الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(26) باب في كل ذي كبد أجر
[2111]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي بِطَرِيقٍ اشتَدَّ عَلَيهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلبٌ يَلهَثُ يَأكُلُ الثَّرَى مِن العَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَد بَلَغَ هَذَا الكَلبَ مِن العَطَشِ مِثلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الكَلبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا
ــ
(26)
ومن باب في كل ذي كبد رطبة أجر
قوله: (يلهث) أي: يخرج لسانه من شدَّة العطش والتَّعب، وهو الذي عبَّر عنه في الرواية الأخرى بإخراج لسانه. ويقال: لهث - بفتح الهاء وكسرها - فأما المستقبل: فبالفتح لا غير، والاسم: اللَّهث، واللُّهاث - بضم اللام - ذكره الخليل. وقال الجوهري: اللَّهَثَان - بالتحريك -: العطش، وبالتسكين العطشان، والمرأة: لهثى، وقد لهثت لهثًا، ولهاثًا، مثل: سمع، سماعًا. واللُّهاث - بالضم -: حرُّ العطش. قال: ولهث الكلب - بالفتح - يلهث، لهثًا، ولُهاثًا - بالضم - إذا أخرج لسانه من التَّعب والعطش. فأما: أدلع لسانه: فاللغة الفصيحة فيه: دلع - ثلاثيًّا -، يقال: دلع الرُّجل لسانه فاندلع؛ أي: أخرجه فخرج. ودلع لسانه؛ أي: خرج؛ يتعدَّى، ولا يتعدَّى. والأول حكاه ابن الأعرابي. و (البغي): الزانية.
و(قوله: فشكر الله له فغفر له) أي: أظهر ما جازاه به عند ملائكته، وأثنى عليه عندهم. وقد قدَّمنا: أن أصل الشكر: الظهور؛ كما قالوا: دابة شكور: إذا ظهر عليها من السِّمن أكثر مما تأكله من العلف.
فِي هَذِهِ البَهَائِمِ لَأَجرًا؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطبَةٍ أَجرٌ.
رواه أحمد (2/ 375)، والبخاريُّ (2363)، ومسلم (2244)، وأبو داود (2550).
[2112]
وعَنه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ امرَأَةً بَغِيًّا - وفي رواية: من بني إسرائيل - رَأَت كَلبًا فِي يَومٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئرٍ قَد أَدلَعَ لِسَانَهُ مِن العَطَشِ، فَنَزَعَت لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا.
وفي رواية: فَاستَقَت لَهُ، فَسَقَتهُ إِيَّاهُ؛ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ.
رواه أحمد (2/ 507)، والبخاريُّ (3467)، ومسلم (2245)(154 - 155).
* * *
ــ
و(قوله: فنزعت له بموقها) أي: سقت له بيدها. يقال: نزعت بالدَّلو، ونزعت الدَّلو. والنزوع - بفتح النون - هي: البئر التي يستقى منها باليد. وقد روي هذا الحرف: (فنزعت موقها (1)، فاستقت به) أي: خلعته من رجلها.
و(قوله: في كل كبد رطبة أجر) أي: حيَّة؛ يعني بها: رطوبة الحياة. وفي رواية أخرى: (في كل كبدٍ حرَّى) يعني بها: حرارة الحياة، أو حرارة العطش.
وفي هذه الأحاديث ما يدلّ: على أن الإحسان إلى الحيوان، والرفق به تُغفَرُ به الذنوب، وتُعظم به الأجور. ولا يناقض هذا: أنَّا قد أمرنا بقتل بعضها، أو أبيح لنا، فإنَّ ذلك إنَّما شرع لمصلحة راجحة على قتله، ومع ذلك: فقد أمرنا بإحسان القتلة، والرفق بالذبيحة.
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم: الموق -بضم الميم-: هو الخف، فارسي معرَّبٌ.