الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المتأخرين من الحنابلة
(1)
، واختيار ابن تيمية رحمه الله
(2)
.
وقيل: يجب عليه الوضوء إذا أراد أن ينام، اختاره ابن حبيب من المالكية
(3)
، وهو مذهب الظاهرية
(4)
.
•
دليل من قال: للجنب أن ينام دون أن يمس ماء:
الدليل الأول:
(820 - 140) ما رواه أحمد، قال: حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن الأسود،
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام، وهو جنب، ولا يمس ماء
(5)
.
[حديث معلول]
(6)
.
(1)
قال في مطالب أولي النهى (1/ 185، 186): «وكره تركه أي الوضوء لجنب لنوم فقط، أي دون الأكل والشرب» . اهـ وانظر كشاف القناع (1/ 158).
(2)
مجموع الفتاوى (21/ 343).
(3)
انظر إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 142)، مواهب الجليل (1/ 316)، وسبق لنا أن هذا القول منسوب إلى مالك، وهو ظاهر عبارة المدونة، والله أعلم.
(4)
قال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 44): «وأما من أوجبه من أهل الظاهر، فلا معنى للاشتغال بقوله لشذوذه؛ ولأن الفرائض لا تثبت إلا بيقين» . اهـ
(5)
المسند (6/ 146).
(6)
هكذا رواه أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة بلفظ:(دون أن يمس ماء).
وخالفه إبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود، فروياه عن الأسود به، بلفظ:(إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة)، زاد فيه الحكم عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: إذا أراد أن يأكل أو ينام، فزاد وضوء الجنب للأكل، وقد رواه أبو سلمة وعروة عن عائشة ولم يذكرا وضوء الجنب للأكل، وسيأتي تخريج طريقهما إن شاء الله تعالى، انظر حديث (828). إذا علم ذلك نأتي إلى تخريج الحديث:
الطريق الأول: إبراهيم النخعي، عن الأسود:
فرواها أبو داود الطيالسي (1384) حدثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم عن الأسود،
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبًا، فأراد أن ينام، أو يأكل توضأ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريق شعبة أخرجه أحمد (6/ 126، 192) ومسلم (305) وأبو داود في السنن (224)، والنسائي (255)، وفي الكبرى (253، 525)، وابن ماجه (591)، والدارمي (2078)، وأبو عوانة (1/ 278)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125)، وابن خزيمة (215)، والبيهقي في السنن (1/ 193، 202).
وأخرجه الطبراني في الأوسط (5203) من طريق ميمون أبو حمزة، عن إبراهيم به.
وهذه متابعة للحكم، إلا أن ميمون أبا حمزة ضعيف.
جاء في مسند أحمد (6/ 191): «قال يحيى ـ يعني القطان ـ ترك شعبة حديث الحكم في الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ» .
فإذا كان الراوي لهذه قد تركها عمدًا في آخر الآمر، فكيف يصح قبولها.
وفي الإمام لابن دقيق العيد (3/ 92): «عن أحمد بن القاسم، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: إذا أراد أن ينام فليتوضأ وضوءه للصلاة على الحديث ثم ينام، فأما إذا أراد أن يطعم، فليغسل يديه، ويمضمض، ويطعم؛ لأن الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم، قال: وبلغني أن شعبة ترك حديث الحكم بآخرة، فلم يحدث به في من أراد أن يطعم؛ وذلك لأنه ليس يقوله غيره، إنما هو في النوم» .
فهذا صريح من الإمام أحمد أن الحديث إنما هو في الوضوء للنوم فقط.
وقال الحافظ في التلخيص (1/ 140): «لعله تركه بعد أن كان يحدث به لتفرده بذكر الأكل كما حكاه الخلال عن أحمد» .
وقد صوب الإمام أحمد فعل شعبة، فلم يكن يسوي بين وضوء الجنب للنوم، وبين وضوئه للأكل، مع أن رواية إبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة قد قرن بينهما.
ففي مسائل أحمد رواية ابنه صالح (433): «وسألته عن الجنب يأكل، أو يشرب؟ قال: هو أسهل من النوم، والنوم يتوضأ» .
فهنا الإمام أحمد لم يجعل الوضوء للنوم والأكل سواءً.
وكان الإمام مالك أيضًا لا يسوى بين الوضوء للنوم، والوضوء للأكل، كما في المدونة (1/ 30):«قال مالك: لا ينام الجنب حتى يتوضأ، ولا بأس أن يعاود أهله قبل أن يتوضأ، قال: ولا بأس أن يأكل قبل أن يتوضأ» .
وقد يكون تركه أيضًا للاختلاف فيه على إبراهيم:
فرواه شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم موصولًا.
وروي عن إبراهيم مرسلًا، وروي عن إبراهيم قوله، وروي عن إبراهيم، عن الأسود قوله، روى كل ذلك النسائي في السنن الكبرى.
فقد رواه سفيان، واختلف عليه فيه: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فرواه النسائي في السنن الكبرى (6706، 9001) عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، قال: الجنب إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب توضأ وضوءه للصلاة. وهذا موقوف على إبراهيم.
ورواه النسائي في الكبرى (9000) عن سويد بن نصر، عن عبد الله ـ يعني ابن المبارك ـ عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ وضوءه للصلاة. ولم يذكر الأكل.
ورواه النسائي في الكبرى (8999) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة. وهذا مرسل، ولم يذكر الأكل.
ورواه النسائي في الكبرى (9002) أخبرنا سويد بن نصر، عن عبد الله، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: لا بأس بأن يشرب وإن لم يتوضأ.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 126) من طريق أبي الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال الأسود: إذا أجنب الرجل فأراد أن ينام فليتوضأ. فجعله من قول الأسود، ولم يذكر الأكل.
هذا ما يتعلق برواية إبراهيم النخعي، والاختلاف عليه، فهل يقال: إن الحكم أثبت الناس في إبراهيم، وهو مقدم على غيره؟
أو يقال: إن منصور قرين الحكم في الرواية عن إبراهيم، فإذا أضيف إلى منصور الزبير بن عدي ومغيره رجح على الحكم، قال أحمد:«أثبت الناس في إبراهيم الحكم، ثم منصور» .
وجاء في المنتخب من العلل للخلال (ص: 325): «قال مهنأ: سألت أحمد: أيهما أحب إليك إذ حُدَّث عن إبراهيم؟ فقال: منصور. قلت: كيف ذاك؟ قال: بلغني أن الأعمش كان إذا حُدِّث عن أصحاب إبراهيم تكلم، وإذا حدث عن منصور سكت» .
الطريق الثاني: عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود.
أخرجه أحمد (6/ 273) من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي،
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سألتها، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، إذا كان هو جنب، وأراد أن ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كان يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم ينام.
ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن راهوية في مسنده (1485)، والدارمي (757).
وهذا سند حسن، رجاله كلهم ثقات إلا ابن إسحاق، فإنه صدوق،
وتابع حجاج بن أرطأة ابن إسحاق، وحجاج ضعيف، ويمشي في المتابعات، فقد أخرجه أحمد (6/ 224) حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا حجاج، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنب من الليل، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة حتى يصبح، ولا يمس ماء.
وأخرجه أحمد (6/ 260) حدثنا سليمان بن حيان، حدثنا حجاج به.
وهذا المتن وإن كان إسناده فيه مقال، إلا أنه يوضح الإشكال القائم في إسناد أبي إسحاق، وأن المقصود بقوله:(ولا يمس ماء) يعني به: ولا يغتسل، وليس معناه أنه لا يتوضأ، وبهذا ينتفي الإشكال لكن هذا يقال: لو كان إسناد الحديث صحيحًا، أما وقد انفرد به مثل حجاج، فهو ضعيف، ومتنه منكر؛ لتفرده بهذا اللفظ.
كما أن الحديث رواه غير الأسود عن عائشة، في الصحيحين وفي غيرهما، موافقًا في الجملة لرواية إبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، عن عائشة، ولم يذكروا ما ذكره أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، وسوف يأتي تخريجها إن شاء الله تعالى عند ذكر أدلة القائلين بوجوب الوضوء عند النوم.
الطريق الثالث: أبو إسحاق السبيعي، عن أبي الأسود:
رواه أبو إسحاق، وانفرد بقوله:(دون أن يمس ماء) وقد رواه جماعة عن أبي إسحاق، منهم:
الأول: إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق به،
أخرجه أحمد (6/ 146)، والنسائي في السنن الكبرى (9054)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125)، وأبو بكر بن المقرئ في المعجم (1139) من طريق هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد به، وقد صرح هشيم بالتحديث عند الطحاوي، كما أن رواية النسائي ليس فيها قوله:(ولا يمس ماء).
ورواه الطبراني في الأوسط (2182) من طريق أبي أسامة.
وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 329 - 330) من طريق طريق زفر، كلاهما (أبو أسامة، وزفر) عن إسماعيل بن أبي خالد.
الثاني: شعبة، عن أبي إسحاق.
أخرجه الطيالسي (1386)، وإسحاق بن راهوية (1513، 1514)، وأحمد (6/ 176)، والبخاري في صحيحه (1146)، والنسائي في الكبرى (1389)، وفي المجتبى (1680)،
وابن حبان (2593) وتعمد شعبة ترك قوله: (دون أن يمس ماء)، ولهذا أخرج البخاري الحديث من طريقه، والدليل على أن شعبة تعمد حذف هذه الزيادة، ما جاء في العلل لابن
أبي حاتم (115) عن أبيه: «سمعت نصر بن علي يقول: قال أبي: قال شعبة: قد سمعت حديث أبي إسحاق، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام جنبًا، ولكني أتقيه» . والله أعلم.
الثالث: الأعمش، عن أبي إسحاق به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه أحمد (6/ 43) وإسحاق بن راهوية (1518)، والترمذي (118)، والنسائي في الكبرى (9003) وابن ماجه (581)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125)، والطوسي في مستخرجه على الترمذي (89)، عن أبي بكر بن عياش.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق عبيد الله بن عمرو،
وأبو الشيخ في ذكر الأقران (45) من طريق منصور بن أبي الأسود، ثلاثتهم عن الأعمش به.
الرابع: سفيان الثوري، عن أبي إسحاق.
أخرجه الطيالسي ط هجر (1500)، وعبد الرزاق في المصنف (1082)، وابن الجعد في مسنده (1764)، وأحمد (6/ 107)، وإسحاق بن راهوية (1512)، وأبو داود (228)، والترمذي (119)، وابن ماجه (583)، وأبو يعلى في مسنده (4729)، وابن المنذر في الأوسط (605)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 124)، والبيهقي في السنن (1/ 201) من طرق عن سفيان الثوري به.
الخامس: أبو الأحوص، عن أبي إسحاق.
أخرجه ابن أبي شيبة (682)، ومن طريقه ابن ماجه (582).
والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق مسدد، كلاهما (ابن أبي شيبة ومسدد) عن أبي الأحوص به، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت له حاجة إلى أهله قضاها، ثم نام كهيئته، لا يمس ماء.
السادس: إسرائيل، عن أبي إسحاق.
أخرجه أحمد (6/ 214، 63) حدثنا وكيع، عن إسرائيل، مطولًا ومختصرًا.
وأخرجه الطيالسي (1517) أخبرنا يحيى بن آدم.
وأخرجه ابن ماجه (1365)، وابن حبان (2589) من طريق عبيد الله بن موسى.
وأخرجه أحمد (6/ 109) حدثنا أسود بن عامر مختصرًا، كلهم عن إسرائيل، عن أبي إسحاق به.
السابع: شريك، عن أبي إسحاق.
أخرجه أحمد (6/ 109) حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق به، بلفظ: «إذا كانت له حاجة إلى أهله، أتاهم، ثم يعود، ولا يمس ماء.
الثامن: زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق به.
واختلف على زهير فيه، فرواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق أبي غسان، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، قال:
أتيت الأسود بن يزيد -وكان لي أخًا وصديقًا- فقلت: يا أبا عمرو حدثني ما حدثتك عائشة رضي الله عنها: أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل، ويحيى آخره، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإذا كان =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= النداء الأول وثب -وما قالت: قام- فأفاض عليه الماء -وما قالت: اغتسل، وأنا أعلم بما تريد- وإن كان جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة.
فبناءً على هذه الرواية بهذا اللفظ لا إشكال، (فإن كانت له حاجة قضى حاجته، ثم نام قبل أن يمس ماء، وإن كان جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة).
قال ابن العربي في شرحه لسنن الترمذي (1/ 182): فهذا يدل على أحد وجهين:
إما أن يريد الحاجة حاجة الإنسان من البول والغائط، فيقضيها، ثم يستنجي، ولا يمس ماء، وينام، فإن وطئ توضأ كما في آخر الحديث.
ويحتمل أن يريد بالحاجة حاجة الوطء، وبقوله:(ثم ينام ولا يمس ماء) يعني: الاغتسال، ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوله وآخره، فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة هي حاجة الوطء، فنقل الحديث على معنى ما فهم».
ووافق المباركفوري ابن العربي على هذا الفهم في تحفته (1/ 115)، والشوكاني في نيل الأوطار.
والحق أن هذا اللفظة أعني قوله: «وإن كان جنبًا توضأ وضوءه للصلاة» قد انفرد بها أبو غسان، عن زهير، وقد رواه غيره عن زهير بلفظ:(إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم نام قبل أن يمس ماء ثم قال: وإن لم يكن جنبًا توضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى ركعتين).
رواه أبو نعيم الفضل بن دكين كما في الصلاة (46).
وابن الجعد في مسنده (2563).
وأحمد (6/ 102) والبيهقي في السنن (1/ 201) عن حسن بن موسى.
وأحمد أيضًا (6/ 102) حدثنا أبو كامل مظفر بن مدرك.
ومسلم في صحيحه (739) والبيهقي في سننه (1/ 201) عن أحمد بن يونس ويحيى بن يحيى.
وإسحاق بن راهوية أيضًا (1515) عن أبي نعيم الملائي.
وأخرجه أيضًا (1516) عن يحيى بن آدم.
وأخرجه البيهقي (1/ 201) من طريق عمرو بن خالد، كلهم، (أبو نعيم الفضل بن دكين، وعلي بن الجعد، وأبو كامل، وأحمد بن يونس، ويحيى بن يحيى، وحسن بن موسى، وعمرو بن خالد، وأبو نعيم الملائي، ويحيى بن آدم) سبعتهم رووه عن زهير بلفظ: (وإن لم يكن جنبًا توضأ) وليس بلفظ: (وإن كان جنبًا توضأ) كما قال أبو غسان، إلا أن مسلم تعمد أن يحذف قوله:(دون أن يمس ماء)، وأعلها في كتابه التمييز، فبناءً على هذا اللفظ ليس فيه حجة للطحاوي، وأبي بكر بن العربي، والمباركفوري، والشوكاني، ويبقى الكلام على مخالفة أبي إسحاق لإبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود،
فاختلف العلماء هل الحديثان محفوظان؟ أعني لفظ حديث أبي إسحاق، عن الأسود، ولفظ إبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن الأسود عن الأسود أو أن أحدهما أرجح من الآخر؟ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فذهب أكثر العلماء إلى ترجيح رواية إبراهيم، وعبد الرحمن بن الأسود، وأن رواية
أبي إسحاق خطأ ووهم، ذهب إلى ذلك إمام أهل السنة أحمد رحمه الله، وشعبة، ومسلم، والثوري
وأبو داود، والترمذي، ويزيد بن هارون، وأبو حاتم الرازي وغيرهم، فهؤلاء هم أدرى الناس بعلل بالحديث، ومن خالفهم في هذا الشأن فقد تكلف، وتكلم بما لا يعرف.
قال أبو داود في السنن (228) حدثنا الحسن بن علي الواسطي، قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم، يعني حديث أبي إسحاق.
وجاء في كتاب العلل لابن أبي حاتم (1/ 49): «قال شعبة: قد سمعت حديث أبي إسحاق، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام جنبًا، ولكني أتقيه» .
وقال الترمذي: قد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث: شعبة، والثوري، وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق. اهـ كلام الترمذي.
وقال ابن رجب في الفتح (1/ 362): «وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق، منهم: إسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومسلم بن حجاج، وأبو بكر الأثرم، والجوزاني، والترمذي، والدارقطني .... وقال أحمد بن صالح المصري الحافظ: لا يحل أن يروي هذا الحديث، يعني: أنه خطأ مقطوع به، فلا تحل روايته من دون بيان علته.
وأما الفقهاء المتأخرون، فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله، فظن صحته، وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواه ثقة فهو صحيح، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث، ووافقهم طائفة من المحدثين المتأخرين كالطحاوي والحاكم والبيهقي .... ». إلخ كلام الحافظ ابن رجب.
وقال الحافظ في تلخيص الحبير (187): « .... وفي علل الأثرم: لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم النخعي وحده لكفى، فكيف وقد وافقه عبد الرحمن بن الأسود، وكذلك روى عروة وأبو سلمة عن عائشة.
وقال ابن مفوز: أجمع المحدثون على أنه خطأ من أبي إسحاق. وتعقبه الحافظ، فقال: كذا قال، وتساهل في نقل الإجماع، فقد صححه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، ثم قال: وقال الدارقطني في العلل: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، قاله بعض أهل العلم.
ثم ساق الحافظ ابن حجر طريقة بعض العلماء في الجمع بين لفظ أبي إسحاق وبين لفظ إبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود على تقدير صحة لفظ أبي إسحاق بأن المقصود (لا يمس ماء) المقوصد به ماء الغسل، وليس ماء الوضوء، أو أنه كان يفعل الأمرين لبيان الجواز.
ونقل ابن رجب عن بعض العلماء في الجمع طريقة ثالثة بأنه إن أجنب أول الليل توضأ ونام، وإن أجنب آخر الليل نام نومة خفيفة للاستراحة، ثم قام فاغتسل لصلاة الفجر، وقد روى =