المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٥

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(22) كتاب القسامة والقصاص والديات

- ‌(1) باب في كيفية القسامة وأحكامها

- ‌(2) باب القصاص في العين وحكم المرتد

- ‌(3) باب القصاص في النفس بالحجر

- ‌(4) باب من عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنية العاض

- ‌(5) باب القصاص في الجراح

- ‌(6) باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وتكرار إثم من سن القتل، وأنه أول ما يقضى فيه

- ‌(7) باب تحريم الدماء والأموال والأعراض

- ‌(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه

- ‌(9) باب دية الخطأ على عاقلة القاتل، وما جاء في دية الجنين

- ‌(23) كتاب الحدود

- ‌(1) باب حد السرقة وما يقطع فيه

- ‌(2) باب النهي عن الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام

- ‌(3) باب حد البكر والثيب إذا زنيا

- ‌(4) باب إقامة الحد على من اعترف على نفسه بالزنا

- ‌(5) باب يحفر للمرجوم حفرة إلى صدره وتشد عليه ثيابه

- ‌(6) باب من روى أن ماعزا لم يحفر له ولا شد ولا استغفر له

- ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

- ‌(8) باب إقامة حكم الرجم على من ترافع إلينا من زناة أهل الذمة

- ‌(9) باب إقامة السادة الحد على الأرقاء

- ‌(10) باب الحد في الخمر وما جاء في جلد التعزير

- ‌(11) باب من أقيم عليه الحد فهو كفارة له

- ‌(12) باب الجبار الذي لا دية فيه ومن ظهرت براءته مما اتهم به لم يحبس ولم يعزر

- ‌(24) كتاب الأقضية

- ‌(1) باب اليمين على المدعى عليه والقضاء باليمين والشاهد

- ‌(2) باب حكم الحاكم في الظاهر لا يغير حكم الباطن والحكم على الغائب

- ‌(3) باب الاعتصام بحبل الله وأن الحاكم المجتهد له أجران في الإصابة وأجر في الخطأ

- ‌(4) باب لا يقضي القاضي وهو على حال تشوش عليه فكره، ورد المحدثات، ومن خير الشهداء

- ‌(5) باب تسويغ الاجتهاد

- ‌(6) باب اختلاف المجتهدين في الحكم لا ينكر

- ‌(7) باب للحاكم أن يصلح بين الخصوم، وإثم الخصم الألد

- ‌(8) باب الحكم في اللقطة والضوال

- ‌(9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربَّها

- ‌(10) باب النهي عن لقطة الحاج وعن أن يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه

- ‌(11) باب الأمر بالضيافة والحكم فيمن منعها

- ‌(12) باب الأمر بالمواساة بالفضل وجمع الأزواد إذا قلت

- ‌(25) كتاب الصيد والذبائح وما يحل أكله من الحيوان وما لا يحل

- ‌(1) باب الصيد بالجوارح وشروطها

- ‌(2) باب الصيد بالسهم ومحدد السلاح وإذا غاب الصيد

- ‌(3) باب النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير

- ‌(4) باب إباحة أكل ميتة البحر وإن طفت

- ‌(5) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية، والأمر بإكفاء القدور منها

- ‌(6) باب في إباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌(7) باب ما جاء في أكل الضب

- ‌(8) باب ما جاء في أن الضب والفأر يتوقع أن يكونا مما مسخ

- ‌(9) باب أكل الجراد والأرانب

- ‌(10) باب الأمر بإحسان الذبح وحد الشفرة

- ‌(11) باب النهي عن صبر البهائم وعن اتخاذها غرضا وعن الخذف

- ‌(12) باب من ذبح لغير الله ولعنه

- ‌(26) كتاب الأشربة

- ‌(1) باب تحريم الخمر

- ‌(2) باب الخمر من النخيل والعنب

- ‌(3) باب النهي عن اتخاذ الخمر خلا، وعن التداوي بها، وعن خلط شيئين مما يبغي أحدهما على الآخر

- ‌(4) باب النهي عما ينتبذ فيه

- ‌(5) باب نسخ ذلك والنهي عن كل مسكر

- ‌(6) باب كل شراب مسكر خمر وحرام وما جاء في إثم من شربه

- ‌(7) باب كم المدة التي يشرب إليها النبيذ

- ‌(8) باب كيفية النبيذ الذي يجوز شربه

- ‌(9) باب استدعاء الشراب من الخادم والشرب في القدح

- ‌(10) باب شرب اللبن، وتناوله من أيدي الرعاء من غير بحث عن كونهم مالكين

- ‌(11) باب الأمر بتغطية الإناء، وإيكاء السقاء، وذكر الله تعالى عليهما

- ‌(12) باب بيان أن الأمر بذلك من باب الإرشاد إلى المصلحة وأن ترك ذلك لا يمنع الشرب من ذلك الإناء

- ‌(13) باب النهي عن الشرب قائما، وعن اختناث الأسقية، والشرب من أفواهها

- ‌(14) باب النهي عن التنفس في الإناء وفي مناولة الشراب الأيمن فالأيمن

- ‌(27) كتاب آداب الأطعمة

- ‌(1) باب التسمية على الطعام

- ‌(2) باب الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال

- ‌(3) باب الأكل مما يليه والأكل بثلاث أصابع

- ‌(4) باب لعق الأصابع والصحفة وأكل اللقمة إذا سقطت

- ‌(5) باب من دعي إلى الطعام فتبعه غيره

- ‌(6) باب إباحة تطييب الطعام وعرض من لم يدع

- ‌(7) باب من اشتد جوعه تعين عليه أن يرتاد ما يرد به جوعه

- ‌(8) باب جعل الله تعالى قليل الطعام كثيرا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر كثير من آداب الأكل

- ‌(9) باب في أكل الدباء والقديد

- ‌(10) باب في أكل التمر مقعيا، وإلقاء النوى بين إصبعين، وأكل القثاء بالرطب

- ‌(11) باب النهي عن القران في التمر عند الجهد

- ‌(12) باب بركة عجوة المدينة وأنها دواء

- ‌(13) باب الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين، واجتناء الكباث الأسود

- ‌(14) باب نعم الإدام الخل

- ‌(15) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم الثوم

- ‌(16) باب الأكل مع المحتاج بالإيثار

- ‌(17) باب إطعام الجائع وقسمة الطعام على الأضياف عند قلته، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(18) باب يخبأ لمن غاب من الجماعة نصيبه

- ‌(19) باب الحض على تشريك الفقير الجائع في طعام الواحد وإن كان دون الكفاي

- ‌(20) باب المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌(21) باب النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌(28) كتاب الأضاحي

- ‌(1) باب في التسمية على الأضحية وفي وقتها وأن من ذبح قبله أعاد

- ‌(2) باب إعادة ما ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام

- ‌(3) باب ما يجوز في الأضاحي من السن

- ‌(4) باب ما يختار في الأضحية

- ‌(5) باب الذبح بما أنهر الدم والنهي عن السن والظفر

- ‌(6) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌(7) باب الرخصة في ذلك

- ‌(8) باب إذا دخل العشر وأراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره

- ‌(29) كتاب اللباس

- ‌(1) باب تحريم لباس الحرير والتغليظ فيه على الرجال وإباحته للنساء

- ‌(2) باب ما يرخص فيه من الحرير

- ‌(3) باب من لبس ثوب حرير غلطا أو سهوا نزعه أول أوقات إمكانه

- ‌(4) باب الرخصة في لبس الحرير للعلة

- ‌(5) باب النهي عن لبس القسي والمعصفر

- ‌(6) باب لباس الحبرة والإزار الغليظ والمرط المرحل

- ‌(7) باب اتخاذ الوساد والفراش من أدم والأنماط ولم يجوز أن يتخذ من الفرش

- ‌(8) باب إثم من جر ثوبه خيلاء ومن تبختر وإلى أين يرفع الإزار

- ‌(9) باب إرخاء طرفي العمامة بين الكتفين

- ‌(10) باب النهي عن تختم الرجال بالذهب وطرحه إن لبس

- ‌(11) باب لبس الخاتم الورق وأين يجعل

- ‌(12) باب في الانتعال وآدابه

- ‌(13) باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وفي وضع إحدى الرجلين على الأخرى مستلقيا

- ‌(14) باب ما جاء في صبغ الشعر والنهي عن تسويده والتزعفر

- ‌(15) باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة إلا أن تكون الصورة رقما

- ‌(16) باب كراهية الستر فيه تماثيل وهتكه وجعله وسائد وكراهية كسوة الجدر

- ‌(17) باب أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون

- ‌(18) باب في الأجراس والقلائد في أعناق الدواب

- ‌(19) باب النهي عن وسم الوجوه وأين يجوز الوسم

- ‌(20) باب النهي عن القزع وعن وصل شعر المرأة

- ‌(21) باب في لعن المتنمصات والمتفلجات للحسن

- ‌(22) باب النهي عن الزور وهو ما يكثرن به الشعور وذم الكاسيات العاريات والمتشبع بما لم يعط

- ‌(30) كتاب الأدب

- ‌(1) باب في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها إليه

- ‌(2) باب قوله عليه الصلاة والسلام: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، وفي التسمية بأسماء الأنبياء والصالحين

- ‌(3) باب ما يكره أن يسمى به الرقيق

- ‌(4) باب في تغيير الاسم بما هو أولى والنهي عن الاسم المقتضي للتزكية

- ‌(5) باب تسمية الصغير وتحنيكه والدعاء له

- ‌(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني

- ‌(7) باب الاستئذان وكيفيته وعدده

- ‌(8) باب كراهية أن يقول: أنا، عند الاستئذان، والنهي عن الاطلاع في البيت وحكم المطلع إن فقئت عينه

- ‌(9) باب نظرة الفجأة، وتسليم الراكب على الماشي، وحق الطريق

- ‌(10) باب حق المسلم على المسلم، والسلام على الغلمان

- ‌(11) باب لا يبدأ أهل الذمة بالسلام وكيفية الرد عليهم إذا سلموا

- ‌(12) باب في احتجاب النساء وما يخفف عنهن من ذلك

- ‌(13) باب النهي عن المبيت عند غير ذات محرم وعن الدخول على المغيبات

- ‌(14) باب اجتناب ما يوقع في التهم ويجر إليه

- ‌(15) باب من رأى فرجة في الحلقة جلس فيها وإلا جلس خلفهم

- ‌(16) باب النهي عن أن يقام الرجل من مجلسه، ومن قام من مجلسه ثم رجع إليه عن قرب فهو أحق به

- ‌(17) باب الزجر عن دخول المخنثين على النساء

- ‌(18) باب امتهان ذات القدر نفسها في خدمة زوجها وفرسه؛ لا يغض من قدرها

- ‌(19) باب النهي عن مناجاة الاثنين دون الثالث

- ‌(20) باب جواز إنشاد الشعر وكراهية الإكثار منه

- ‌(21) باب في قتل الحيات وذي الطفيتين والأبتر

- ‌(22) باب المبادرة بقتل الحيات إلا أن تكون من ذوات البيوت؛ فلا تقتل حتى تستأذن ثلاثا

- ‌(23) باب قتل الأوزاغ وكثرة ثوابه في أول ضربة

- ‌(24) باب كراهية قتل النمل إلا أن يكثر ضررها

- ‌(25) باب فيمن حبس الهر

- ‌(26) باب في كل ذي كبد أجر

- ‌(27) باب النهي عن سب الدهر

- ‌(28) باب النهي عن تسمية العنب كرما

- ‌(29) باب النهي عن أن يقول سيد: عبدي وأمتي، أو غلام: ربي أو ربك

- ‌(30) باب لا يقل أحد: خبثت نفسي وما جاء أن المسك أطيب الطيب

- ‌(31) باب من عرض عليه طيب أو ريحان فلا يرده، وبماذا يستجمر

- ‌(32) باب تحريم اللعب بالنرد

- ‌(33) باب مناولة السواك الأكبر

- ‌(31) كتاب: الرقى والطب

- ‌(1) باب في رقية جبريل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) باب العين حق، والسحر حق، واغتسال العائن

- ‌(3) باب ما جاء أن السموم وغيرها لا تؤثر بذاتها

- ‌(4) باب ما كان يرقي به رسول الله صلى الله عليه وسلم المرضى، وكيفية ذلك

- ‌(5) باب مماذا يرقى

- ‌(6) باب لا يرقى برقى الجاهلية ولا بما لا يفهم

- ‌(7) باب أم القرآن رقية من كل شيء

- ‌(8) باب الرقية بأسماء الله والتعويذ

- ‌(9) باب لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

- ‌(10) باب التداوي بقطع العرق والكي والسعوط

- ‌(11) باب الحمى من فيح جهنم، فابردوها بالماء

- ‌(12) باب التداوي باللدود والعود الهندي

- ‌(13) باب التداوي بالشونيز والتلبينة

- ‌(14) باب التداوي بالعسل

- ‌(15) باب ما جاء أن الطاعون إذا وقع بأرض فلا يخرج منها فرارا، ولا يقدم عليها

- ‌(16) باب لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة ولا نوء ولا غول

- ‌(17) باب لا يورد ممرض على مصح

- ‌(18) باب في الفأل الصالح وفي الشؤم

- ‌(19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

- ‌(20) باب في رمي النجوم للشياطين عند استراق السمع

الفصل: ‌(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

(7) باب لا تغريب على امرأة ويقتصر على رجم الزاني الثيب ولا يجلد قبل الرجم

[1787]

عَن أَبِي هُرَيرَةَ، وَزَيدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّ رَجُلًا مِن الأَعرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنشُدُكَ إِلَّا قَضَيتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ الخَصمُ الآخَرُ - وَهُوَ أَفقَهُ مِنهُ -: نَعَم، فَاقضِ بَينَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَائذَن لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُل. قَالَ: إِنَّ ابنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامرَأَتِهِ، وَإِنِّي أُخبِرتُ أَنَّ عَلَى ابنِي الرَّجمَ، فَافتَدَيتُ

ــ

(7)

ومن باب: لا تغريب على امرأة، ويقتصر على رجم الزاني الثيِّب، ولا يجلد قبل الرَّجم

قوله: (يا رسول الله! أنشدك إلا قضيت لي بكتاب الله) هكذا وقع في صحيح الرواية: (أنشدك) من غير ذكر اسم الله. وهو المراد به، لكنَّه حُذِف لفظًا للعلم به. وقد وقع في بعض النُّسخ:(أنشدك الله! ) ومعناه: أقسم عليك بالله. وكتاب الله هنا: يُراد به: حكم الله إن كانت هذه القضية وقعت بعد نسخ تلاوة آية الرَّجم كما تقدم. وإن كانت قبل ذلك: فكتاب الله محمول على حقيقته.

و(قوله: فقال الخصم الآخر -وهو أفقه منه -: نعم، فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي) إنما فضل الراوي الثاني على الأول بالفقه؛ لأنَّ الثاني ترفق ولم يستعجل، ثمَّ تلطَّف بالاستئذان في القول، بخلاف الأوَّل، فإنَّه استعجل، وأقسم على النبي صلى الله عليه وسلم في شيء كان يفعله بغير يمين، ولم يستأذن، وهذا كله من جفاء الأعراب، فكان للثاني عليه مزيَّة في الفهم والفقه. ويحتمل: أن يكون ذلك؛ لأنَّ الثاني وصف القضية بكمالها، وأجاد سياقتها.

و(قوله: إن ابني كان عَسِيفًا على هذا، فزنى بامرأته) العسيف: الأجير،

ص: 104

مِنهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلتُ أَهلَ العِلمِ، فَأَخبَرُونِي أَنَّمَا عَلَى ابنِي جَلدُ مِائَةٍ وَتَغرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امرَأَةِ هَذَا الرَّجمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي

ــ

على ما قاله مالك. ولم يكن هذا من الأب قذفًا لابنه، ولا للمرأة؛ لاعترافهما بالزنى على أنفسهما.

وفي هذا الحديث أبواب من الفقه. فمنها: أن كل صلح خالف السُّنَّة فهو باطل، ومردودٌ. وأن الحدود التي هي ممحَّضةٌ لحقِّ الله تعالى لا يصح الصُّلح فيها.

واختلف في حدّ القذف؛ هل يصحُّ الصلح فيه أم لا؟ ولم يختلف في كراهته لأنَّه ثمنُ عِرضٍ. ولا خلاف في أنَّه يجوز قبل رفعه. وأمَّا حقوق الأبدان من الجراح، وحقوق الأموال: فلا خلاف في جوازه مع الإقرار. واختلف في الصلح على الإنكار. فأجازه مالك، ومنعه الشافعي.

وفيه: جواز استنابة الحاكم في بعض (ل ضايا من يحكم فيها مع تمكُّنه من مباشرته.

وفيه: أن الإقرار بالزنى لا يشترط فيه تكرار أربع مرَّات، ولا أن المرجوم يجلد قبل الرَّجم. وقد تقدم الخلاف فيهما.

وفيه: أن ما كان معلومًا من الشروط والأسباب التي تترتب عليها الأحكام لا يحتاج إلى السؤال عنها. فإن إحصان المرأة كان معلومًا عندهم، فإنَّها كانت ذات زوج معروف الدخول عليها. وعلى هذا: يحمل حديث الغامدية؛ إذ لو لم تكن محصنة؛ لما جاز رجمها بالإجماع.

وفيه: إقامةُ الحاكم الحدّ بمجرَّد إقرار المحدود وسماعه منه من غير شهادة عليه. وهو أحد قولي الشافعي، وأبي ثور. ولا يجوز ذلك عند مالك إلا بعد الشهادة عليه. وانفصل عن ذلك بأنه ليس في الحديث ما ينصُّ على أنها لم يسمع إقرارها إلا أُنَيس خاصَّة، بل العادة قاضية بأن مثل هذه القضيَّة لا تكون في خلوةٍ،

ص: 105

نَفسِي بِيَدِهِ لَأَقضِيَنَّ بَينَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ رَدٌّ، وَعَلَى ابنِكَ

ــ

ولا ينفرد بها الآحاد، بل لا بدَّ من حضور جمع كثير تلك القضيَّة، وشهرتها (1)، لا سيما قضية مثل هذه تُرفع إلى الإمام، ويَبعَث من يكشفها ويرجم فيها. ولا بدَّ من إحضار طائفة من المؤمنين لإقامة الحدّ كما قال تعالى (2)، مع صغر المدينة، فمثل هذا لا يخفى، ولا ينفرد به الواحد ولا الاثنان. وهذا كلُّه مبني: على أن أنيسًا كان حاكمًا، ويحتمل أن يكون رسولًا لها ليستفصلها، ويعضد هذا التأويل قوله في آخر الحديث:(فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت) فهذا يدلُّ على أن أنيسًا إنَّما سمع إقرارها، وأن تنفيذ الحكم؛ إنما كان من النبي صلى الله عليه وسلم بعد سماع إقرارها من أُنَيس، حين أبلغه إيَّاه، وحينئذ يتوجَّه إشكال آخر. وهو: أن يقول: فكيف اكتفى بشاهد واحد؟ !

وقد اختلف في الشهادة على الإقرار بالزنى. هل يكتفى فيه بشهادة شاهدين كسائر الإقرارات أم لا بدَّ من أربعة كالشهادة على رؤية الزنى؟ على قولين لعلمائنا، ولم يذهب أحدٌ من المسلمين إلى الاكتفاء بشهادة واحد.

فالجواب: أن هذا اللفظ؛ الذي قال فيه: فاعترفت، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت. هو من رواية الليث عن الزهري. وقد روى هذا الحديث عن الزُّهري مالك، وقال فيه: فاعترفت، فرجمها (3). ولم يذكر:(فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت). وعند التعارض: فحديث مالك أولى لما يعلم من حال مالك، وحفظه، وضبطه، وخصوصًا في حديث الزهري، فإنَّه أعرف الناس به. وعلى رواية مالك فظاهرها: أن أُنيسًا كان حاكمًا، فيزول الإشكال، ولو سلَّمنا: أنَّه كان رسولًا؛ فليس في الحديث ما ينصُّ على انفراد أُنيس بالشهادة عليها، فيكون غيره شهد عند

(1) أي: لا بدَّ من شهرتها.

(2)

في هذا إشارة إلى قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2].

(3)

رواه مالك في الموطأ (2/ 822).

ص: 106

جَلدُ مِائَةٍ وَتَغرِيبُ عَامٍ، وَاغدُ يَا أُنَيسُ إِلَى امرَأَةِ هَذَا؛ فَإِن اعتَرَفَت فَارجُمهَا. قَالَ: فَغَدَا عَلَيهَا فَاعتَرَفَت، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَت.

رواه أحمد (4/ 115)، والبخاريُّ (2314)، ومسلم (1697)، وأبو داود (4445)، والترمذيُّ (1433)، والنسائي (8/ 241 و 242)، وابن ماجه (2549).

* * *

ــ

النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. ويعتضد هذا بما ذكرنا: من أن القضيَّة انتشرت، واشتهرت. فيَبعد أن ينفرد بها واحدٌ، سلَّمناه، لكنَّه خبر، وليس بشهادة، فلا يشترط فيه العدد. وحينئذ يستدلُّ به على قبول أخبار الآحاد والعمل بها في الدِّماء وغيرها. والله تعالى أعلم.

وفيه دليل على جواز الاستفتاء والفُتيا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع إمكان الوصول إليه. وجواز استفتاء المفضول مع وجود الأفضل. ولو كان ذلك غير جائز لأنكره النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه دليل: على جواز اليمين بالله تعالى، وإن لم يُستَحلَف. وعلى أنَّ ما يفهم منه اسم الله تعالى يمين جائزة وإن لم يكن من أسمائه تعالى، فإنَّ قوله:(والذي نفسي بيده! ) ليس من أسماء الله تعالى، ولكنه تنزل منزلة الأسماء في الدلالة، فيلحق به كل ما كان في معناه، كقوله: والذي خلق الخلق، وبسط الرزق. وما أشبه ذلك.

و(قوله: واغدُ يا أنيس على امرأة هذا) معناه: امضِ، وسِر. وليس معناه: سر إليها بُكرةً، كما هو موضوع الغداة. وكذلك قوله:(فغدا عليها) أي: مشى إليها، وسار نحوها.

وفيه ما يدلُّ على أن زنى المرأة تحت زوجها لا يفسخ نكاحها، ولا يوجب

ص: 107