الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا دليل آخر على رجوع عثمان إلى القول بوجوب الغسل.
وسبق لنا قول الأثرم: «قلت لأحمد بن حنبل: حديث حسين المعلم، عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد قال: سألت خمسة من أصحاب رسول الله: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وأُبي ابن كعب، فقالوا: الماء من الماء، فيه علة تدفعه بها؟
قال: نعم بما يروى عنهم من خلافه.
قلت: عن عثمان وعلي وأبي بن كعب؟ قال: نعم»
(1)
.
الدليل التاسع:
ذكر ابن خواز منداد، أن إجماع الصحابة انعقد على إيجاب الغسل من التقاء الختانين
(2)
.
وقال القاضي ابن العربي: انعقد الإجماع أخيرًا على إيجاب الغسل
(3)
.
• وأجيب:
بأن الخلاف محفوظ من الصحابة وممن دونهم، أما الصحابة فالخلاف بينهم مشهور.
قال ابن عبد البر وهو ممن يرى وجوب الغسل: «كيف يجوز القول بإجماع الصحابة في شيء في هذه المسألة مع ما ذكرناه في هذا الباب، ومع ما ذكره عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد، قال: سمعت خمسة من المهاجرين الأولين، منهم علي بن أبي طالب، فكلهم قال: الماء من الماء»
(4)
.
(1)
التمهيد (23/ 111).
(2)
التمهيد (23/ 113).
(3)
تلخيص الحبير (1/ 235).
(4)
التمهيد (23/ 113، 114).
وأما الخلاف فيمن بعدهم فقد قال الحافظ ابن حجر: «ادعى ابن القصار أن الخلاف ارتفع بين التابعين، وهو معترض أيضًا، فقد قال الخطابي: إنه قال به من الصحابة جماعة، فسمى بعضهم، قال: ومن التابعين الأعمش، وتبعه عياض لكن قال: لم يقل به أحد بعد الصحابة غيره، وهو معترض أيضًا، فقد ثبت ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وهو في سنن أبي داود بإسناد صحيح، وعن هشام بن عروة عند عبد الرزاق بإسناد صحيح.
وقال عبد الرزاق أيضا عن ابن جريج، عن عطاء أنه قال: لا تطيب نفسي إذا لم انزل حتى اغتسل؛ من أجل اختلاف الناس لأخذنا بالعروة الوثقى.
وقال الشافعي في اختلاف الحديث: حديث الماء من الماء ثابت، لكنه منسوخ، إلى أن قال: فخالفنا بعض أهل ناحيتنا -يعني من الحجازيين- فقالوا: لا يجب الغسل حتى ينزل. اهـ فعرف بهذا أن الخلاف كان مشهورًا بين التابعين ومن بعدهم، لكن الجمهور على إيجاب الغسل، وهو الصواب والله أعلم»
(1)
.
• الراجح من الخلاف:
بعد استعراض الأدلة يظهر لي أن الخلاف في المسألة محفوظ، وأنه قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم القول بعدم وجوب الغسل، وربما كان هذا القول في أول الأمر، ثم نسخ هذا الحكم، فالأحاديث التي تدل على وجوب الغسل ناقلة عن البراءة الأصلية فهي مقدمة على غيرها، وكما قال البخاري: الغسل أحوط.
* * *
(1)
فتح الباري (1/ 398، 399).