الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6) باب تكنية الصغير وندائه بيا بني
[2057]
عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالَ لَهُ: أَبُو عُمَيرٍ. قَالَ: أَحسِبُهُ قَالَ: كَانَ فَطِيمًا. قَالَ: فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَآهُ قَالَ: أَبَا عُمَيرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيرُ. قَالَ: وكَانَ يَلعَبُ بِهِ.
رواه أحمد (3/ 115)، والبخاري (6129)، ومسلم (2150)، وأبو داود (4969)، والترمذي (333)، وابن ماجه (3740).
[2058]
وعنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني.
رواه أحمد (3/ 285)، ومسلم (2151).
ــ
(6)
ومن باب تكنية الصغير
قد تقدَّم القول في الكناية في الباب قبل هذا.
قوله: (يا أبا عمير! ما فعل النُّغير؟ ) فيه دليلٌ على جواز السجع في الكلام إذا لم يكن متكلَّفًا، فأما مع التكلُّف فهو من باب التنطع والتشدُّق المكروهين في الكلام. وعمير: تصغير عمر أو عمرو. والنغير: تصغير نُغر، والنُّغَرُ: طير كالعصافير حُمر المناقير، وتجمع: نِغران. مثل: صُرَد وصِردان، ومؤنَّثه: نُغَرة، كهُمَزة.
وقد يستدلُّ الحنفي بهذا الحديث على جواز المدينة. وهو قول خالف فيه الجمهور ونص نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيد المدينة، كما نهى عن صيد مكة، كما قدَّمناه.
ولا حجَّة فيه؛ إذ ليس فيه ما يدلُّ على أن ذلك الطير صيد في حرم المدينة، بل نقول: إنه صيد في الحل، وأدخل في الحرم. ويجوز للحلال أن
[2059]
وعَن المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ عَن الدَّجَّالِ أَكثَرَ مِمَّا سَأَلتُهُ عَنهُ، فَقَالَ لِي: أَي بُنَيَّ، وَمَا يُنصِبُكَ مِنهُ؟ إِنَّهُ لَن يَضُرَّكَ. قَالَ: قُلتُ: إِنَّهُم يَزعُمُونَ أَنَّ مَعَهُ أَنهَارَ المَاءِ وَجِبَالَ الخُبزِ!
ــ
يصيد في الحل، ويدخله في الحرم، ولا يجوز له أن يصيد في الحرم، فيُفَرَّق بين ابتداء صيده، وبين استصحاب إمساكه، كما ذكرناه في الحج.
وفيه جواز لعب الصَّبي بالطير الصغير، لكن الذي أجاز العلماء من ذلك: أن يمسك له، وأن يلهو بحسنه. وأما تعذيبه، والعبث به: فلا يجوز؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تعذيب الحيوان إلا لمأكلة.
وفيه ما يدل على جواز المزاح مع الصغير، لكن إذا قال حقًّا.
وفيه ما يدل على حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ولطافة معاشرته، وألفاظه، ومنها: قوله لابن عمر (1): (يا بني) وكذلك قوله للمغيرة: (أي بني) فإنَّه نزله منزلة ابنه الصغير في الرحمة، والرفق، والشفقة.
وسؤال المغيرة عن الدجال إنما كان لما سمع من عظيم فتنته، وشدَّة محنته، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(وما ينصبك منه؟ إنه لن يضرَّك؛ أي: ما يصيبك منه من النَّصَب والمشقَّة. وهكذا رواية الكافة. وعند الهوزني: (ما ينضيك): بالضاد المعجمة، والياء باثنتين من تحتها، وكأنه من جهة قولهم: جمل نضوٌ؛ أي: هزيل، وأنضاه السَّير؛ أي: أهزله. والأول أصح رواية ومعنًى.
و(قوله: إنه لن يضرك) يحتمل أن يريد: لأنك لا تدرك زمان خروجه. ويحتمل أن يكون إخبارًا منه بأنه يُعصم من فتنته، ولو أدرك زمانه، والله ورسوله أعلم.
وقول المغيرة: (إنهم يزعمون: أن معه أنهار الماء، وجبال الخبز) هذا يدلّ
(1) كذا في جميع النسخ، وما تقدم من الحديث السابق أن هذا القول لأنس.