلى غرة عبد، أو وليدة، أو فرس. وقال بعضهم: أو بغل. وقال ابن سيرين: عبد، أو وليدة، أو مائة شاة. ومتمسك هؤلاء ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد، أو أمة، أو فرس، أو حمار، أو بغل. وفي بعض طرقه: خمسمائة شاة (2). وهو وهمٌ. وصوابه: مائة شاة. وفي مسند الحارث بن أبي أسامة: في الجنين غرَّة عبد، أو أمة، أو عشر من الإبل، أو مائة شاة (3). خرَّجه من حديث حمل بن مالك (4). والصحيح: ما خرَّجه مسلم. وقال داود
(1) هو أبو عمرو بن العلاء، من أئمة اللغة والأدب، وأحد القراء السبعة. مات بالكوفة سنة (154 هـ).
(2)
رواه أبو داود (4579).
(3)
رواه الحارث بن أبي أسامة كما في (المطالب العالية رقم 1855) وفيه: عشرون من الإبل.
(4)
في المطالب العالية: حَمَل بن النابغة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصحابه: كل ما وقع عليه اسم (غرة) يجزئ. وأقل سن الغرَّة عند الشافعي سبع سنين في أحد قوليه.
وقد شذَّت شرذمة فقالوا: لا شيء في الجنين. وهي محجوجةٌ بكل ما تقدم في الباب، وبإجماع الصحابة على أن فيه حكمًا، وبحديث المغيرة الآتي بعده.
و(قوله: فطرحت جنينها)(1)، وفي اللفظ الآخر:(سقط ميتًا)(2). والجنين: اسم لما يجتنُّ في بطن المرأة [من الولد](3). والمتفق على اعتباره من أحواله أن يزايل أُمَّه وهو تامُّ التصوير والتخطيط.
واختلف فيما قبل ذلك من كونه: علقة، أو مضغة؛ هل يعتبر أم لا؟ فعندنا وعند أبي حنيفة: يعتبر. وعند الشافعي: لا، حتى يتبيَّن شيء من خلقه وتصويره، ولا فرق بين أن يكون ذكرًا، أو أنثى؛ إذ كل واحد منهما يسمَّى جنينًا، وكأن الشرع قصد بمشروعية الغرَّة في الجنين دفع الخصومة والتنازع. [كما قد فعل في باب المصرَّاة، حيث قدر فيها الصاع من الطعام رفعًا للتنازع](4) وجبرًا للمتلف بما تيسَّر. وقد بالغت الصحابة في هذا المعنى، حيث قدَّروا الغرَّة بخمسين دينارًا، أو ستمائة درهم. والله تعالى أعلم. فإن زايل الجنين أمَّه بعد موتها، فهل فيه غرَّة أم لا؟ قولان:
الأول: لربيعة، والليث، والزهري، وأشهب، وداود.
والثاني: لمالك، والشافعي، وعامة العلماء.
(1) هذا القول ليس في التلخيص، وإنما هو في إحدى روايات صحيح مسلم برقم (1681)(34).
(2)
هذا القول رواه مسلم في صحيحه (1681) 35).
(3)
ما بين حاصرتين ليس في (ع) و (ج 2).
(4)
ما بين حاصرتين سقط من (ع).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و(قوله: فقضى فيه بغرَّة، وجعله على أولياء المرأة) يعني: الضاربة. وهذا نصٌّ: في أن الغرة تقوم بها العاقلة. وبه قال الكوفيون، والشافعي. وهو أحد قولي مالك. وقيل: على الجاني. وهو المشهور من قول مالك. وقاله أهل البصرة. واختلفوا: هل تلزمه الكفارة مع الغرَّة أم لا؟ قولان. الأول لمالك.
قلت: وهذه الأحاديثُ كلُّها إنَّما جاءت في جنين واحد، انفصل من حرَّة مسلمة ميتًا. فلو خالف شيئًا من هذه القيود ففيه تفصيل. وذلك يعرف بمسائل:
الأولى: لو ألقت أجنة لكان في كل جنين غرَّة. هذا قول الكافة، ولا يعرف فيه خلاف.
الثانية: لو ألقت بعضه فلا غرَّة فيه. وقال الشافعي: فيه الغرَّة.
الثالثة: لو كان جنين أمة ففيه عشر قيمة أمَّه. هذا قول عامة أهل العلم. وذهب الثوري، والنعمان، وابن الحسن: إلى أن فيه عشر قيمته لو كان حيًّا ذكرًا كان أو أنثى. وذهب الحسن: إلى أن فيه نصف عشر ثمن أمَّه. وذهب سعيد بن المسيب: إلى أن فيه عشرة دنانير. وقال حمَّاد بن أبي سليمان: فيه حُكم.
الرابعة: جنين الكتابية. وفيه عشر دية أمَّه، ولا يحفظ فيه خلاف.
الخامسة: من أعتق ما في بطن جاريته، فضربها ضارب، فطرحته، فديته دية المملوك. وهو قول الزهري، والثوري، وأحمد، وإسحاق.
السادسة: إذا اختلف الجاني والمجني عليه، فقال الجاني: طرحته ميتًا. وقال المجني عليه: بل حيًّا. فالقول قول الجاني. وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
السابعة: دية الجنين موروثة على كتاب الله تعالى. وقال الزهري والشافعي:
وَقَضَى بِدِيَةِ المَرأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَن مَعَهُم، فَقَالَ حَمَلُ بنُ النَّابِغَةِ الهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وكَيفَ أَغرَمُ مَن لَا شَرِبَ، وَلَا أَكَلَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا استَهَلَّ؟ ! فَمِثلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا هَذَا مِن إِخوَانِ الكُهَّانِ، مِن أَجلِ سَجعِهِ الَّذِي سَجَعَ.
ــ
إن كان الضارب هو الأب لم يرث من الغرَّة شيئًا. وقال الليث، وربيعة: هي للأم خاصَّة.
و(قول حمل بن النابغة: أنغرم من لا شربَ، ولا أكلَ، ولا نطقَ، ولا استهلَ) يدل: على أن عاقلة الجاني تحمل الغرَّة كما هو أحد القولين.
و(قوله: فمثل ذلك يُطَلُّ) رويناه بالياء باثنتين من تحتها، بمعنى: يُهدر [ولا يطلب به](1). ورويناه بالباء بواحدة من تحتها، من البطلان؛ أي: هو ممن ينبغي أن يبطل. والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد؛ أي: هذا لا ينبغي فيه شيء.
و(قوله صلى الله عليه وسلم: إنَّما هذا من إخوان الكهَّان) فسَّره الراوي: بقوله: من أجل سجعه؛ يعني بذلك: أنه تشبَّه بالكهَّان، فسجع كما يسجعون حين يخبرون عن المغيِّبات، كما قد ذكر ابن إسحاق من سجع شقّ وسطيح (2) وغيرهما. وهي عادةٌ مستمرَّة في الكهَّان. وقيل: إنما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك السَّجع لأنه جاء به في مقابلة حكم الله مستبعدًا له، ولا يذمُّ من حيث السَّجع؛ [لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تكلم بكلام يشبه السجع] (3) في غير ما موضع. وقيل: إنما أنكر عليه تكلّف الإسجاع على طرق الكهَّان وحوشية الأعراب. وليس بسجع فصحاء العرب، ولا على مقاطعها.
قلت: وهذا القول الأخير إنَّما يصحُّ أن يقال على قوله صلى الله عليه وسلم: (أسجع
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(2)
شقّ وسطيح: كاهنان من كهّان العرب.
(3)
ما بين حاصرتين ساقط من (ج 2).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كسجع الأعراب) (1)، لا على قوله:(إنَّما هذا من إخوان الكهَّان)(2)، فتأمله.
وحَمَل بن النابغة - بفتح الحاء المهملة والميم -. وقال فيه في الرواية الأخرى: حمل بن مالك. وهو هذلي من قبيل القاتلة. ولحيان: فخذ من هذيل، [ولذلك صدق أن يقال على القاتلة: أنها هذلية لحيانية. ولحيان] (3) يقال بفتح اللام وكسرها.
قلت: وقد ذكر الحديث الحارث بن أبي أسامة عن أبي المليح مرسلًا قال: إن حمل بن مالك كانت له امرأتان: مليكة، وأم عفيف، فحذفت إحداهما الأخرى (4) بحجر فأصابت قبلها، فماتت، وألقت جنينها ميِّتًا (5)، وذكر الحديث كنحو ما تقدم. وعلى هذا فكان حَمَلٌ زوجَ المقتولة والقاتلة، وعاصبَ القاتلة، ووالدَ الجنين. وحينئذ يكون قوله: أنغرم من لا شربَ ولا أكلَ؛ دليل: على أنه غارم وليس بوارث. ولهذا قال الليث بن سعد، وربيعة: إن الغرَّة للأمّ خاصة. ويحتمل: أن يكون معبِّرا عن العصبة دون نفسه، مستبعدًا للحكم، كما تقدم. والله تعالى أعلم.
و(قوله: وقضى بدية المرأة على عاقلتها) فيه تلفيف في الضمائر أزالته الرِّواية الأخرى؛ التي قال فيها: (فجعل دية المقتولة على عصبة القاتلة).
وقد احتج
(1) رواه مسلم (1682)(38)، وأبو داود (4568)، والترمذي (1411)، والنسائي (8/ 51)، وابن ماجه (2633).
(2)
هو حديث الباب رقم (2072).
(3)
ما بين حاصرتين ساقط من (م).
(4)
في حاشية (م): الضاربة: أم عفيف بنت مسروح، ويُقال فيها أيضًا: أم غطيف.
والمضروبة: مليكة بنت ساعدة الهذليّ.
(5)
ذكره ابن حجر في المطالب العالية برقم (1855).
وفي رواية: قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عصبة القاتلة، وغرة لما في بطنها.
ــ
بظاهر الحديث من رأى: أنه لا يستقاد ممن قتل بمثقل، وإنَّما عليه الدِّية. وهم الحنفية. ولا حجَّة لهم في ذلك لما تقدم: من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقاد ممن قتل بحجر، كما تقدم في حديث اليهودي (1)، ولقوله تعالى:{فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدَى عَلَيكُم} والمماثلة بالمثقَّل ممكنة، ولإمكان كون هذا القتل خطأ أو شبه عمد [فاندفع القصاص بذلك](2)، ولو سلّم: أنه كان عمدًا لكان ذلك برضا العصبة، وأولياء الدَّم، لا بالحكم، وكل ذلك محتمل، فلا حجَّة لهم فيه.
وفيه ما يدل: على أن العاقلة تحمل الدِّية. وقد أجمع المسلمون: على أنَّها تحمل دية الخطأ، وما زاد على الثلث. واختلفوا في الثلث. فقال الزهري: الثلث فدونه هو في مال الجاني، [ولا تحمله العاقلة. وقال سعيد بن المسيب: الثلث فما زاد على العاقلة، وما دون الثلث في مال الجاني] (3)، وبه قال مالك، وعطاء، وعبد العزيز بن أبي سلمة. وأمَّا ما دون الثلث فلا تحمله العاقلة عند من ذكر، ولا عند أحمد. وقالت طائفة: عقل الخطأ على عاقلة الجاني؛ قَلَّت الجنايةُ أو كثرت. وهو قول الشافعي. وقد تقدم في الدِّيات وانقسامها. فإن قيل: كيف ألزم العاقلة الدية، والقتل عمدٌ؟ والعاقلة لا تعقل عمدًا، ولا صلحًا، ولا اعترافًا.
فالجواب: أن هذا الحديث خرَّجه النَّسائي من حديث حَمَل بن مالك. وقال فيه: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرَّة، وأن تقتل بها (4). وهو طريق صحيح.
(1) سبق تخريجه في التلخيص برقم (2063 و 2064).
(2)
ما بين حاصرتين مستدرك من (ج 2).
(3)
ما بين حاصرتين سقط من (ع).
(4)
رواه النسائي (8/ 47).
وفي أخرى: فقضى فيه بغرة، وجعله على أولياء المرأة.
رواه أحمد (2/ 438 و 535)، والبخاري (6910)، ومسلم (1681)(36 و 37 و 38)، وأبو داود (4576 و 4579)، وابن ماجه (2639 و 2641).
ــ
وهذا نصٌّ: في أنه قضى بالقصاص من القاتلة؛ بخلاف الأحاديث المتقدمة؛ فإن فيها: أنه قضى على العاقلة بالدِّية.
ووجه التلفيق؛ وبه يحصل [الجواب على](1) التحقيق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بقتل القاتلة أولًا، ثم إن العصبة، والأولياء اصطلحوا: على أن التزم العصبة الدِّية ويعفو الأولياء. فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بالدِّية على العصبة لما التزموها. والله تعالى أعلم.
و(قوله: وورثها عصبتها ومن معهم) أعاد الضمير الأول على الدِّية، والثاني على المقتولة. وعنى بالعصبة: بنيها، وبمن معهم من الزوج. ولم يختلف: في أن الزوج يرث هنا من دية زوجته فرضه، وإن كانوا قد اختلفوا فيه: هل يرث من دية الجنين؟ على ما تقدم. والدِّية موروثة على الفرائض سواء كانت عن خطأ، أو عن عمدٍ تعذَّر فيه القود. والذي يبين الحق في هذا الباب حديثان خرَّجهما الترمذي.
أحدهما: عن سعيد بن المسيب. قال: قال عمر: الدِّية على العاقلة، ولا ترث المرأة من زوجها شيئًا (2). فأخبره الضحَّاك بن سفيان الكلابي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه: أن ورث امرأة أشيم الضَّبابي من دية زوجها. وقال: هذا حديث حسن صحيح (3).
وثانيهما: عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ج 2).
(2)
ليست في (ل 1).
(3)
رواه الترمذي (2110).
[1773]
وعَن المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ قَالَ: استشار عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، الناس فِي مِلَاصِ المَرأَةِ، فقال المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ: شَهِدتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى
ــ
قضى في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرَّة عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها (1) بغرة توفيت، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وإن عقلها على عصبتها (2).
ثمَّ حيث وجبت الدِّية على العاقلة؛ فلا تؤخذ منهم حالَّة، بل مُنجَّمة في ثلاث سنين. وهو قول عامَّة أهل العلم من السَّلف والخلف. وتوزع على الأحرار، البالغين، الأغنياء، الذكور. فلا تؤخذ من عبدٍ، ولا من صبي، ولا من امرأة، ولا من فقير بالإجماع على ما حكاه ابن المنذر. واختلفوا في قدر ما يوزع على من يُطالَب بها.
فقال الشافعي: من كثر ماله أخذ منه نصف دينار، ومن كان دونه ربع دينار، لا ينقص منه، ولا يزاد عليه. وحكى أبو ثور عن مالك: أنه قال: على كل رجل ربع دينار. وبه قال أبو ثور. وقال أحمد: يحملون بقدر ما يطيقون. وقال أصحاب الرأي: ثلاثة دراهم، [أو أربعة دراهم](3).
قلت: والقول ما قاله أحمد. فإن التحديد يحتاج إلى شرع جديد.
و(قوله: استشار عمر بن الخطاب الناس في ملاص المرأة) كذا صحيح الرواية: (ملاص) من غير ألف. وقد وقع في بعض نسخ الأئمة: (إملاص)، وكذا قيَّده الحميدي. وكلاهما صحيح في اللغة. فإنَّه قد جاء: أملص، وملص: إذا أفلت. قال الهروي: وسُئل عن إملاص المرأة الجنين قال: يعني: أن تزلقه قبل
(1) في حاشية (م): عليها، بمعنى لها، وهي المضروبة.
(2)
رواه الترمذي (2111).
(3)
ما بين حاصرتين سقط من (ج 2).
فِيهِ بِغُرَّةٍ: عَبدٍ أَو أَمَةٍ، قال: فَقَالَ عُمَرُ: ائتِنِي بِمَن يَشهَدُ مَعَكَ، قَالَ: فَشَهِدَ له مُحَمَّدُ بنُ مَسلمَةَ.
رواه أحمد (4/ 244)، والبخاريُّ (6905)، ومسلم (1683)، وابن ماجه (2640).
* * *
ــ
وقت الولادة. وكل ما زلق من اليد فقد ملَص يملَص. ومنه حديث الدَّجال: وأملصت به أمُّه (1). قال أبو العبَّاس: يقال: أملصت به. وأزلقت به. وأسهلت به، وخطأت به.
قلت: وإملاص فيما حكاه الهروي عن عمر هو المصدر؛ لأنَّه ذكر بعده الجنين، وهو مفعوله. وفيما ذكره مسلم (2):(ملاص) ويعني به: الجنين نفسه، فلا يتعدَّى هنا؛ لأنه نقل من المصدر المؤكد، فسمِّي به. فإن أصله: ملص يملص ملاصًا؛ كـ (لزم، يلزم، لزامًا).
وفيه من الفقه: الاستشارة في الوقائع الشرعية، وقبول أخبار الآحاد، والاستظهار بالعدد في أخبار العدول. وليس ذلك عن شك في العدالة، وإنَّما هو استزادة يقين، وطمأنينة نفس. ولا حجَّة فيه لمن يشترط العدد في قبول أخبار الآحاد؛ لأنَّ عمر رضي الله عنه قد قبل خبر الضَّحَّاك وغيره من غير استظهار. والله تعالى أعلم (3).
* * *
(1) ذكره ابن الأثير في النهاية (4/ 356).
(2)
من (ج 2).
(3)
في (ع): ورد بعد هذا الكتاب: كتاب الضحايا، وهو مخالف لترتيب التلخيص والنسخ المخطوطة.