الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح
[1888]
عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ قَالَ: ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امرَأَةٌ مِن العَرَبِ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيدٍ أَن يُرسِلَ إِلَيهَا، فَأَرسَلَ إِلَيهَا، فَقَدِمَت، فَنَزَلَت فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَاءَهَا فَدَخَلَ عَلَيهَا، فَإِذَا امرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَت: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنكَ! قَالَ: قَد أَعَذتُكِ مِنِّي. فَقَالَوا لَهَا: أَتَدرِينَ مَن هَذَا؟ فَقَالَت: لَا، قَالَوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَكِ لِيَخطُبَكِ، قَالَت: أَنَا كُنتُ أَشقَى مِن ذَلِكَ، قَالَ سَهلٌ: فَأَقبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَومَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اسقِنَا يا سَهلٍ، قَالَ: فَأَخرَجتُ لَهُم هَذَا القَدَحَ، فَأَسقَيتُهُم فِيهِ.
ــ
(9)
ومن باب: استدعاء الشراب من الخادم
(قوله: الأُجُم بضم الهمزة: الحِصنُ، وجمعه آجام). قاله أبو عبيد، وكذلك: أُطُم، وآطام.
و(قول هذه المرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله منك) يدلّ: على أنها لم تعرفه، ولم تعرف ما يراد منها. ولذلك قالت لما أخبرت بمن هو، وما أريد بها:(أنا كنت أشقى من ذلك).
و(قوله صلى الله عليه وسلم: قد أعذتك) جواب لقولها، وموافقة لها على قصدها. وذلك: أنه فهم منها كراهية من قولها، ومن حالها؛ إذا كانت مُعرِضةً عمَّن يُكلِّمُها، ولعلَّها لم تعجبه لا خلقًا، ولا خلقًا.
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَأَخرَجَ لَنَا سَهلٌ ذَلِكَ القَدَحَ فَشَرِبنَا فِيهِ، قَالَ: ثُمَّ استَوهَبَهُ بَعدَ ذَلِكَ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ، فَوَهَبَهُ لَهُ.
وَفِي رِوَايَة: اسقِنَا يَا سَهلُ.
رواه البخاريُّ (5637)، ومسلم (2007).
[1889]
وعَن أَنَسٍ قَالَ: لَقَد سَقَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحِي هَذَا الشَّرَابَ كُلَّهُ: العَسَلَ وَالنَّبِيذَ وَاللَّبَنَ وَالمَاءَ.
رواه أحمد (3/ 247)، والبخاري (5638)، ومسلم (2008).
* * *
ــ
و(قوله صلى الله عليه وسلم: اسقنا يا سهل) دليل على التَّبَسُّط مع الصديق، واستدعاء ما عنده من طعام أو شراب، وهذا لا خلاف فيه إذا كان الصديق ملاطفًا، طيب النفس، وعلم من حاله ذلك. وهذا الذي قاله الله تعالى فيهم:{أَو صَدِيقِكُم}
و(قول أنس: لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدحي هذا الشراب كلَّه: العسل، والنبيذ، واللبن، والماء) فيه دليل على استعمال الحلاوة، والأطعمة اللذيذة، وتناولها. ولا يقال: إن ذلك يناقض الزهد، ويباعده، لكن إذا كان ذلك من وجهه، ومن غير سرف، ولا إكثار.
واستيهابُ عمر بن عبد العزيز القدح من سهل؛ إنما كان على جهة التَّبُّرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزل ذلك دأب الصحابة والتابعين وأتباعهم، والفضلاء في كلِّ عصر. فكان أصحابه يتبرَّكون بوضوئه، وشرابه، وبعرقه، ويستشفون بِجُبَّته، ويتبركون بآثاره، ومواطنه، ويدعون، ويصلُّون عندها. وهذا كلُّه عمل بمقتضى الأمر بالتعزير، والتعظيم. ونتيجة الحُبِّ الصحيح. رزقنا الله الحظَّ الأكبر من تعظيمه، ومحبَّته، وحشرنا في زمرته.