الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في إيجاب الغسل من التقاء الختانين
المبحث الأول في إيجاب الغسل بمجرد الإيلاج
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• اختلف الصحابة في الغسل من مجرد الإيلاج، فنفاه طائفة، وأثبته آخرون، والمثبت مقدم على النافي، وما تضمن زيادة في الحكم وجب المصير إليه.
• حديث إنما الماء من الماء موافق للبراءة الأصلية، والغسل من التقاء الختانين بلا إنزال ناقل لها، والناقل مقدم.
• إذا تعارض حديثان في الظاهر، ولم يمكن الجمع، وعلم التاريخ كان المتأخر ناسخًا للمتقدم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينسخ بعض حديثه بعضًا كما ينسخ القرآن بعضه بعضًا، والدليل على النسخ أن الغسل من الجماع بغير إنزال كان ساقطًا ثم صار واجبًا.
• من أوجب الغسل من التقاء الختانين يوجبه من الماء الذي هو الإنزال، والعمل بكلا الدليلين أولى من العمل بأحدهما.
• حمل بعضهم حديث: إنما الماء من الماء على الاحتلام، أو على المباشرة بلا إيلاج.
• ما أوجب الحد والمهر أوجب الغسل من إنزال أو إيلاج.
• سبب الحدث يقوم مقامه كالنوم أقيم مقام الريح، والتقاء الختانين مقام الإنزال؛ لأنهما مظنة الحدث.
• هل الإجماع اللاحق على وجوب الغسل من التقاء الختانين يلغي الخلاف السابق بين الصحابة، فيه خلاف، والراجح أن الأقوال لا تموت بموت أصحابها.
[م-303] اختلف العلماء في إيجاب الغسل من التقاء الختانين، إذا لم يحصل إنزال:
فقيل: يوجب الغسل، وهو مذهب الأئمة
(1)
.
(2)
.
وقيل: لا يوجب الغسل، اختاره جمع من الصحابة والتابعين
(3)
، وهو مذهب داود الظاهري
(4)
، وقال البخاري: الغسل أحوط، فلعله لا يرى الوجوب
(5)
.
(1)
انظر بدائع الصنائع (1/ 36)، تبيين الحقائق (1/ 16)، فتح القدير (1/ 63)، البحر الرائق (1/ 61)، المدونة (1/ 135)، المنتقى للباجي (1/ 96)، مواهب الجليل (1/ 308)، الخرشي (1/ 163)، المجموع (2/ 148)، نهاية المحتاج (1/ 212)، المغني (1/ 131)، الإنصاف (1/ 232)، كشاف القناع (1/ 142).
(2)
سنن الترمذي (1/ 182).
(3)
سوف يأتي إن شاء الله تعالى الآثار عنهم مسندة في ثنايا بحث هذه المسألة.
(4)
المنتقى للباجي (1/ 96)، المغني (1/ 131).
(5)
صحيح البخاري (1/ 111)، وهذه العبارة تارة تساق لترجيح قول على قول، وتارة تكون ظاهرة في عدم الوجوب، وإنما الغسل من باب الاحتياط، وقد تكون إشارة إلى أن الخلاف في المسألة قوي جدًّا، وإن كان البخاري رحمه الله قد يرى الوجوب.
…
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 398): استشكل بن العربي كلام البخاري، فقال: «إيجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم، وما خالف فيه إلا داود، ولا عبرة بخلافه، وإنما الأمر الصعب مخالفة البخاري، وحكمه بأن الغسل مستحب، وهو أحد أئمة الدين وأجلة علماء المسلمين .... ثم أخذ يتكلم في تضعيف حديث الباب بما لا يقبل منه، وقد أشرنا إلى بعضه ثم قال: ويحتمل أن يكون مراد البخاري بقوله: الغسل أحوط أي في الدين، وهو باب مشهور في الأصول، قال: وهو أشبه بإمامة الرجل وعلمه. قال الحافظ: وهذا هو الظاهر من تصرفه، فإنه لم يترجم بجواز ترك الغسل، وإنما ترجم ببعض ما يستفاد من الحديث من غير هذه المسألة .... إلخ كلامه رحمه الله تعالى.
وقول ابن العربي: إيحاب الغسل أطبق عليه الصحابة فمن بعدهم كلام فيه نظر كبير، وقد رده الحافظ ابن حجر، وسوف ننقل كلامه بحروفه في ثنايا هذا البحث إن شاء الله تعالى.