الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهي على قسمين أحدهما: الحج، فإذا حلف عليه حَنَث بالفاسد قطعًا، فإنه منعقد يجب المضيُّ فيه كالصحيح، والثاني: ما عداه كما لو حلف لا يصوم ولا يصلي فصام أو صلى فاسدًا، واقترن الفساد بأول الفعل لم يحنث كالعقود، وإن طرأ (1) الفساد هل يحنث؟ فيه وجهان، أصحهما، نعم، والثاني: لا، [حتى](2) يركع (3)، وقد ذكر الإمام المسألة في باب الخلع أيضًا (4)، واستطرد الكلام إلى أن قال: إذا عقد الرجل نيته (5) على البيع المطلق لم يحنث بالبيع الفاسد.
هذا ظاهر المذهب، والإمام الشافعي نص في النكاح على أن الفاسد يدخل تحت الاسم المطلق، وذكر مسألة:"ما لو أذن للعبد في النكاح، فنكح فاسدًا" ثم ضعفه، قال: أما جانب الامتناع كقوله: لا أبيع (6) الخمر فباعها، فالجمهور وظاهر النص على عدم الحنث أيضًا، إلا أن ينوي التلفظ ببيعها.
تنبيه: هل العقود موضوعة للصحيح فقط أو الأعم من الصحيح والفاسد
؟ فيه قولان، أصحهما: أولهما (7)، وعليه خرج ما تقدم.
قلت: ووقع للرافعي (8) في كتاب الأيمان ما نصه -وسيأتي خلافه- في أن لفظ العبادات هل هو موضوع لما هو أعم من الصحيح والفاسد، أو
(1) في (ن) و (ق): "حكوا"، والمثبت من (ك).
(2)
من (ن).
(3)
في (ق): "يرجع".
(4)
في فصل: لو قال: إن أعطيتني هذا فأنت طالق.
(5)
في (ن) و (ق): "يمينه".
(6)
في (ن) و (ق): "ابتع"، والمثبت من (ك).
(7)
أي: الأصح أنه لا يتناول إلا الصحيح فقط.
(8)
في (ن): "في الرافعي".
يختص بالصحيح؟ ولم نر ذلك في كلامه بعد، فتنبه له.
قاعدة
قال الشيخ عز الدين: "قاعدة الأيمان البناء على العرف إذا لم يضطرب؛ فإن اضطرب فالرجوع إلى اللغة"(1).
وأما الرافعي فحكى: "التحقيق أن الحال (2) مختلف باختلاف العرف اضطرابًا واطرادًا، [وبكيفية دلالة اللفظ على المعنى قوة وضعفًا] (3)، فقد يقوى العرف، فيقتضي هجران الوضع -يعني اللغة- وقد يضطرب ويختلف فيؤخذ بمقتضى الوضع وعلى الناظر التأمل والاجتهاد فيما يستعمله".
وقال الغزالي في "وسيطه": "إذا اختلفا فميل الأصحاب إلى اللفظ، وميل الإمام [إلى] (4) اتباع العرف" وفيها صور:
- منها: إذا قال: إن لم تعرِّفيني بعدد الجوز الذي في البيت فأنت طالق، [فقد] (5) قال الأصحاب فيما لو قال: إن لم تذكريني بعدد الجوز الذي في البيت فأنت طالق، أن طريقها أن تذكر [كل](6) عدد يحتمل أن يكون (7)، فلا يزال
(1)"الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 31)، "الأشباه" للسيوطي (1/ 229)، "قواعد ابن عبد السلام"(2/ 219)، "قواعد ابن رجب"(1/ 9)، (2/ 588)، "قواعد الزركشي"(3/ 121)، "قواعد العلائي"(2/ 476).
(2)
في (ن): "الخلاف".
(3)
من (ك).
(4)
من (ن).
(5)
من (ق).
(6)
من (ن).
(7)
في (ن) و (ق): "لا يكون".
يجري على لسانها الواحد بعد الآخر، وفي مسألتنا قد قيل يكتفي بذلك.
وقال الغزالي: لا يكفي واستبعد الأولى، وحكى الرافعي المستبعد عن الأصحاب، واختيار الغزالي والإمام.
- ومنها: إذا قال: إن لم تميزي ما (1) أكلت (2) فأنت طالق، قال الأصحاب: طريق الخلاص أن تفرقها بحيث (3) لا يلتقي (4) منها اثنتان، نعم لو أراد التمييز الذي يحصل به التعيين لا يبرأ من الحنث.
قال الإمام: هذا اللفظ عند الإطلاق يتبادر إلى الفهم منه التعيين، وكان ينبغي أن يحمل اللفظ عليه، فإن أراد مقتضى [وضع](5) اللغة، فيتبقى تردد في أنه هل يراد ظاهر الإطلاق؟ والأشبه أنه لا يراد، ونقل الرافعي عن أبىِ زيد أنه قال: لا أدري [على](6) مابنى الإمام الشافعي مسائل الأيمان، إن اتبع (7) اللغة فمن حلف لا يأكل الرؤوس فينبغي أن يحنث بأكل رؤوس الطير والسمك، وإن اتبع العرف فأهل القرى لا يعدون (8) الخيام بيوتًا، وقد قال الإمام الشافعي: لا فرق بين القروي والبدوي".
ثم قال الرافعي في معرض الجواب عن هذا: "إن الإمام الشافعي يتبع مقتضى اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها (9) وهو الأصل، وتارة يتبع
(1) في (ق): "إن لم تخبريني بما".
(2)
أي: إن لم تميزي نوى ما أكلتُ عن نوى ما أكلتيه.
(3)
في (ن) هنا: "أن".
(4)
في (ن) و (ق): "يكتفي".
(5)
من (ن).
(6)
من (ق).
(7)
في (ن) و (ق): "جميع"، والمثبت من (ك).
(8)
في (ق): "يعرفون".
(9)
في (ن): "ونزولها"، وفي (ق):"وتركوها".