الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وأجيب:
أولًا: أن كلام الصحابة رضي الله عنهم إنما هو عن اتخاذ الحمام في بلاد الحجاز، وهي بلاد حارة، لا يضطر فيها الإنسان إلى اتخاذ الحمام، ولذلك لم تعرف الحمامات في عهد النبوة، ولم تعرف كذلك في عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم.
ثانيًا: على تقدير أن كلام الصحابة رضي الله عنهم عن الحمامات الموجودة في الشام، وهي أرض باردة، فإن الصحابة مختلفون فيها، والحجة إنما هو فيما أجمعوا عليه، وأما ما اختلفوا فيه فينظر في أقربها للصواب، وسوف أسوق في أدلة المجيزين بعض الآثار عن الصحابة في دخولها، والانتفاع بها، والله أعلم.
الدليل الثالث للمانعين:
أن دخول الحمام من الإرفاه والتنعم الذي ينهى عنه، ومن ذلك:
(857 - 177) ما رواه النسائي، قال: أخبرنا إسمعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن كهمس،
عن عبد الله بن شقيق، قال: كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عاملًا بمصر، فأتاه رجل من أصحابه، فإذا هو شعث الرأس مشعان، قال: ما لي أراك مشعانًا، وأنت
أمير؟ قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الإرفاه، قلنا: وما الإرفاه؟ قال: الترجل كل يوم
(1)
.
[ذكر ابن شقيق وهم، والصواب عن عبد الله بن بريدة، أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان ابن بريدة سمعه من الصحابي فهو صحيح]
(2)
.
وجه الاستدلال:
كون الصحابي ذكر في تفسير الترفه الترجل كل يوم، إنما قصد به المثال؛ لأن
(1)
سنن النسائي (5058).
(2)
رواه كهمس واختلف عليه:
فرواه خالد بن الحارث كما في المجتبى من سنن النسائي (5058) والكبرى (9267) عن كهمس، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من الصحابة.
ورواه ابن المبارك كما في التمهيد لابن عبد البر (24/ 11) والاستذكار (27/ 78، 79) عن كهمس، عن عبد الله بن بريدة، كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عاملًا بمصر.
وذكر عبد الله بن شقيق وهم، قد يكون من قبل خالد بن الحارث، وقد يكون من قبل من كهمس، فإنه وإن كان ثقة فإن له أوهامًا، والذي يجعلنا نرجع رواية ابن المبارك أنه قد توبع بخلاف رواية خالد بن الحارث. والله أعلم.
فقد رواه أحمد (6/ 22)، وأبو داود (4160)، والدارمي (571) عن يزيد بن هارون.
ورواه النسائي في المجتبى (5239)، وفي الكبرى (9319) من طريق ابن علية،
وأخرجه البيهقي في الشعب (6469)، وفي الآداب (698) من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم (ابن علية، ويزيد بن هارون، وحماد) عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثير من الإرفاه.
ورواية يزيد بن هارون سماه فضالة بن عبيد.
ورواية حماد بن سلمة لم يسم الصحابي.
ورواية ابن علية سم الصحابي عبيدًا، وابن علية أرجح من يزيد بن هارون في الجريري، لكن قال المزي في تحفة الإشراف (7/ 226):«وهو وهم، والصواب فضالة بن عبيد» .
والجريري، هو سعيد بن إياس، كان قد تغير قبل موته، إلا أن ابن علية وحماد ممن سمع منه قبل تغيره، انظر الكواكب النيرات (ص: 43)،
وقد زاد يزيد بن هارون وحماد بن سلمة الأمر بالاحتفاء أحيانًا.
فالحديث رجاله ثقات إن كان ابن بريدة قد سمع الحديث من الصحابي الذي ذكره عنه، والله أعلم.