الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• إذا كان آكل البصل والأشياء المكروهة ممنوعًا من البقاء في المسجد، فالجنب الذي تحرم عليه الصلاة من باب أولى، وينتقض بأن العلة في منع آكل البصل من أجل الرائحة، وهذا المعنى ليس موجودًا في الجنب.
• منع الجنب من دخول المسجد؛ لأنها محل ذكر الله وعبادته، ومأوى ملائكته، والملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب؛ لذا منع الجنب من دخول المسجد.
وينتقض بأن حديث الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب لا يصح، والجنب ليس ممنوعًا من ذكر الله.
[م-340] اختلف العلماء في مكث الجنب للمسجد،
فقيل: لا يجوز للجنب أن يمكث في المسجد مطلقًا، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
.
وقيل: يجوز له المكث بشرط الوضوء، وهو مذهب الحنابلة
(4)
.
وقيل: يجوز له المكث مطلقًا، سواءً كان متوضئًا أو غير متوضئ، وهو اختيار ابن حزم
(5)
.
•
دليل من قال: لا يجوز للجنب المكث في المسجد:
من الكتاب قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا)[النساء: 43].
(1)
بدائع الصنائع (1/ 38)، المبسوط (1/ 118).
(2)
المدونة (1/ 32)، التاج والإكليل (1/ 338)، أحكام القرآن لابن العربي (1/ 557).
(3)
الأم (1/ 54)، وقال النووي في المجموع (2/ 184): «مذهبنا أنه يحرم عليه المكث في المسجد جالسًا أو قائمًا أو مترددًا أو على أي حال كان، متوضئًا كان أو غيره، ويجوز له العبور من غير لبث، سواءً كان له حاجة أم لا .... إلخ كلامه رحمه الله تعالى.
(4)
المغني (1/ 97).
(5)
المحلى (1/ 39) مسألة: 262.
(785 - 105) فقد روى عبدالرزاق
(1)
، قال: عن معمر، عن عبدالكريم الجزري، عن أبي عبيدة بن عبد الله،
عن ابن مسعود أنه كان يرخص للجنب أن يمر في المسجد مجتازًا ولا أعلمه إلا قال: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ)[النساء: 43].
[أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، ورأى بعضهم أن حديث أبي عبيدة في حكم المتصل]
(2)
.
(786 - 106) وروى ابن المنذر، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا
أبو نعيم، ثنا أبو جعفر الرازي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار،
عن ابن عباس قال: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) قال: إلا وأنت مار فيه
(3)
.
[ضعيف، والثابت عن ابن عباس خلافه كما سيأتي إن شاء الله تعالى]
(4)
.
وقد ذهب عطاء
(5)
، والحسن
(6)
، وإبراهيم النخعي
(7)
، إلى أن معنى قوله:(وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) الجنب يمر في المسجد.
وقد اختلف العلماء في معنى الآية على قولين:
الأول: أن معنى قوله: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) أي: لا تقرب موضع الصلاة وأنت جنب إلا أن تكون مارًا في المسجد غير ماكث فيه.
(1)
المصنف (1613).
(2)
انظر تخريجه في المجلد الثامن، رقم (1827).
(3)
الأوسط (2/ 106) ورواه الطبري في تفسيره (9555) من طريق عبدالله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي به.
(4)
انظر تخريجه في المجلد الثامن، رقم (1828).
(5)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 135) بسند رجاله ثقات وفيه عنعنة ابن جريج عن عطاء لكنه مكثر عن عطاء فلعلها تغتفر.
(6)
رواه ابن جرير الطبري (9559) بسند رجاله ثقات وفيه عنعنة قتادة، وهو مدلس مكثر.
(7)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 135) رقم 1554 بسند صحيح.
وعليه فيكون معنى قوله: (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) أي: لا تقربوا مواضع الصلاة
(1)
.
وقد تقدم أن هذا القول مروي عن ابن مسعود.
المعنى الثاني: أن معنى قوله: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) أي: لا يقرب الصلاة الجنب إلا أن يكون مسافرًا فيتيمم ويصلي، وهذا التفسير هو الثابت عن ابن عباس وعلي رضي الله عنهم، وجماعة من التابعين.
(787 - 107) فقد روى ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، ومحمد ابن المثني، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي مجلز،
عن ابن عباس في قوله: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ)[النساء: 43]، قال: المسافر. وقال ابن المثنى: السفر
(2)
.
فهذا سند في غاية الصحة، ولا تضر عنعنة قتادة، وقد جاء حديثه من طريق شعبة
(3)
.
(1)
انظر تفسير القرطبي (5/ 100)، تفسير مجاهد (1/ 158)، زاد المسير (2/ 90)، فتح القدير (1/ 469)، مشكل إعراب القرآن (1/ 198)، تفسير ابن كثير (1/ 503) ورجح أن المراد بقوله:(إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ) أي المجتاز مرًا. قال ابن كثير: «لو كان معنيًا به المسافر لم يكن لإعادة ذكره في قوله: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ) معنى مفهوم.
وفي أحكام القرآن للجصاص (3/ 169) ورجح أن المراد به المسافر، قال: «وما روي عن علي وابن عباس في تأويله: أن المراد المسافر الذي لا يجد الماء فيتيمم أولى من تأويل من تأوله على الاجتياز في المسجد؛ وذلك لأن قوله تعالى: (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى) نهي عن فعل الصلاة في هذه الحال، لا عن المسجد؛ لأن ذلك حقيقة اللفظ، ومفهوم الخطاب، وحمله على المسجد عدول بالكلام عن حقيقته إلى المجاز: بأن تجعل الصلاة عبارة عن موضعها، كما يسمى الشيء باسم غيره للمجاورة، أو لأنه تسبب منه كقوله تعالى:(لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ) يعني به مواضع الصلاة، ومتى أمكننا استعمال اللفظ على حقيقته لم يجز صرف ذلك عن الحقيقة، وفي نسق التلاوة ما يدل على أن المراد حقيقة الصلاة وهو قوله تعالى:(حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ).
(2)
تفسير الطبري (9537).
(3)
انظر تخريجه في المجلد الثامن، رقم (1829)، فأغنى عن إعادته هنا.
وله شاهد من قول علي رضي الله عنه.
(788 - 108) فقد روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا علي بن هاشم، عن ابن
أبي ليلى، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله وزر،
عن علي: (وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ)[النساء: 43]، قال: المار الذي لا يجد الماء يتيمم ويصلي
(1)
.
ورواه ابن جرير الطبري
(2)
، وابن المنذر
(3)
، من طريق ابن أبي ليلى إلا أن ابن المنذر لم يذكر عباد بن عبد الله، وابن جرير رواه عن عباد أو عن زر.
[ضعف]
(4)
.
وقد فسر قوله تعالى: (عَابِرِي سَبِيلٍ) بالمسافرين جماعة من التابعين، منهم مجاهد
(5)
، وعمرو بن دينار
(6)
، وسعيد بن جبير
(7)
، وسليمان بن موسى
(8)
، والحكم بن عتيبة
(9)
، والحسن بن مسلم
(10)
.
هذان هما القولان الواردان في معنى الآية، ولكل قول عندي مرجح.
فأما ترجيح أن المراد به المجتاز، وليس المسافر، فيرجحه أن الله سبحانه وتعالى قد
(1)
المصنف (1/ 144) رقم 1663.
(2)
تفسير الطبري (9539).
(3)
الأوسط (2/ 108).
(4)
انظر تخريجه في المجلد الثامن، رقم (1830).
(5)
رواه عبد الرزاق (1615)، وابن جرير الطبري في تفسيره (9543)، (9544)، (9545)، (9546) من طرق عن مجاهد.
(6)
رواه عبد الرزاق (1614) بسند صحيح عنه.
(7)
رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (9540) بسند صحيح عنه.
(8)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 145) رقم 1666 بسند صحيح عنه.
(9)
رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (9551) بسند صحيح عنه.
(10)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 144) رقم 1664 بسند صحيح، ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره (9547) من طريق شيخ ابن أبي شيبة.