الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع في إيجاب الغسل على الصغير إذا جامع
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الأصل في وجوب الغسل هو الإنزال، والصغير ليس من أهله، وإنما أقيم التقاء الختانين مقام الإنزال؛ لأنه سبب فيه.
• موجب الحدث الأصغر كالبول والريح يتأتى من الصبي، وأما موجب الحدث الأكبر الذي هو الجنابة فلا يتأتى من الصبي، وإذا تعذر موجب الجنابة من شرطه، فهل يلحق بالحدث الأصغر أم لا؟
(1)
.
• الحدث يبطل الطهارة ولا يوجبها، وإنما يوجب الطهارة عبادة تكون الطهارة شرطًا لها كالصلاة ولو من غير البالغ.
[م-306] اختلف الفقهاء في ذلك،
فقيل: لا يجب عليه غسل، وهو مذهب الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
،
وقول في مذهب
(1)
انظر القواعد الفقهية المستنبطة من المدونة (1/ 380).
(2)
حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 16).
(3)
الشرح الصغير (1/ 165)، بل إن المالكية لا يوجبون الغسل على المرأة الكبيرة إذا وطئها غير بالغ، انظر مواهب الجليل (1/ 309).
…
وهناك قول آخر في مذهب المالكية، وهو أن الصغيرة إذا وطئها بالغ، فإن كانت تؤمر بالصلاة أمرت بالغسل، انظر مواهب الجليل (1/ 309) وانظر بهامشه التاج والإكليل في الصفحة نفسها، والله أعلم.
قال الحطاب في مواهب الجليل: الصور العقلية أربع: الأولى: أن يكونا بالغين، فلا إشكال في وجوب الغسل.
الثانية: عكسه، أن يكونا غير بالغين، ولا فرق بين الصغير والمراهق على المشهور. قال ابن بشير: مقتضى المذهب أن لا غسل، وقد يؤمران فيه على وجه الندب.
الثالثة: أن يكون الواطئ غير بالغ، فلا غسل إلا أن تنزل.
الرابعة: أن تكون الموطوءة غير بالغة، وهي ممن تؤمر بالصلاة، قال ابن شاس: لا غسل عليها؛ لأنها إنما أمرت بالوضوء ليسره، بخلاف الغسل، كما أمرت بالصلاة دون الصوم. وقال أشهب: عليها الغسل. قال ابن الحاجب: تؤمر الصغيرة على الأصح .... » إلخ كلامه رحمه الله.
الحنابلة
(1)
.
وتعليلهم ظاهر، وهو قائم على أن الصغير غير مكلف، ولا تجب عليها الصلاة التي تجب الطهارة لها، وأن الأصل في وجوب الغسل هو الإنزال، وليس من أهله، وإنما أقيم التقاء الختانين مقام الإنزال؛ لأنه سبب فيه، ولأنه لا يطلق عليه جنب ما دام لم يبلغ السن الذي يستطيع فيه الإنزال.
وقيل: يجب عليه الغسل، وهو مذهب الشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
إلا أن الحنابلة اشترطوا أن يكون مثله يجامع وإن لم يبلغ، وبعضهم يشترط كون الذكر ابن عشر سنين والأنثى بنت تسع سنين، وهذا تفسير للشرط.
قالوا: وإذا قلنا بوجوب الغسل، فلا يعني ذلك: أنه يأثم بتركه، وإنما هو شرط لصحة الصلاة ونحوها مما تشترط لفعله الطهارة.
(1)
الإنصاف (1/ 234).
(2)
قال النووي في روضة الطالبين (1/ 81): «ويصير الصبي والمجنون المولجان أو المولج فيهما جنبين بلا خلاف، فإن اغتسل الصبي وهو مميز صح غسله، ولا يجب إعادته إذا بلغ. إلخ كلامه رحمه الله تعالى.
(3)
المغني (1/ 132).
وللقياس على البول، فكما أن الصغير إذا بال لم تصح صلاته حتى يتوضأ، ولا يقال: يجب عليه الغسل، كما لا يقال: يجب عليه الوضوء، بل يقال: صار محدثًا، ويجب على الولي أن يأمره بالغسل إن كان مميزًا، كما يأمره بالوضوء.
واستدل الإمام أحمد بفعل عائشة، وقد تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم، وهي بنت تسع سنين.
قال ابن قدامة: «سئل -يعني أحمد- عن الغلام يجامع مثله ولم يبلغ، فجامع المرأة، يكون عليهما جميعا الغسل؟ قال: نعم.
قيل له: أنزل أو لم ينزل؟ قال: نعم. وقال: ترى عائشة حين كان يطؤها النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تغتسل؟ ويروى عنها: إذا التقى الختانان وجب الغسل»
(1)
.
إلا أن السؤال الذي يرد على الاستدلال بفعل عائشة، هل كانت عائشة صغيرة لم تبلغ الحنث حين كانت زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم أو كانت قد بلغت، وإن كانت بنت تسع سنين؟ الظاهر الثاني، فإذا كانت قد بلغت لم يكن هناك دليل على مسألتنا، والله أعلم.
ولذلك روى الترمذي
(2)
، والبيهقي
(3)
، كلاهما تعليقًا:
قال البيهقي: وروينا عن عائشة رضي الله عنها قالت:
إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة.
قال البيهقي: تعني -والله أعلم- فحاضت فهي امرأة.
[ضعيف لتعليقه]
(4)
.
* * *
(1)
المغني (1/ 132).
(2)
سنن الترمذي (3/ 418).
(3)
سنن البيهقي (1/ 320).
(4)
سبق بحثه في كتاب الحيض والنفاس رقم (1555).