الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال عمرو: سمعته من سعيد بن الحارث
(1)
.
فقوله: (ما أردت صلاة فأتوضأ) يدل على أنه لم يجب عليه الوضوء إلا إذا أراد صلاة، وأن وضوءه لما سوى ذلك مستحب، وليس بواجب». اهـ
وما يقال في عدم اشتراط الطهارة من الحدث الأصغر للطواف يقال: في عدم اشتراط الطهارة من الجنابة، سواءً بسواءٍ.
•
دليل من قال: الطهارة واجبة، ويصح الطواف بدونها وتجبر بدم:
استدلوا: على أن الطهارة واجبة بقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)[الحج: 29].
وجه الاستدلال:
أن الله سبحانه وتعالى أمر بالآية بالطواف، وهو اسم للدوران حول البيت، وذلك يتحقق من المحدث والطاهر، فاشتراط الطهارة في الطواف يكون زيادة على النص، ومثل هذه الزيادة لا تثبت بخبر الواحد، ولا بالقياس؛ لأن الركنية لا تثبت إلا بدليل قاطع، فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد؛ لأنه يوجب العمل، ولا يوجب علم اليقين والركنية إنما تثبت بما يوجب علم اليقين. وأصل الطواف ركن ثابت بالنص، والطهارة فيه تثبت بخبر الواحد، فيكون موجبًا للعمل دون العلم، فلم تصر الطهارة ركنًا، ولكنها واجبة، والدم يقوم مقام الواجبات في الحج
(2)
.
• ويُجاب:
أولًا: لا نسلم أنه قد قام دليل على وجوب الطهارة للطواف ولو بخبر آحاد، فأين هذا الدليل الموجب للطهارة حتى نأخذ به؟.
(1)
انظر الكلام علي الحديث، من حيث الاختلاف في لفظه في المجلد الثامن رقم (1771) من طهارة الحيض والنفاس رواية ودراية.
(2)
المبسوط ـ السرخسي (4/ 38).
ثانيًا: تفريق الحنفية بين ما هو قطعي الدلالة، وما هو ظني الدلالة، والأول يصلح أن يكون دليلًا على الفرض، والثاني يكون دليلًا على الواجبات دون الشروط والأركان، والتفريق بين الواجب والفرض كل هذه الأمور مرجوحة لا تقوم على دليل صحيح، ولا يوافقهم فيها الجمهور، ثم الراجح من خبر الآحاد أنه يفيد العلم ما لم يعارضه ما هو أقوى منه، وتجويز الخطأ في خبر الآحاد تجويز عقلي، والأصل عدمه، ولو فتح الباب للتجويز العقلي لهدم الشرع، وهي لا تخرج عن أوهام ووساوس، لا تبنى على أسس، إنما بنيت على شفا جرف هار، وقد كان البلاغ في الرسالة يقوم على خبر الواحد، وهو أصل الشرع، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل الآحاد من الصحابة لتبليغ رسالته، وتقوم الحجة بذلك، فغيره من باب أولى. وليس هذا مقام بسط الكلام بالاحتجاج بخبر الواحد.
• الراجح:
جواز الطهارة من المحدث، سواءً كان حدثًا أصغر أو أكبر عدا الحيض، فإن الطواف لا يصح مع الحيض مع القدرة على الطواف في حال الطهر، فإن اضطرت إلى الطواف صح منها، والخلاف في طواف الحائض قد عقدت له فصلًا مستقلًا في كتابي الحيض والنفاس، فليراجع من هناك، والله أعلم.
* * *