الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامسة: أن تدعي المرأة تقدم (1) الطلاق، ويقول: لا أدري لم يقنع (2) منه بل يحلف أن الطلاق لم يتقدم أو ينكل (3) لتحلف، فإذا أعاد كلامه الأول جُعِل ناكلًا، فإن نكلت فعليها العدة، قال الأصحاب: وليس هو قضاء بالنكول؛ لأن الأصل بقاء النكاح وآثاره فيعمل بها ما لم يظهر دافع.
السادسة: لو قتل من لا وارث له، فإن كان هناك لوث فينصب القاضي من يدعي عليه ويحلفه، فإن نكل فهل يقضي عليه بالنكول؟ قال الرافعي في القسامة: فيه خلاف، وأعلم أن الجرجاني عد سبع مسائل وقال في أولها: يحكم على الناكل بأصل الوجوب لا بالنكول، وأشار إلى أنه لا يقع قضاء بنكول وهو الصواب.
فائدة: تكلم الأصحاب هنا فيما ينقض فيه قضاء القاضي وما لا ينقض
، وتكلم فيه (4) الأصوليون أيضًا (5)، وقد بسطوه باتفاق واختلاف، وقد قيل: إنها تقرب من ستين صورة سيأتي لك بعضها.
وحاول الإمام في "نهايته" ضبطه بضابط نقل فيه تفاصيله فقال: "كل مسألة يتعلق [القول](6) فيها بالقطع فمن حاد عن مدرك الصواب نقض
(1) في (ن) و (ق): "بعدم".
(2)
في (ن): "يقع ".
(3)
في (ن) و (ق): "فنكل".
(4)
في (ق): "فيها".
(5)
"الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 401)، و "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (229 - 230)، "قواعد ابن عبد السلام"(2/ 84)، وانظر:"المستصفى" للغزالي (ص: 367)، "الإحكام" للآمدي (4/ 245)، "الإبهاج" للسبكي (3/ 283)، "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص: 346)، "نهاية السول" للإسنوي (3/ 869)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (2/ 1075).
(6)
من (ن).
حكمه عليه، وكل مسألة لا مستند لها من قاطع فإذا أجرى حكم الحاكم (1)[فيها](2) بمذهب، وهو [في](2) محل الفحوي ومساق الظن، فلا نقض"، قال: "ثم حقيقة القول في هذا يستدعي الإحاطة بمدارك القطع، ولا يطمع في الخوض فيها إلا على قدر الحاجة" ثم خاض في ذلك ولا شك في بعض ما اطلع عليه، [والحاصل أن العلم](3) بعد الحكم أنه قارن [ما يقطع](4) بتقديمه على مستند (5) الحكم [موجب لنقضه](6)، وأن محل التردد ما إذا قارنه ما يظن تقديمه، وكذا (7) إذا توقف هل [هو] (8) مانع أم لا؟ فالحاكم بعد الحكم إذا انقدح له ما كان مقارنًا بالمنع [له] (9) أحوال:
أحدها: أن يكون أمراً متجددًا لم يكن حالة الحكم كما إذا باع الولي بالقيمة (10) للحاجة وحكم بالصحة ثم غلا السعر بعد فلا ينقض حكمه جزمًا، ومن ذلك ما إذا أجر الناظر فزادت الأجرة في أثناء المدة أو ظهر طالب بالزيادة فالأصح: أنه لا ينفسخ، وأفتى ابن الصلاح فيمن (11) استأجر شيئًا بأجرة مثله [ثم تغيرت
(1) في (ق): "القاضي".
(2)
من (ق).
(3)
من (س).
(4)
من (ن).
(5)
في (ن) و (ق): "سبيل".
(6)
من (س).
(7)
في (ن): "ما".
(8)
من (ن).
(9)
من (ن).
(10)
أي: باع مال اليتيم.
(11)
في (ن) و (ق): "فيما إذا".
الأحوال وطرأت أسباب توجب زيادة] (1) أجرة المثل أنه يتبين بطلان العقد؛ لأن الشاهد لم يصب في شهادته، لأن تقويم المنافع في مدة ممتدة إنما يصح إذا استمرت الحال الموجودة حالة التقويم (2)، أما إذا لم يستمر (3) فتبين [أن](4) المقوم لها [لم [يطابق](5) تقويمه المقوم] (6)، قال: وليس هذا كتقويم السلعة المحاضرة.
قلت: وهو تقويم ببادي الرأي لكن الحاجة داعية إلى أن العبرة بالتقويم ذلك الوقت لا بعد، وقد أفتى النووي بخلافه، فإذا أجر على يتيم أو أجر وقفًا بمقتضى قيمته في الحالة الراهنة، وحكم بها حاكم ثم ارتفعت بعد ذلك فلا أثر له ولا ينقض حكمه لئلا يؤدي إلى النقض بالأمر المتجدد، إلا أن يقال كما ذكره أنه يتبين [خطأ الشهود](6) أولاً، وليس ظهور طالب بالزيادة كزيادة الأجرة، نعم حكى ابن أبي الدم وجهًا (7): أن القيمة ما تنتهي إليه الرغبات، وقد يقال (8): يعتبر ذلك حال العقد، وأما بعده، فإنه [قد يرغب](9).
الحالة الثانية: أن يحكم باجتهاده بدليل أو الإمارة الطارئين (10) مساويًا للأول
(1) من (ق).
(2)
في (ن) و (ق): "التقدير".
(3)
في (ن) و (ق): "استمر"، والمثبت من (س).
(4)
من (ن).
(5)
من (س).
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).
(7)
في (ن) و (ق): "وجهان".
(8)
في (ن): "قال".
(9)
في (ق): "ترغبت".
(10)
هذا هو الوجه الثالث عند ابن السبكي، وجعله ابن الملقن هنا الثاني، وأغفل الثاني عند ابن السبكي، وانظر:"الأشباه والنظائر"(1/ 403).
وإن كان لو قارن لمنع [الحكم](1).
الثالث: أن يظهر أمر لو قارن لمنع، ظنًّا (2) لا قطعًا كبينة الداخل، فإن في تقديمها على بينة الخارج خلافًا، فهو أمر مظنون، والأصح فيه النقض؛ لأنه كالحاكم بالاجتهاد مع وجود النص، واختار القاضي حسين عدمه؛ لأن [تقديم](3) بينة ذي اليد ليس مقطوعًا به كالنص، وإنما هو أمر اجتهادي فالنقض به كنقض الاجتهاد بالاجتهاد، وهو ما استقر عليه رأيه (4) بعدما أشكلت عليه المسألة وتردد فيها نيفًا وعشرين سنة.
وتوسط بعض أصحابنا [بين](5) ما قبل التسليم (6) وما بعدها لتأكد الحكم بالتسليم، وهذا إذا حكم للخارج بناء على عدم بينة الداخل، فإن احتمل أنه حكم بها [بناء](7) على تقديم بينة الخارج، وكان من أهل الترجيح أو أشكل الحال فالأصح: لا ينقض.
الرابع: إذا ظهر معارض محض من غير مرجح كما إذا حكم للخارج ببينة ثم جاءت بينة لخارج آخر، فهذه البينة لو قارنت منعت الحكم، للتعارض، فإذا ظهرت (8) بعد الحكم فالظاهر لا ينقض [كما لا يحكم إلا بمستند لا ينقض](9) إلا
(1) من (س).
(2)
في (ن) و (ق): "قلنا".
(3)
سقطت من (ق).
(4)
في (ق): "أمره".
(5)
سقطت من (ق).
(6)
في (ن) و (ق): "السلام".
(7)
سقطت من (ق).
(8)
في (ن): "ظهر".
(9)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
بمستند، وقد حكى الرافعي في آخر الدعاوي فيما إذا قال السيد لعبده: إن قتلت فلانًا فأنت حر، وتنازع بعده العبد والوارث، هل مات مقتولًا أو حتف أنفه؟ وأقام العبد بينة أنه قتل في رمضان، فحكم بها ثم شهد شهود أنه مات في شوال، عن ابن سريج تخريج (1) قولين في نقض الحكم وتنزيله منزلة ما لو شهدت البينتان معًا وشبه (2) ذلك بما إذا بان فسق الشهود، وقد ترقى في هذا التشبيه (3) إلى ترجيح النقض، ويصير الأمر على ما كان عليه قبل الحكم، واقتضى كلامه أن المسألة مفروضة سواء قلنا بتقديم بينة رمضان أو شوال أو يتعارضان.
وأفتى ابن الصلاح في: ملك احتيج إلى (4)[بيعه](5) على يتيم فقامت بينة بأن قيمته مائة وخمسون، فبيع بها وحكم بصحة البيع، ثم قامت بينة أخرى أن قيمته حينئذ مائتان، فيمهل أيامًا، وقال: إنه ينقض الحكم، ويشبهه بما قطع به صاحب "التهذيب" من أنه لو حكم للخارج على صاحب اليد ببينته فانتزعت منه ثم أتى صاحب اليد ببينة؛ فإن الحكم ينقض (6)، وفيما ذكره نظر، وليس كمسألة (7)[صاحب](8)"التهذيب"؛ فإن النقض هناك لمعارضة بينة راجحة، [ولا يلزم من النقض بالأرجح النقض بالمثل](9)، وبينة ذي اليد فيها احتمال بأن
(1) في (ق): "فخرج".
(2)
في (ن) و (ق): "وثبت"، والمثبت من (س).
(3)
في (ن) و (ق): "السبب".
(4)
في (ن) و (ق): "إليه".
(5)
سقطت من (ق).
(6)
في (ق): "ينعقد".
(7)
في (ن): "كمثله"، وفي (ق):"حكمه".
(8)
من (ن).
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).
يكون النقض بها لترجحها باليد أو باليد لترجحها بها أو بمجموعها، وعلى كل تقدير لا تكون العلة موجودة في المقيس عليه (1) لعدم الاشتراك في العلة على كل تقدير، وهذا غير المسألة المذكورة في الرافعي فتنبه له.
الخامس: أن يظهر نص أو إجماع أو قياس جلي بخلافه فلا شك في نقضه، قال الغزالي في "المستصفى" (2): وما قاله الفقهاء: الجلي إن أرادوا به ما هو في معنى الأصل مما يقطع به [فهو صحيح](3)، وإن أرادوا به قياساً مظنوناً مع كونه جليًّا فلا وجه [له](4)، ولا فرق بين ظن حكمي وظن خفي، وهذا في تبيين خطأ الحكم نفسه (5)، ويلتحق به الخطأ في طريقه، وفي اعتقاد بسببه، ويظهر ذلك بما سيأتي، وفي الرافعي: أن النقض به في اعتقاد [هم](6) خبر الواحد لا بد أن يكون الظن المستند إليه ظنًّا محكمًا، وكأنه أشار بالظن المحكم إلى (7) ما قاله الإمام في "نهايته": إذا خالف خبرًا صحيحًا نقله (8) الآحاد، أو قياساً جليًّا فقد يفضي الأمر إلى النقض.
وحاصل كلامه أنه (9) إن لم يقبل التأويل أو كان تأويله في مقام (10) التأويلات البعيدة التي لا مبالاة (11) بها، .......................................
(1) أي: المسألة التي قاسها ابن الصلاح، فقياسها عليها غير صحيح.
(2)
"المستصفى في علم الأصول" للغزالي (ص: 368).
(3)
استدراك من "المستصفى"، و "ابن السبكي".
(4)
من (ن).
(5)
في (ق): "بعينه".
(6)
من (ن).
(7)
في (ن): "كما".
(8)
في (ن) و (ق): "حكمه".
(9)
أي: خبر الآحاد.
(10)
في (ق): "مقابل".
(11)
في (ن) و (ق): "التي لا مثاله" والمثبت من (س).