الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في موضع الوضوء من غسل الجنابة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• وضوء الجنب، هل هو رفع للحدث الأصغر، أو هو تقديم لأعضاء الوضوء بالغسل لشرفها، كما قال في غسل ابنته: اغسلنها، وابدأن بمواضع الوضوء منها؟ ? الحدث الأصغر لا يرتفع مع بقاء الأكبر، ولذلك لا ينتقض هذا الوضوء ببول، ولا غائط؛ لأن هذا الوضوء لم يرفع الحدث الأصغر حتى يقال: بطل حكمه.
• الوضوء بعد الغسل لم يصح فيه شيء
(1)
.
• السنة للمغتسل في القدمين التخيير بين غسل القدمين أولًا، أو تأخيرهما إلى نهاية الغسل، ولا يقاس بقية أعضاء الوضوء عليهما، فلا يستحب تأخير الوضوء.
[م-371] في المبحث السابق تبين لنا أن الجمع بين الوضوء والغسل هو السنة عند الجمهور، وفي هذا البحث نتكلم على موضع الوضوء من الغسل،
(1)
فتح الباري لابن رجب (1/ 249).
فقد نص جمهور الفقهاء على استحباب تقديم الوضوء على الغسل واختلفوا في غسل الرجلين من الوضوء
(1)
:
فمنهم من استحب تأخير غسل رجليه إلى آخر الغسل.
ومنهم من رأى غسل الرجلين مع الوضوء.
ومنهم من قال: هو مخير، إن شاء غسل رجليه مع وضوئه، وإن شاء أخر غسلهما إلى آخر غسله، وسوف يأتي إن شاء الله التفصيل فيه عند الكلام على غسل الرجلين.
وقيل: الوضوء بعد الغسل أفضل، وهو قول في مذهب الحنابلة
(2)
.
وقيل: الوضوء قبل الغسل وبعده سواءً، اختاره أصحاب الشافعي
(3)
، وهو قول في مذهب الحنابلة
(4)
.
وقيل: إن نسي الوضوء قبل الغسل، فإنه يتوضأ بعد الغسل، نص عليه مالك وأحمد
(5)
.
(1)
انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (1/ 44)، بدائع الصنائع (1/ 35).
(2)
الإنصاف (1/ 252).
(3)
حاشية الجمل (1/ 163)، حاشية البجيرمي (1/ 95)، قال النووي في كتابه المجموع (2/ 211): قال أصحابنا: «وسواءً قدم الوضوء كله أو بعضه، أو أخره أو فعله في أثناء الغسل، فهو محصل سنة الغسل، ولكن الأفضل تقديمه» . اهـ وذكر الحافظ ابن رجب في شرحه للبخاري (1/ 249): «قال أصحاب الشافعي: إن الجنب مخير، إن شاء توضأ قبل الغسل، وإن شاء بعد» . اهـ
(4)
الإنصاف (1/ 252).
(5)
قال ابن رجب في شرح البخاري (1/ 245): «وأما إن نسي الوضوء قبل الغسل، فإنه يتوضأ بعد الغسل، نص عليه أحمد ومالك وغير واحد» .
كذا نسبه ابن رجب نصًا لمالك، وقد قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد (22/ 93): بعد أن ذكر إجماع العلماء على صحة الغسل بدون وضوء، قال: ومجمعون أيضًا على استحباب الوضوء قبل الغسل للجنب تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أعون على الغسل وأهذب فيه، وأما بعد الغسل فلا». اهـ
وقال في الاستذكار (1/ 260): «وأما الوضوء بعد الغسل فلا وجه له عند أهل العلم» .
…
قلت: لكن جاء في الذخيرة للقرافي (1/ 310): «قال صاحب الاستذكار: أجمع أهل العلم على أن الوضوء بعد الغسل لا وجه له، وإنما يستحب قبله. قال صاحب الطراز: ظاهر المذهب أنه يؤمر بالوضوء بعد الغسل» . اهـ فجعل الوضوء بعد الغسل ظاهر المذهب، فليتأمل.
وفي كتاب النوادر والزيادات وهو من كتب المالكية (1/ 64): «قال عنه ابن القاسم وابن نافع: وإن لم يتوضأ قبل الغسل ولا بعده أجزأه الغسل إذا أمر يديه على مواضع الوضوء» .
فظاهر هذا النص أن له أن يتوضأ بعد الغسل، والله أعلم.