الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس في فروض الغسل
الفرض الأول الماء الطهور مع القدرة عليه
[م-387] لا يرفع الحدث إلا الماء الطهور مع وجوده،
فلا يرفع الحدث الماء النجس، وهذا إجماع.
قال ابن المنذر: قال تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)[المائدة: 6]، فالطهارة على ظاهر كتاب الله بكل ماء، إلا ما منع منه كتاب، أو سنة أو إجماع، والماء الذي منع الإجماع الطهارة منه: هو الماء الذي غلبت عليه النجاسة بلون، أو طعم، أو ريح
(1)
.
ولا يرفع الحدث سائل آخر غير الماء:
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن الحدث لا يرفع بسائل آخر غير الماء، كالزيت، والدهن، والمرق
(2)
.
وقال الغزالي: الطهورية مختصة بالماء من بين سائر المائعات، أما في طهارة الحدث
(1)
الأوسط (2/ 268).
(2)
الأوسط لابن المنذر (1/ 253).
فبالإجماع
(1)
.
وتعقبه النووي في المجموع شرح المهذب، فقال: حكى أصحابنا عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي بكر الأصم: أنه يجوز رفع الحدث وإزالة النجاسة بكل مائع طاهر، قال القاضي أبو الطيب إلا الدمع فإن الأصم يوافق على منع الوضوء به، ثم قال: والأول أرجح؛ قال تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)[المائدة: 6]، فأحالنا إلى التيمم عند عدم الماء، ولم ينقلنا إلى سائل آخر
(2)
.
قلت: ويستثنى من السوائل النبيذ فإنه مختلف في رفع الحدث به:
فقيل: يتوضأ به إن لم يجد غيره، وهو مذهب أبي حنيفة
(3)
.
وقيل: يتوضأ به ويتيمم، وهو مذهب محمد بن الحسن
(4)
.
وقيل: يتيمم، ولا يتوضأ به، وهو مذهب المالكية
(5)
، والشافعية
(6)
، والحنابلة
(7)
،
(1)
الوسيط (1/ 107، 108).
(2)
المجموع (1/ 139) وقال النووي: وأما قول الغزالي في الوسيط: طهارة الحدث مخصوصة بالماء بالإجماع، فمحمول على أنه لم يبلغه قول ابن أبي ليلى إن صح عنه. اهـ
(3)
المبسوط (2/ 90)، بدائع الصنائع (1/ 15)، العناية شرح الهداية (1/ 118)، أحكام القرآن (2/ 543).
(4)
البناية (1/ 464)، وفتح القدير (1/ 118، 119)، بدائع الصنائع (1/ 15) ..
(5)
قال مالك في المدونة (1/ 114): «ولا يتوضأ بشيء من الأنبذة، ولا العسل الممزوج بالماء، قال: والتيمم أحب إلي من ذلك» . اهـ
(6)
انظر الأم (1/ 7) قال النووي في المجموع (1/ 140): «أما النبيذ فلا يجوز الطهارة به عندنا على أي صفة كان من عسل أو تمر، أو زبيب، أو غيرها، مطبوخًا كان أو غيره، فإن نشَّ أو أسكر فهو نجس يحرم شربه، وعلى شاربه الحد، وإن لم ينش فطاهر لا يحرم شربه، ولكن لا تجوز الطهارة به، هذا تفصيل مذهبنا، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف والجمهور» . اهـ
(7)
مسائل أحمد رواية عبد الله (1/ 22)، ومسائل ابن هانئ (1/ 5)، ومسائل أحمد وإسحاق (1/ 127)، المغني (1/ 23)، الانتصار في المسائل الكبار (1/ 136)، الكافي لابن قدامة (1/ 6)، المبدع (1/ 42)، تنقيح التحقيق (1/ 225).
واختاره أبو يوسف والطحاوي من الحنفية
(1)
، وهو رواية عن أبي حنيفة
(2)
، وهو اختيار ابن حزم
(3)
.
وقد سبق أن ذكرت أدلتهم وبيان الراجح في كتاب أحكام الطهارة: أحكام المياه، فانظره هناك مشكورًا.
فإذا لم يوجد الماء الطهور فإنه يتيمم، وهذه مسألة خلافية أعني التيمم من الجنابة، وسوف أتعرض لذكر الخلاف فيها إن شاء الله تعالى في كتاب التيمم، بلغنا الله إياه بمنه وكرمه.
وقولي: لا يرفع الحدث إلا الماء الطهور، لا أعني به إثبات قسم الماء الطاهر في نفسه غير المطهر لغيره، وهي مسألة بحثت في أقسام المياه، وخلصت إلى أن الماء قسمان على القول الصحيح: طهور، ونجس، بخلاف مذهب الجمهور الذي يذهب إلى إثبات قسم الماء الطاهر، المستعمل عندهم في الأكل والشرب، ولا يستعمل في رفع الحدث، ومن أراد الإطلاع على أدلة القوم فليرجع إليه في كتاب الطهارة: في أحكام المياه، في مبحث أقسام المياه، والله الموفق.
* * *
(1)
بدائع الصنائع (1/ 15) المبسوط (2/ 90)، تبيين الحقائق (1/ 35)، العناية شرح الهداية (1/ 118).
(2)
تبيين الحقائق (1/ 35).
(3)
المحلى (مسألة: 148).