الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
قد بينت في فصل سابق، أن هذا الوضوء لم يكن بنية رفع الحدث، وإنما هو جزء من الغسل الواجب قُدِّمَ فيه أعضاء الوضوء لشرفها، كتقديم اليمين بالنسبة للشمال، ولن يرجع إلى أعضاء الوضوء مرة أخرى، وإذا كان هذا الوضوء بنيه رفع الجنابة لم يكن فيه شيء ممسوح؛ لأن غسل الجنابة على اسمه غسل، وليس مسحًا، وهذا يوضح بجلاء كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمسح رأسه؟ وإنما أفاض عليه الماء حين بلغ الرأس، والله أعلم.
•
دليل من قال: يمسح رأسه، ثم يغسله
.
(902 - 222) استدلوا بما رواه البخاري في صحيحه من طريق عبد الله، عن هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بيده شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده، رواه البخاري واللفظ له، ومسلم
(1)
.
وجه الاستدلال:
قولها رضي الله عنها: (توضأ وضوءه للصلاة) يراد به الوضوء الكامل، ومنه مسح الرأس.
• ويُجاب عن هذا الحديث:
قولها رضي الله عنها: (توضأ وضوءه للصلاة) مجمل، قد يراد به الوضوء الكامل، وقد يقال: باعتبار الأغلب، فهذه ميمونة رضي الله عنها تقول:(توضأ وضوءه للصلاة) والمراد الأغلب، وليس كل أعضاء الوضوء،
(1)
البخاري (272)، ومسلم (316).
(903 - 223) فقد روى البخاري من طريق سفيان، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس،
عن ميمونة، أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة، فغسل فرجه بيده، ثم دلك بها الحائط، ثم غسلها، ثم توضأ وضوءه للصلاة، فلما فرغ من غسله غسل رجليه. رواه البخاري واللفظ له، ومسلم
(1)
.
فإذا صح أن تقول ميمونة رضي الله عنها: (توضأ وضوءه للصلاة) والمراد غير رجليه، صح أن قول عائشة رضي الله عنها:(توضأ وضوءه للصلاة) أي وغسل رأسه بدلًا من مسحه، خاصة أن الرأس لم يترك حتى يستثنى، بل غسل غسلًا، وهو مسح وزيادة، وكوننا نحمل حديث عائشة على حديث ميمونة في صفة غسل الرأس، أولى من حمله على صفتين، خاصة أننا لم نقف على حديث واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرح بمسح الرأس في غسل الجنابة، بل جاء عن عائشة ما يوافق حديث ميمونة عندما ذكر الوضوء بشيء من التفصيل،
(904 - 224) فقد روى أحمد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، قال:
سمعت أبا سلمة، قال: دخلت على عائشة، فسألتها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة؟ قالت: كان يؤتى بإناء، فيغسل يديه ثلاثًا، ثم يصب من الإناء على فرجه، فيغسله، ثم يفرغ بيده اليمنى على اليسرى، فيغسلها، ثم يمضمض ويستنشق، ثم يفرغ على رأسه ثلاثًا، ثم يغسل سائر جسده
(2)
.
[حسن، ورواه بعضهم عن عطاء بذكر التثليث في الوضوء، وليس ذلك بمحفوظ]
(3)
.
(1)
البخاري (260)، ومسلم (317).
(2)
المسند (6/ 173 - 174).
(3)
انظر تخريجه، في المجلد الثامن ح:(1672).