المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

(29) كتاب اللباس

(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

[1972]

عَن ابنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِندَ

ــ

(29)

كتاب اللباس (1)

(1)

باب: تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء (2)

قوله: (حُلَّة سِيَرَاء) قد تقدَّم ذكر الحلَّة في الجنائز، و (السِّيراء): المخطط بالحرير، شُبِّهت بالسِّيور خطوطها؛ قاله الأصمعي، والخليل، وغيرهما. والرواية: حُلَّة سيراء - بتنوين حلة، ونصب سيراء - على أن تكون صفة للحلَّة كأنه قال: مسيَّرة. كما قالوا: جبَّة طيالسية؛ أي: غليظة. قال الخطابي: حلَّة سيراء، كقولك: ناقة عشراء. وبعضهم لا ينون الحلَّة، ويضيفها إلى سيراء. وكذلك رواه

(1) في (ع) و (ج 2): كتاب اللباس بعد كتاب الأطعمة.

(2)

هذا العنوان ليس في الأصول، واستدرك من التلخيص.

ص: 385

بَابِ المَسجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَو اشتَرَيتَ هَذِهِ فَلَبِستَهَا يَومَ الجُمُعَةِ، وَلِلوَفدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيكَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا يَلبَسُ هَذِهِ مَن لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ. ثُمَّ جَاءَت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنهَا حُلَلٌ، فَأَعطَى عُمَرَ مِنهَا حُلَّةً، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوتَنِيهَا وَقَد قُلتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا

ــ

ابن سراج. وكذلك قيدته على من يوثق بعلمه، وتقييده. فهو على هذا من إضافة الشيء إلى صفته. كقولهم: ثوبُ خزٍّ، على أن سيبويه قال: لم يأت فعلاء صفة، وإنَّما سيراء يتنزل منزلة: مسيرة.

و(قوله: لو اشتريت هذه فلبستها للوفد)، وإقراره صلى الله عليه وسلم على هذا القول؛ يدلّ على مشروعية التجمل للوفود، ومجامع المسلمين التي يقصد بها إظهار جمال الإسلام، والإغلاظ على العدو.

و(قوله: إنما يلبس هذه)، وفي رواية:(الحرير، من لا خلاق له في الآخرة) الخلاق: قيل فيه: الحظ، والنصيب، والقدر. ويعني بذلك: أنه لباس الكفار، والمشركين في الدنيا، وهم الذين لا حظ لهم في الآخرة.

واختلف الناس في لباس الحرير. فمن مانع، ومن مجوِّز على الإطلاق. وجمهور العلماء على منعه للرجال، وإباحته للنساء. وهو الصحيح لهذا الحديث، وما في بابه. وهي كثيرة. وأما إباحته للنساء فيدل عليها قوله في هذا الحديث:(إنما بعثت بها إليك لتشققها خُمُرًا بين نسائك)، ولما خرَّجه النسائي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا في يمينه، وذهبًا في شماله، ثم قال:(إن هذين حرامٌ على ذكور أمتي، حل لإناثها)(1). قال علي بن المديني: حديث حسن، ورجاله معروفون. وهذا كله في الحرير الخالص المصمت، فأمَّا الذي سداه حرير، ولحمته غيره: فكرهه مالك. وإليه ذهب ابن عمر، وأجازه ابن عباس.

وأما الخز، فاختلف فيه على ثلاثة أقوال: الحظر، والإباحة،

(1) رواه النسائي (8/ 160).

ص: 386

قُلتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَم أَكسُكَهَا لِتَلبَسَهَا. فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشرِكًا بِمَكَّةَ.

وفي رواية: فَلَمَّا كَانَ بَعدَ ذَلِكَ، أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحُلَلٍ سِيَرَاءَ، فَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ، وَبَعَثَ إِلَى أُسَامَةَ بنِ زَيدٍ بِحُلَّةٍ، وَأَعطَى عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ حُلَّةً، وَقَالَ: شَقِّقهَا خُمُرًا بَينَ نِسَائِكَ. قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ بِحُلَّتِهِ يَحمِلُهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ، وَقَد قُلتَ بِالأَمسِ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلتَ! فَقَالَ: إِنِّي لَم أَبعَث بِهَا إِلَيكَ لِتَلبَسَهَا، وَلَكِنِّي بَعَثتُ بِهَا إِلَيكَ لِتُصِيبَ بِهَا. وَأَمَّا أُسَامَةُ فَرَاحَ فِي حُلَّتِهِ، فَنَظَرَ إِلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرًا

ــ

والكراهة. وجل المذهب على الكراهة. واختلف فيه؛ ما هو؟ فقيل: ما سداه حرير. قال ابن حبيب: ليس بين الخز وما سداه حرير ولحمته قطن أو غيره فرق إلا الاتباع، فإنَّه حكي إباحة الخز عن خمسة وعشرين من الصحابة. منهم: عثمان بن عفان، وسعيد بن زيد، وعبد الله بن عباس، وخمسة عشر تابعيًّا، وكان عبد الله بن عمر يكسو بنيه الخز. وقيل في الخز: إنه يشبه الحرير، وليس به. ويكره لشبهه بالحرير، وللسَّرف.

و(قوله: فكساها عمر أخًا له مشركًا بمكة) قيل: إنه كان أخاه لأمه. ذكره النسائي. وفيه ما يدل على جواز القريب المشرك، وما يدل على أن عمر رضي الله عنه لم يكن من مذهبه: أن الكفار يخاطبون بالفروع؛ إذ لو اعتقد ذلك لما كساه إياها، وهي تحرم عليه.

واختلف في تحريم الحرير للر (ل. فقال الأبهري: هي التشبه بالنساء. وقيل: ما يجرُّه من الخيلاء. وقيل: التشبه بالكفار الذين لا حظ لهم في الآخرة. وهو الذي دلَّ عليه الحديث.

و(قوله: إنما بعثت بها إليك لتصيب بها) أي: مالًا. وكذا جاء مفسَّرا في

ص: 387

عَرَفَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَد أَنكَرَ مَا صَنَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَنظُرُ إِلَيَّ؟ فَأَنتَ بَعَثتَ إِلَيَّ بِهَا! فَقَالَ: إِنِّي لَم أَبعَث إِلَيكَ لِتَلبَسَهَا، وَلَكِنِّي بَعَثتُ بِهَا إِلَيكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُرًا بَينَ نِسَائِكَ.

رواه أحمد (2/ 42)، والبخاري (948)، ومسلم (2068)(6 و 7)، وأبو داود (4041)، والنسائي (8/ 201).

[1973]

وعن عُمَرَ بن الخَطَّابِ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَلبَسُوا الحَرِيرَ، فَإِنَّهُ مَن لَبِسَهُ فِي الدُّنيَا لَم يَلبَسهُ فِي الآخِرَةِ.

رواه البخاري (5830)، ومسلم (2069)(11)، والترمذيُّ (2818)، والنسائي (8/ 200).

[1974]

وعَن عَلِيٍّ: أَنَّ أُكَيدِرَ دُومَةَ أَهدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَوبَ حَرِيرٍ، فَأَعطَاهُ عَلِيًّا فَقَالَ: شَقِّقهُ خُمُرًا بَينَ الفَوَاطِمِ.

رواه مسلم (2071)(18).

ــ

بعض طرقه. ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لعمر مثل الذي قال لأسامة، ولا لعلي:(لتشققها خمرًا بين نسائك). ولو سمع ذلك عمر لما سمع منه منع النساء من الحرير.

وقوله لعلي رضي الله عنه: (شققها خُمُرًا بين الفواطم) قال ابن قتيبة: هنَّ: فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم - أم علي -، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، قال: ولا أعرف الثالثة. قال الأزهري: هي: فاطمة بنت حمزة الشهيد. وقد روى أبو عمر بن عبد البر، وعبد الغني الحافظ هذا الحديث، قالا فيه: قال علي: فشققت منها أربعة أخمرة: خمارًا لفاطمة بنت أسد أم علي، وخمارًا لفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وخمارًا لفاطمة بنت حمزة رضي الله عنهم. قال يزيد بن أبي زياد: ونسيت الرابعة. قال بعض المتأخرين: الرابعة: فاطمة امرأة

ص: 388

[1975]

وعن البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قال: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبعٍ، وَنَهَانَا عَن سَبعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَائزَ، وَتَشمِيتِ العَاطِسِ،

ــ

عقيل بن أبي طالب؛ لاختصاصها بعلي رضي الله عنه بالصهر، وقربها بالمناسبة. وقيل: فاطمة بنت الوليد بن عتبة. وقيل: فاطمة بنت عتبة.

و(قوله: أمر بعيادة المريض) وهي زيارته، وتفقده. يقال: عاد المريض، يعوده، عيادة. و (تشميت العاطس): بالشين المعجمة هو: الدعاء له إذا عطس وحمد الله تعالى. فعلى السامع أن يقول له: يرحمك الله. وسُمي الدعاء تشميتًا؛ لأنَّه إذا استجيب للمدعو له فقد زال عنه الذي يشمت به عدوه لأجله. وقد يقال بالسين المهملة. قال ابن الأنباري: يقال: شَمَّتُ فلانًا، وسَمَّت عليه. فكل داع بالخير: مسمت، ومشمت. قال ثعلب: الأصل السين من السمت، وهو القصد، ومنه الحديث: فدعا لفاطمة وسمت عليها.

و(إبرار المقسم) هو: إجابته إلى ما حلف عليه، ولا يحنث، لكن إذا كان على أمر جائز. و (نصر المظلوم): إعانته على ظالمه، وتخليصه منه. و (إجابة الداعي) تعم الوليمة وغيرها. لكن أوكد الدعوات: الوليمة. وقد تقدَّم الكلام فيها. و (إفشاء السلام): إشاعته، ولا يخص به من يعرف دون من لم يعرف. و (إنشاد الضالَّة): هو التعريف بها. و (نشدتها): طلبتها. يقال: نشدت الضالَّة: طلبتها، وأنشدتها: عرَّفتها. و (المياثر): جمع ميثرة. وهي مأخوذة من الوثارة، وهي: اللين والنعمة. ومنه قولهم: فراش وثير؛ أي: وطيء لين. وياء ميثرة؛ واو، لكنها انقلبت ياء لانكسار ما قبلها، كميزان، وميعاد.

واختلف فيها. فقال الطبري: هي: وطاء كان النساء يضعنه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر، ومن الديباج على سروجهم، وكانت من مراكب العجم. والأرجوان: هو الصوف - بفتح الهمزة وضم الجيم -، وقال الحربي عن ابن الأعرابي: هي كالمرفقة تتخذ كصفة السرج من الحرير. وقيل: جلود السِّباع (1).

(1) في هامش (ل 1) ما يلي: الأُرْجُوان: بضم الهمزة والجيم؛ هذا هو الصواب المعروف =

ص: 389

وَإِبرَارِ المُقسِمِ، وَنَصرِ المَظلُومِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفشَاءِ السَّلَامِ، وَنَهَانَا عَن سبع: خَوَاتِيمَ الذهب، أَو عَن تَخَتُّمٍ الذَّهَبِ، وَعَن شُربٍ بِالفِضَّةِ، وَعَن المَيَاثِرِ، وَعَن القَسِّيِّ، وَعَن لُبسِ الحَرِيرِ وَالإِستَبرَقِ وَالدِّيبَاجِ.

ــ

قلت: فإنَّ كانت حريرًا فوجه النهي واضحٌ، وهو تحريم الجلوس عليها؛ فإنَّها حرير، ولباس ما يفرش: الجلوس عليه. وعلى هذا جماهير الفقهاء من أصحابنا وغيرهم، خلافًا لعبد الملك من أصحابنا؛ فإنَّه أجازه. ولم ير الجلوس على الحرير لباسًا، وهذا ليس بشيء، فإنَّ لباس كل شيء بحسبه، وقد قال أنس رضي الله عنه: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبس.

وأما من كانت عنده الميثرة من جلود السِّباع: فوجه النهي عنها أنها مكروهة؛ لأنَّها لا تعمل فيها الذكاة. وهو أحد القولين فيها عند أصحابنا، أو لأنها لا تذكى غالبًا. وأما من كانت عنده من الأرجوان الأحمر: فوجه النهي عنها: أنها تشبه الحرير، أو لأنها كانت من زي العجم، فيكون من باب الذريعة. وهذا القول أبعدها، والله أعلم.

و(القسي) بفتح القاف، وقد أخطأ من كسرها. وهي منسوبة إلى القس:

= في روايات الحديث، وفي كتب اللغة وغيرها، وكذا صرَّح به القاضي عياض في المشارق. وفي شرحه في موضعين منه: أنه بفتح الهمزة وضم الجيم، وهذا غلط ظاهر من النساخ لا من القاضي؛ فإنه صرَّح في المشارق بضم الهمزة. قال أهل اللغة وغيرهم: هو صبغ أحمر شديد الحمرة. كذا قاله أبو عبيد، والجمهور. قال الفراء: هو الحمرة. وقال ابن فارس: هو كل لون أحمر. وقيل: هو الصوف الأحمر. وقال الجوهري: هو شجر له نَوْرٌ أحمر أحسن ما يكون. قال: وهو معروف. وقال آخرون: هو عربيٌّ. قالوا: والذكر والأنثى فيه سواء. يقال: هذا ثوب أرجوان، وهذه قطيفة أرجوان. وقد يقولونه على الصفة، لكن الأكثر في استعماله إضافة الأرجوان إلى ما بعده، ثم إن أهل اللغة ذكروه في باب: الراء والجيم والواو. وهذا هو الصواب. ولا يغتر بذكر القاضي له في المشارق في باب: الهمزة والراء والجيم، ولا بذكر ابن الأثير له في الراء والجيم والنون.

ص: 390

وفي رواية: وإنشاد الضالة مكان إبرار المقسم.

وفي أخرى: ورد السلام - مكان - إفشاء السلام. قال سالم بن عبد الله: الإستبرق: ما غلظ من الديباج.

رواه البخاريُّ (5635)، ومسلم (2066)(3)، والترمذي (2810)، والنسائي (8/ 201).

* * *

ــ

قرية من قرى مصر مما يلي الفَرَمَا. وهي مظلعة (1) بالحرير. قال البخاري: فيها حرير أمثال الأترنج. وقيل: إنه القز، أبدلت الزاي سينًا. والإستبرق: فارسي عرَّبته العرب. وهو: غليظ الديباج. و (السندس): ما رق منه. و (الديباج): جنس من الحرير الإستبرق، والسندس من أنواعه. و (الدهقان) (2): فارسي معرَّب، ويجمع دهاقين: وهم الرؤساء. وقيل: الكثير المال والتنعم، من الدهقنة، وهي: الامتلاء والكثرة. يقال: دهق لي دهقة من المال؛ أي: أعطانيه. وأدهقت الإناء: ملأته.

* * *

(1) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها الآخر: مطلعة، والصواب: مضلعة، كما جاء في صحيح البخاري (10/ 292) تعليقًا.

(2)

هذه اللفظة لم ترد في الأحاديث التي أوردها المؤلف رحمه الله في أحاديث الباب المذكور في التلخيص، وإنما وردت في الحديث (2067)(4) في كتاب مسلم.

ص: 391