الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأسه، ثم يفيض على سائر جسده، فقال لي الحسن: إني رجل كثير الشعر، فقلت: كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منك شعرًا
(1)
.
•
دليل من قال: لا يشرع التكرار في غسل الرأس:
ذهب القرطبي والقاضي عياض من المالكية إلى أنه لا يشرع التكرار في غسل الجنابة، لا في وضوء الغسل، ولا في الرأس، ولا في سائر البدن.
وأجابوا عن الأحاديث السابقة بأنها لا تسلم إلا إذا دلت صراحة أن كل غرفة من الغرفات الثلاث حصل بها تعميم الرأس بالغسل.
(2)
.
وقال القرطبي في المفهم: «ولا يفهم من هذه الثلاث حفنات، أنه غسل رأسه ثلاث مرات؛ لأن التكرار في الغسل غير مشروع؛ لما في ذلك من المشقة، وإنما كان ذلك العدد؛ لأنه بدأ بجانب رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ثم على وسط رأسه، كما في حديث عائشة» .
(914 - 234) قلت: حديث عائشة رواه مسلم من طريق القاسم، عنها، قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب، فأخذ بكفه: بدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه، فقال بهما على رأسه
(3)
.
ولفظ البخاري: فأخذ بكفه، فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، فقال بهما على
(1)
البخاري (256)، ورواه مسلم (329).
(2)
المنتقى للباجي (1/ 94).
(3)
مسلم (318).
وسط رأسه
(1)
.
وتعقب ابن رجب كلام القرطبي في شرحه لصحيح البخاري، فقال عن كلامه: وهو خلاف الظاهر، قال:«والظاهر، والله أعلم أنه يعم رأسه بكل مرة، ولكن يبدأ في الأولى بجهة اليمين، وفي الثانية: بجهة اليسار، ثم يصب الثالثة على الوسطى»
(2)
.
قلت: كلام ابن رجب هو الذي خلاف الظاهر، فلو كان المقصود هو فقط البداءة باليمين إلى نهاية الرأس، فلماذا يقدم الجهة اليسرى على وسط الرأس، فإن الجانب الأيسر لا يعرف في الشرع تقديمه على غيره، وكان الأفضل بعد تقديم الجهة اليمنى أن يبدأ بأعلى الرأس، فالظاهر أنه بدأ بجوانب الرأس مقدمًا فيه اليمين لاستحباب تقديم اليمين، ثم أنهى ذلك بأعلى الرأس، ثم هي غرفة واحدة، كيف تكفي في كل مرة من جانب الرأس الأيمن إلى أعلاه، وصولًا إلى جانبه الأيسر وانتهاء بمؤخرة الرأس؟ فلو كانت هذه الصفة هي المنقولة، لجاءت صريحة في الحديث، ثم القول بعدم تثليث الرأس يطرد مع بقية أعمال الغسل، فقد ثبت لنا أن الوضوء ليس فيه تكرار، وسبق بحثه، وأن سائر البدن فيما عدا الرأس لا يشرع فيه تكرار، كما سيأتي إثباته إن شاء الله تعالى، فما بال الرأس يستثنى من سائر الجسم، فالقول بعدم تكرار غسله متسق مع القول بأنه لا يشرع تكرار في سائر أحكام الغسل، وكنت فيما سبق أرى سنية غسل الرأس ثلاثًا، ثم بعد التأمل رأيت أن القول بعدم تكرار غسل الرأس، هو الراجح، والله أعلم.
* * *
(1)
البخاري (258).
(2)
شرح ابن رجب للبخاري (1/ 259).