الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرض الثاني
النية
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• العبادة المعقولة المعنى، لا تشترط لها النية قولًا واحدًا، كالطهارة من النجاسة، والعبادة المحضة غير المعللة تشترط لها النية قولًا واحدًا، كالصلاة، والغسل فيه شبه من العبادتين، والصحيح اشتراط النية له.
• الأعمال كلها إما مطلوب أو مباح، والمباح لا يتقرب به إلى الله قصدًا، فلا معنى للنية فيه، والمطلوب: إما نواه أو أوامر، والنواهي كلها يخرج الإنسان من عهدتها وإن لم يشعر بها، والنية فيها شرط للثواب لا في الخروج من العهدة.
والأوامر على قسمين: الأول منها ما يكون صورة فعله كافية في تحصيل مصلحته، كأداء الديون، والودائع، والغصوب، ونفقات الزوجات فإن هذه الأفعال يخرج الإنسان من عهدتها وإن لم ينوها.
والقسم الثاني من الأوامر ما تكون صورة فعله ليست كافية في تحصيل مصلحته المقصودة منه، كالصلوات والطهارات والصيام والنسك، فإن المقصود منها تعظيمه تعالى بفعلها والخضوع له في إتيانها، وذلك إنما يحصل إذا قصدت من أجله سبحانه وتعالى، فإن التعظيم بالفعل بدون قصد المعظم محال
(1)
.
(1)
انظر الذخيرة للقرافي (1/ 245).
[م-388] اختلف العلماء في حكم النية في طهارة الحدث عمومًا: الأصغر والأكبر،
فقيل: النية سنة في طهارة الوضوء والغسل، شرط في طهارة التيمم، وهو مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: النية شرط لطهارة الحدث مطلقًا الأصغر والأكبر، بالماء أو التيمم، وهو مذهب المالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
، وهو الراجح.
وقيل: يجزئ الوضوء والغسل والتيمم بلا نية، وهو قول الأوزاعي
(5)
.
• وسبب الاختلاف في اشتراط النية للطهارة:
ما قاله ابن رشد: اختلف العلماء هل النية شرط في صحة الوضوء أم لا؟ بعد اتفاقهم على اشتراط النية في العبادات لقوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)[البينة: 5] ثم قال: وسبب اختلافهم: تردد الوضوء بين أن يكون عبادة محضة أعني غير معقولة المعنى، وإنما يقصد بها القربة فقط كالصلاة وغيرها، وبين أن يكون
(1)
فتح القدير (1/ 32)، البناية في شرح الهداية (1/ 173)، تبيين الحقائق (1/ 5)، البحر الرائق (1/ 24)، بدائع الصنائع (1/ 19)، مراقي الفلاح (ص: 29).
(2)
المالكية يرون أن النية فرض من فروض الوضوء، فهم يتفقون مع الجمهور على وجوبها، ويختلفون في حكم الوجوب، هل هي شرط في صحة الوضوء، أو فرض من فروض الوضوء؟ فالشافعية والحنابلة يرون أن النية شرط، بينما المالكية يرون أن النية من فروض الوضوء انظر حاشية الدسوقي (1/ 85)، مواهب الجليل (1/ 182، 230)، الفواكه الدواني (1/ 135)، مختصر خليل (ص: 13)، القوانين الفقهية (ص: 19)، الخرشي (1/ 129)، الشرح الصغير (1/ 114، 115)، منح الجليل (1/ 84)، الكافي (1/ 19).
(3)
المجموع (1/ 355)، الروضة (1/ 47)، مغني المحتاج (1/ 47)، نهاية المحتاج (1/ 156)، الحاوي الكبير (187)، متن أبي شجاع (ص: 5).
(4)
معونة أولي النهى شرح المنتهى (1277)، الممتع شرح المقنع (1/ 176)، المحرر (1/ 11)، كشاف القناع (1/ 85)، المغني (1/ 156)، الكافي (1/ 23)، المبدع (1/ 116).
(5)
الأوسط لابن المنذر (1/ 370).
عبادة معقولة المعنى، كغسل النجاسة، فإنهم لا يختلفون أن العبادة المحضة مفتقرة إلى نية، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النية، والوضوء فيه شبه من العبادتين
(1)
.
وقد ذكرت أدلة الأقوال وناقشتها نقاشًا مستفيضًا في كتاب الحيض والنفاس رواية ودراية فارجع إليه غير مأمور.
ولما كان الكلام في النية طويلًا ومتشعبًا عقدت فصلًا خاصًا في كتاب الوضوء عن النية من حيث تعريفها، وبيان حكمها وذكر محلها، وشروطها، ووقتها، وكيفيتها، فالحمد لله على منه وفضله.
* * *
(1)
بداية المجتهد (1/ 103).