الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس في غسل الجمعة
المبحث الأول في وجوب غسل الجمعة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الغسل للجمعة غسل لا يوجبه حدث، ولا نجس، شرع أول ما شرع دفعًا للروائح التي يتأذى بها الناس، ثم أمروا به أمرًا عامًّا، ومن هنا اختلف الناس فيه:
هل يجب نظرًا لظاهر النصوص، أو يستحب نظرًا لأنه ليس ناشئًا عن حدث أو نجس، وإنما هو بمنزلة الاغتسال للإحرام والطواف، ونحوهما.
• الطهارة متى أمر بها لتحصيل النظافة، ثم دخلتها أحكام العبادة المحضة لزمه الإتيان بها على كل حال، ولم يراع سببها، فيغتسل المسلم وإن عدمت الرائحة، كالرمل في الطواف سبب مشروعيته إغاظة الكفار، واستمر مشروعًا بعد ارتفاع سببه لغلب العبادة عليه.
• الحكمة إذا كانت غير منضبطة لم تعلل بها الأحكام الشرعية، كالغسل يوم الجمعة شرع من أجل النظافة ودفع الرائحة، ولما كان تقدير النظافة يختلف الناس فيه علق الغسل بيوم الجمعة وجعل حقًا لله ليكون تشريعًا عامًا، للنظيف
وغيره، ومثله الترخص في السفر شرع من أجل دفع المشقة، ولما كانت المشقة غير منضبطة علق الحكم بالسفر، ولم ينظر للمشقة.
• أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالغسل يوم الجمعة، والأصل في الأمر الوجوب، بل إن غسل الجمعة لم يقتصر فيه بالأمر بالغسل، بل اقترن بالأمر فيه ألفاظ تؤكد الوجوب، كقوله: غسل يوم الجمعة واجب، وأنه حق لله على كل مسلم، واستعملت كلمة (على كل مسلم) الظاهرة في الوجوب.
• أطلق على الاغتسال بأنه حق لله على كل مسلم، والحق بمعنى الواجب، ففي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟
فاسْتُعْمِلَتْ كلمة حق في أعظم الواجبات على الإطلاق، وهو توحيد الله بالعبادة.
• إذا كان غسل الجمعة سيؤدي إلى فوات سماع خطبة الجمعة، فإنه يترك ويكتفى بالوضوء؛ لأن مصلحة الاستماع للخطبة أعظم من مصلحة الغسل كما فعل عثمان رضي الله عنه، فالواجبات إذا تزاحمت رتبت.
[م-321] لا يختلف العلماء أن الغسل للجمعة ليس شرطًا في صحة صلاة الجمعة، واختلفوا في وجوبه:
فقيل: الغسل سنة، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والمالكية
(3)
،
(1)
المبسوط (1/ 90)، بدائع الصنائع (1/ 35)، تبيين الحقائق (1/ 18)، فتح القدير (1/ 65)، البحر الرائق (1/ 66)، الفتاوى الهندية (1/ 16).
(2)
المجموع (4/ 404)، حاشيتا قليبوبي وعميرة (1/ 329)، فتاوى الرملي (1/ 60)، نهاية المحتاج (2/ 328).
(3)
الجامع لأحكام القرآن (18/ 106)، التمهيد (10/ 80)، الفواكه الدواني (2/ 266)، المنتقى شرح الموطأ (1/ 185)، ويعبر عنه بعض فقهاء المالكية بأن الغسل يوم الجمعة واجب وذلك لتأكيد سنيته، وليس معنى أنه واجب وجوب الفرائض الذي يأثم بتركها.