الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله بأن هذه الاغتسال في البلاد الباردة لا يمكن إلا في حمام، وإن اغتسل في غير حمام خيف عليه الموت، أو المرض، فلا يجوز الاغتسال في غير حمام حينئذ
(1)
.
وقد يكون مستحبًا إذا لم يمكنه فعل المستحب من الطهارة وغيرها إلا فيها، كغسل الجمعة على القول باستحبابه، ومثله الاغتسال الذي يقصد بها إزالة الدرن من البدن، فإن نظافة البدن من الدرن مستحب شرعًا، فهذا يستحب له الذهاب إلى الحمام إذا كان لا يستطيع الاغتسال في غير الحمام؛ ليحصل له هذا المقصود؛ لأنه والحالة هذه يعتبر الحمام وسيلة إلى فعل المستحب، فيكون مستحبًا.
وقد يكون مكروهًا إذا كان يترتب على دخول الحمام الوقوع في بعض المكروهات، كالإسراف في الماء.
وقد يكون مباحًا كما لو كان دخوله للتلذذ والترفه، أو للتداوي على القول بأن التداوي مباح
(2)
.
الدليل السابع:
أن مياه هذه الحمامات قد يغتسل فيه من لا يتحفظ عن النجاسات، وقد يبول فيها، وقد يكون على بدنه نجاسة، أو مرض، ثم الأواني المستعملة قد تكون نجسة، وقد يكون ما يغسل فيها من الثياب نجسًا.
ولذلك نهي عن الصلاة في الحمام، وذلك لأن أرضه لا تسلم من النجاسة.
(859 - 179) فقد روى أحمد من طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو بن يحيى ابن عمارة، عن أبيه،
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل الأرض مسجد وطهور إلا المقبرة
(1)
مجموع الفتاوى (21/ 311).
(2)
انظر مجموع الفتاوى (21/ 305)، والآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام (ص: 35).
والحمام
(1)
.
[اختلف في وصله وإرساله]
(2)
.
(1)
المسند (3/ 83).
(2)
رواه السفيانان: الثوري وابن عيينة مرسلًا، وخالفهم محمد بن إسحاق، والدراوردي، وعبد الواحد بن زياد، وحماد بن سلمة على اختلاف عليهم في إسناده.
قال الترمذي في سننه على إثر حديث (317): وكأن رواية الثوري، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت وأصح.
وقال الدارقطني في العلل (4/ورقة 3): والمرسل المحفوظ. اهـ ونقله ابن عبد الهادي عنه في تنقيح التحقيق (1/ 303).
وذكره النووي في الخلاصة (938) في قسم الأحاديث الضعيفة، وقال: ضعفه الترمذي وغيره، وقال: هو مضطرب، ولا يعارض هذا بقول الحاكم: أسانيده صحيحة، فإنهم أتقن في هذا منه؛ ولأنه قد تصح أسانيده، وهو ضعيف لاضطرابه». اهـ
وقال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 221): «في إسناد هذا الخبر من الضعف ما يمنع الاحتجاج به» .
وقال أيضًا (5/ 225): «هذا الحديث رواه ابن عيينة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه مرسلًا، فسقط الاحتجاج به» .
وقال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 319): «وأما حديث أبي سعيد فمضطرب، كان الدراوردي يقول فيه تارة: عن أبي سعيد، وتارة لا يذكره» .
وقال ابن رجب في فتح الباري (3/ 196): «وقد اختلف في إرساله ووصله بذكر أبي سعيد فيه، ورجح كثير من الحفاظ إرساله .... » .
وصححه ابن خزيمة حيث أورده في صحيحه (2/ 7) رقم 791، كما خرجه ابن حبان في صحيحه (2321)، كما حكم الحاكم بصحته أيضًا، فقال (1/ 251):«هذه الأسانيد كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم» . ولم يتعقبه الذهبي بشيء.
كما رجح الوصل ابن المنذر في الأوسط (2/ 182)، فقال:«إذا روى الحديث ثقة، أو ثقات مرفوعًا متصلًا، وأرسله بعضهم، يثبت الحديث برواية من روى موصولًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يوهن الحديث، تخلف من تخلف عن إيصاله، وهذا السبيل في الزيادات في الأسانيد، والزيادات في الأخبار» .
وقال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 672): «أسانيده جيدة، ومن تكلم فيه فما استوفى طرقه» . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال ابن دقيق العيد في الإمام نقلًا من نصب الراية للزيلعي (2/ 324): «حاصل ما أعل به الإرسال، وإذا كان الرافع ثقة، فهو مقبول» .
قلت: ليس هذا القول على إطلاقه، والعمل عند أئمة الحديث أحمد، والبخاري، وعلي بن المديني، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والدارقطني إنما ينظرون إلى القرائن، ومقارنة من وصل بمن أرسل، ومن زاد بمن نقص، فإن أمكن الترجيح بين من أرسله ومن وصله، فالذهاب للترجيح، فيرجح الإرسال إذا كان المرسل أوثق، أو أكثر عددًا ممن وصله، أو أخص بالراوي من غيره، ويرجح الوصل إن كان العكس، وقد كتبت صفحات في مقدمة الكتاب بينت عمل أئمة الحديث في الزيادات الواردة في الحديث، وعرضت أحاديث كثيرة حكم الأئمة بشذوذها للمخالفة، ويمكن للقارئ مراجعة البحث مشكورًا، وحديث الباب لا يمكن للباحث الترجيح؛ لأن غالب من وصل الحديث روي عنه بالإرسال أيضًا، وبالتالي فالحديث أقرب ما يكون إلى الاضطراب، فلا يمكن والحالة هذه الترجيح بين من رواه مرسلًا وبين من رواه موصولًا، إذا أضفت إلى ذلك أن غالب أئمة الحديث ممن حكموا على الحديث حكموا عليه بالضعف، فهذا الترمذي، والدارقطني، والبيهقي، وابن عبد البر والنووي وابن الجوزي،
وابن رجب كلهم ضعفوا الحديث.
[تخريج الحديث]:
الحديث رواه عمرو بن يحيى، عن أبيه، ورواه عن عمرو جماعة، منهم:
الأول: حماد بن سلمة، عن عمرو بن يحيى.
أخرجه أحمد (3/ 83) حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد.
ومن طريق يزيد بن هارون أخرجه ابن ماجه (745)، وأبو يعلى (1350)، والسراج في حديثه (298)، وفي مسنده (501)، والبيهقي في السنن (2/ 434 - 435).
وهنا رواه حماد من غير شك.
وأخرجه أحمد (3/ 83) حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، فقال: عن أبي سعيد فيما يحسب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فهنا شك حماد في وصله.
وأخرجه أبو داود (492) حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد (ح)،
وحدثنا مسدد، حدثنا عبد الواحد، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال موسى في حديثه: فيما يحسب عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة.
فهنا رواية موسى بن إسماعيل، عن حماد على الإرسال، وليست على الوصل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد فهم المزي كما في تحفة الأشراف (3/ 484): أن موسى شك في رفعه، فتعقبه الحافظ في النكت الظراف، فقال: بل في وصله.
فأنت ترى أن حماد بن سلمة روايته ليست متفقة، بل اختلف عليه في وصله وإرساله وتارة بالجزم وتارة بالظن.
الثاني: محمد بن إسحاق، عن عمرو بن يحيى.
أخرجها أحمد في المسند (3/ 83) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد مرفوعًا، بلفظ: كل الأرض مسجد وطهور، إلا المقبرة والحمام.
وانفرد ابن إسحاق بزيادة لفظ (طهور) وقد نبهت إلى شذوذها.
وأشار الترمذي إلى اختلاف حاصل على محمد بن إسحاق، فقال رحمه الله في سننه بإثر ح (317): «ورواه محمد بن إسحاق، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، قال: وكان عامة روايته عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر فيه عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ كلام الترمذي رحمه الله.
وهذا اختلاف آخر أيضًا على محمد بن إسحاق، وهو ممن روى الحديث موصولًا.
الثالث: عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن يحيى.
أخرجها الترمذي في السنن (317)، وفي العلل الكبير (113)، والدارمي (1390)، وابن خزيمة (791)، والحاكم (1/ 251)، والبيهقي في السنن (2/ 435)، والبغوي في شرح السنة (506) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي به.
وأشار الترمذي إلى اختلاف وقع من الدراوردي، فقال:«قد روي عن عبد العزيز بن محمد روايتين، منهم من ذكره عن أبي سعيد، ومنهم من لم يذكره. وهذا حديث فيه اضطراب .... » إلخ كلامه رحمه الله تعالى.
فهذا راو ثالث ممن روى الحديث موصولًا يذكر الترمذي أنه قد اختلف عليه في وصله وإرساله.
بل إن الدارمي رحمه الله تعالى ذهب إلى أن الأكثر على إرساله، ففي سنن الدارمي، بعد أن روى الحديث، «قيل له: تجزئ الصلاة في المقبرة؟ قال: إذا لم تكن على القبر، فنعم، وقال: الحديث أكثرهم أرسلوه». اهـ
الرابع: عبد الواحد بن زياد، عن عمرو بن يحيى.
أخرجه أحمد (3/ 96)، وأبو داود (492)، وابن حبان (1699، 2316، 2321)، وابن المنذر في الأوسط (758)، والحاكم في المستدرك (1/ 251)، والبيهقي في السنن (2/ 435) من طرق عن عبد الواحد بن زياد، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد.
الخامس: سفيان الثوري، عن عمرو بن يحيى.
رواه عبد الرزاق في المصنف (1582).
ابن أبي شيبة (7574) حدثنا وكيع، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي (298) والدارقطني في العلل (11/ 321) من طريق أبي نعيم (الفضل بن دكين).
ورواه الدارقطني في العلل (11/ 321) من طريق قبيصة بن عقبة، أربعتهم عن الثوري، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ..
وهذا مرسل.
ورواه أحمد (3/ 83) حدثنا يزيد ـ يعني ابن هارون ـ أخبرنا سفيان الثوري وحماد بن سلمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، قال حماد في حديثه: عن أبي سعيد الخدري، ولم يجز سفيان أباه.
فهذا صريح أن رواية يزيد بن هارون، عن سفيان مرسلة، لقوله: ولم يجز سفيان أباه.
ورواه أبو يعلى (1350) من طريق يزيد بن هارون به، كإسناد أحمد تمامًا، حيث قال: ولم يجاوز سفيان أباه.
ومع هذا النقل الصريح بأن رواية يزيد بن هارون، عن الثوري مرسلة، فقد وقع لبس لبعض العلماء في رواية ابن ماجه.
فقد رواه ابن ماجه (745) فقال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه. وحماد بن سلمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
وذكر الحديث.
فتوهم أن طريق الثوري وطريق حماد بن سلمة كلاهما موصول عن أبي سعيد، وممن فهم ذلك المزي في تحفة الأشراف، فتعقبه الحافظ في النكت الظراف، فقال: «فقد أخرجه ابن ماجه من رواية حماد والثوري، فجمعهما بلفظ يوهم أنهما متفقان على وصله
…
ثم ذكر سياق ابن ماجه، ثم قال: فقوله: عن أبي سعيد: ظاهر في رواية حماد، ومحتمل في رواية الثوري، والتحقيق أن رواية الثوري ليس فيها عن أبي سعيد». اهـ كلام الحافظ.
وما رجحه الحافظ هو الحق، وقد رواه البيهقي في السنن (2/ 434) بنفس إسناد ابن ماجه، ولم يلتبس عليه كما التبس على المزي، فقال بعد أن ساق إسناد الحديث: حديث الثوري مرسل، وقد روي موصولًا وليس بشيء، وحديث حماد بن سلمة موصول، وقد تابعه على وصله
عبد الواحد بن زياد والدراوردي
…
» إلخ كلام البيهقي رحمه الله تعالى.
فحكم على طريق الثوري بأنه مرسل، وعلى طريق حماد بن سلمة بأنه موصول، ولم يجعل الطريقين كليهما موصولًا، كما فهم المزي.
وأبعد النجعة أحمد شاكر حين قال: ولم أجده مرسلًا من رواية الثوري، إنما رأيته كذلك من رواية سفيان بن عيينة، فماذا يقول رحمه الله عن رواية أحمد وأبي يعلى عندما قالا: ولم يجاوز سفيان أباه .. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال أحمد شاكر رحمه الله تعالى في تحقيقه للترمذي: «ولا أدري كيف يزعم الترمذي ثم البيهقي أن الثوري رواه مرسلًا في حين أن روايته موصولة أيضًا .... وأنا لم أجده مرسلًا من رواية الثوري، وإنما رأيته كذلك من رواية سفيان بن عيينة، فلعله اشتبه عليهم سفيان بسفيان
…
».
قلت: لقد علمت أن الذين رواه مرسلًا لم يكن الثوري وابن عيينة فقط، ولذلك قال الدارمي: والأكثر على إرساله. وقال الدارقطني في العلل ونقله ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 303): ورواه جماعة عن عمرو بن يحيى، عن أبيه مرسلًا، والمرسل هو المحفوظ». اهـ
نعم أشار الدارقطني في العلل، ونقله ابن عبد الهادي في التنقيح إلى اختلاف على الثوري في وصله وإرساله.
فرواه عبد الرزاق، ووكيع، ويزيد بن هارون، وقبيصة بن عقبة، عن الثوري مرسلًا، وقد سبق تخريج هذه الطرق قبل قليل.
ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين، واختلف عليه في وصله وإرساله:
فرواه السري بن يحيى عن أبي نعيم كما في العلل للدارقطني (11/ 321) مرسلًا.
ورواه أبو قلابة عن أبي نعيم، واختلف عليه فيه:
فرواه الطوسي في مستخرجه على الترمذي (298) عن أبي قلابة، عن أبي نعيم مرسلًا، كرواية السري بن يحيى عن أبي نعيم.
ورواه أحمد بن العباس البغوي، وإسماعيل الصفار كما في العلل للدارقطني (11/ 321) عن أبي قلابة، عن أبي نعيم موصولًا.
والراجح عن أبي نعيم الإرسال، فالاختلاف على أبي قلابة، وهو كثير الخطأ لا يضعف رواية الطوسي، كيف وقد توبع الطوسي.
وذكر الدارقطني في العلل (11/ 321) أن سعيد بن سالم، ويحيى بن آدم، قد رووه عن الثوري، فوصلوه .... ومعنى هذا أن الثوري كغيره قد اختلف عليه في وصله وإرساله، وإن كان الراجح عن الثوري هي رواية الإرسال، ويكفي أنها رواية وكيع، وعبد الرزاق، ويزيد بن هارون، وغيرهم والله أعلم.
السادس: سفيان بن عيينة، عن عمرو بن يحيى.
أخرجه الشافعي في مسنده (ص: 20) أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
قال الشافعي: وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما منقطعًا، والآخر عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد كما في العلل ومعرفة الرجال (176): «قال سفيان: لم أسمع منه حديث عمرو بن يحيى عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحمام والمقبرة، قد حدثنا به سفيان، دلسه» . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثم بين أحمد أن سفيان سمعه من يحيى بن سعيد القطان، فقال في العلل ومعرفة الرجال (1831):«حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن يحيى منذ أربع وسبعين سنة فسألته بعد ذلك بقليل وكان يحيى أكبر منه قال سفيان سمعت منه ثلاثة أحاديث قال أبي حديث الأرض كلها مسجد الا الحمام والمقبرة قال سفيان لم أسمعه منه» .
السابع: عمارة بن غزية، عن عمرو بن يحيى.
أخرجه ابن خزيمة (792) من طريق بشر بن المفضل، ثنا عمارة بن غزية، عن يحيى بن عمارة الأنصاري، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا.
ومن طريق بشر بن المفضل، أخرجه الحاكم (2/ 251)، والبيهقي في السنن (2/ 435)، وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات، إلا أنه قد تفرد به بشر بن المفضل، وهو ثقة ..
هذا ما وقفت عليه من طرقه، وأرى أن الحديث إن لم يكن مضطربًا كما قال الترمذي باعتبار أن كل من رواه موصولًا قد اختلف عليه في وصله وإرساله إلا طريقين: طريق عبد الواحد بن زياد، وهو ضعيف، وطريق عمارة بن غزية، عن يحيى بن عمارة، تفرد به بشر بن المفضل عنه، أو أن الراجح فيه الإرسال على الوصل كما اختاره جمع كثير من أهل العلم، وسواءً كان الراجح فيه الاضطراب أو الإرسال فهو ضعيف لا حجة فيه، والله أعلم.
أضف إلى ذلك أن الحديث في الصحيحين من مسند جابر، وليس فيه استثناء، وإنما فيه:(جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا) ولم يستثن.
وأما ما رواه الترمذي (346)، وابن ماجه (746)، وعبد بن حميد في مسنده كما في المنتخب (765)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 383)، والروياني في مسنده (1431)،
وابن عدي في الكامل (3/ 203) من طريق زيد بن جبيرة، عن داود بن الحصين، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن
…
وذكر منها المقبرة والحمام ..
فإن هذا الحديث غير صالح للاعتبار، فهو ضعيف جدًّا، وزيد بن جبيرة متروك الحديث.
وأما حديث عمر بن الخطاب:
فرواه أبو صالح كاتب الليث، واختلف عليه فيه:
فرواه إبراهيم بن هانئ كما في مسند البزار (161).
ومحمد بن إسماعيل السلمي كما في مسند عمر بن الخطاب للنجاد (71)، ومن طريقه الذهبي في معجم الشيوخ الكبير (1/ 120).
وأبو عمران موسى بن يزيد كما في ميزان الاعتدال (2/ 445).
ويحيى بن عثمان بن صالح المصري كما في الضعفاء الكبير للعقيلي (2/ 71)، أربعتهم عن عبد الله ابن صالح، عن الليث، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر.
وعلقه الترمذي على إثر حديثه السابق بذكر عبد الله بن عمر. =
فاستثنى الحمام من الأرض الطهور، وهذا دليل على نجاستها، وإنما تنجس الحمام بتنجس الماء المستعمل فيه.
ويُجاب عن هذا:
أولًا: أما قولكم بأن مياه هذه الحمامات قد يغتسل فيها من لا يتحفظ عن النجاسات.
فيقال: الأصل في الماء أنه طهور حتى يتغير بالنجاسة، ولم يتغير بها.
ثانيًا: الشك لا يقضي على اليقين، فنجاسة الماء مشكوك فيها، وطهوريته متيقنة، فلا ننتقل عن اليقين بمجرد الشك.
ثالثًا: أننا إذا افترضنا أن الماء قد خالطته نجاسة، فإن ماء الحمامات كثير، وفي حكم الماء الجاري، والماء الجاري على الصحيح لا ينجس إلا بالتغير، كما قال الإمام أحمد ففي مسائله رواية صالح، قلت: ما تقول في الغسل بماء الحمام؟ قال: الحمام
= وهذا إسناد ضعيف، فيه عبد الله العمري المكبر، ضعيف، وفيه أبو صالح كاتب الليث في حفظه شيء. قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف؛ لضعف أبي صالح كاتب الليث».
وخالفهما علي بن داود كما في سنن ابن ماجه (747)، ومستخرج الطوسي على جامع الترمذي (324)
ومحمد بن أبي الحسين، كما في سنن ابن ماجه (747) كلاهما روياه عن أبي صالح، حدثني الليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب.
فأسقطا (عبد الله بن عمر العمري) من إسناده، قال الطوسي:«روى هذا الحديث الليث عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، ولكن علي بن داود ترك عبد الله بن عمر» .
قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 148): سألت أبي عن حديث رواه الليث، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى أن يصلي الرجل في سبع مواطن:
…
وذكر الحديث ورواه زيد بن جبيرة، عن داود بن حصين، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: جميعًا واهيين». اهـ
وانظر لمراجعة بعض طرق حديث أبي سعيد: أطراف المسند (6/ 322)، تحفة الأشراف (4406)، إتحاف المهرة (5781).