الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوصية الدعوى بمجهول لا على مجهول.
وفي مسألة الإيلاء الإبهام من المدعي نفسه، فإن الدعوى في الحقيقة من أحدهما، وهي مبهمة (1) لا منهما ولا من معينة، ولكن كأنه يشير إلى أنه لا فرق بين الجهل بالمدعى (2)، كالمرأتين والمدعى به كاللوث (3)، والمجهول الموصى به، والفيئة أو الطلاق اللتين يطلب في الإيلاء [إحداهما](4)، والمدعى عليه كمسألة الدم، والرافعي ذكر في طرق اللوث: لو قال: القاتل أحدهم، ولا أعرفه (5) لم يمكن الولي من القسامة وله أن يحلفهم،
فإن نكلوا بأجمعهم فأراد أن يحلف واحدًا إلى آخر ما ذكره، فقوله (6):(وله أن يحلفهم)(7) مقتضاه (8) صحة الدعوى، فهو موافق لما صححه الغزالي.
تنبيهات
أحدها: أن الغزالي جعل في "وسيطه" محل الخلاف في أنه هل تسمع الدعوى على واحد منهم من أحد العشرة مثلًا؟ وجعل الإمام محلها في التحليف، قال ابن الرفعة: وهو يفهم أن الدعوى لا تسمع جزمًا، وإنما الخلاف في
(1) في (ن) و (ق): "منها".
(2)
في (ق): "بالدعوى".
(3)
في (ن): "كالثوب".
(4)
في (ن) و (ق): "اللذين".
(5)
في (ق): "أعرفهم".
(6)
في (ن): "ففعله".
(7)
من (س).
(8)
في (ن): "مقتضيًا".
طلب اليمين (1)، وذلك أمر لا يعقل [معناه](2)، فلذلك نصب الغزالي الخلاف في الدعوى، ومراده لا يعقل (3) أي في الخصومات، وإلا فالساعي يحلف رب المال إذا اتهمه في الزكاة، ومسائل كثيرة يقع التحليف فيها من غير دعوى.
والدعوى من غير تحليف موجودة أيضًا كالدعوى على [قيم](4) اليتيم، وسائر المسائل التي يقبل فيها قول المرء من (5) غير يمين.
ثانيها: قال في "الوسيط": لكنهم لو نكلوا (6) جميعاً أشكل اليمين المردودة على الدعوى المبهمة.
ولم يذكره الرافعي في "شرحه" ولا بينه الفقيه (7) في "مطلبه"(8)، ولعلّه لوضوحه عنده، وأن حاصله أن النكول يقتضي اليمين المردودة، ولا سبيل إليه هنا لأنه لم يعرف عين القاتل فيحلف أنه هو، فأورد الغزالي هذا الإشكال على من يصحح سماع الدعوى المبهمة، ولعله من أجله لم يفصح [فيها](9) بالتصحيح، خلاف "الوجيز".
ثالثها: الخلاف [في الدعوى المبهمة يجري](10) في دعوى الغصب
(1) في (ن): "العين".
(2)
من (ق).
(3)
أي: أن اليمين من غير دعوى لا يعقل.
(4)
من (س).
(5)
في (ق): "الموافق".
(6)
في (ن) و (ق): "تكلموا".
(7)
في (ن): "البينة".
(8)
يقصد: "ابن الرفعة".
(9)
من (ن).
(10)
من (س).
والإتلاف، والسرقة، وأخذ الضالة على أحد الرجلين (1) أو الثلاثة، ولا يجري في دعوى الفرض والبيع وسائر المعاملات، وقيل: يجري فيها أيضًا، وقيل: بل هو مقصور على دعوى الدم.
قاعدة
القاعدة: "أن الحالف على فعل نفسه يحلف على البت وعلى [فعل] (2) غيره [على نفي العلم] (3) "(4) وعلى طرد القاعدة وعكسها يقع النظر في مسائل:
- منها: أن منكر الرضاع يحلف على [نفي العلم؛ لأنه ينفي فعل الغير، ومدعيه يحلف على](5) البت [رجلًا كان أو امرأة، فلو نكلت عن اليمين رددناها على الزوج، أو نكل الزوج وهو مدعى عليه ورددناها عليها (6)، فاليمين المردودة على البت (7)](8)، وعن القفال أنها على نفي العلم كيمين الابتداء.
وعن "الحاوي": وجهان مطلقان في يمين الزوج إذا أنكر الرضاع؛ أحدهما:
(1) كذا في الأصول، ولعلها:"الوجهين".
(2)
من (ن).
(3)
من (ك).
(4)
"الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 98)، "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/ 439)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (2/ 851)، "قواعد الزركشي"(2/ 76)، وعبر ابن السبكي عن هذه القاعدة بقوله: الحالف على فعل نفسه يحلف على البت، وإن حلف على فعل غيره فإن كان على إثبات فكذلك -أي على البت- وإن كان على نفي حلف على نفي العلم.
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ن).
(6)
في (ن): "عليه".
(7)
لأنها مثبتة.
(8)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).
أنها على نفي العلم كيمين الزوجة إذا أنكرت، والثاني: أنها على البتِّ، والفرق أن في يمين الزوج تصحيحاً للعقد فيما مضى وإثبات استباحته في المستقبل، فكانت على البت تغليظًا، ويمين الزوجة لبقاء حق ثبت بالعقد ظاهرًا فيقنع فيه بالعلم، قال الرافعي:"وليس الفرق يتضح" وصدق رحمه الله في ذلك، وبنى على الوجهين إذا ادعت رضاعًا وشك [الزوج](1) فلم يقع في نفسه صدقها ولا كذبها، إن قلنا: يحلف على نفي العلم، فله أن يحلفها هنا، وإن قلنا: على البت، فلا، وأشار في "التتمة" إلى طرد الوجهين في يمين الزوج والزوجة جميعاً، ووجه كون اليمين على البت أنه ينفي حرمة يدعيها المدعي فيحلف على القطع.
- ومنها: لو اختلف الزوجان في الصداق، جزم الرافعي بحلفها على النفي والإثبات (2)، ينافي (3) رأى الإمام والقاضي [أنها تحلف](4) أنها لا تعلم أنه تزوجها بألف، ولقد تزوجها بألفين.
ويتجه أن يُفصَّل، فيقال: إن عقد عليها في صغرها وهي لا تعلم، فالحق ما قال الإمام، وإن استؤذنت وعقد بإذنها، فالحق ما قاله الرافعي.
- ومنها: إذا إدعى عليه تلف عبده، الأصح: أن يحلف على البت، كما لو ادعى عليه أنه أتلف بهيمة؛ لأنه كفعله بدليل أن الغرم يتعلق بما له والدعوى عليه.
- ومنها: لو قال لزوجته: إن كان هذا الطائر غرابًا فأنت طالق، وأشكل الحال لا يحكم بوقوع الطلاق، فلو ادعت عليه أنها طُلِّقت حلف جزمًا [على نفي الطلاق
(1) من (ن).
(2)
أي: على البت فيهما.
(3)
كذا في (ك)، وفي (ن) و (ق):"ورأى".
(4)
من (ك).
كما لو ادعى نسيان المطلقة] (1)، ولو ادعت أنه كان غرابًا وأنها طُلِّقت، لزمه أن يحلف على الجزم بأنه لم يكن غرابًا، ولا يكتفي بقوله: لا أعلم أنه كان غرابًا، أو نسيت الحال.
كذا ذكره الإمام، وفرق بينه وبين ما إذا علق طلاقها بدخول الدار ونحوه (2) وأنكر حصوله، فإنه يحلف [على](3) نفي العلم بالدخول؛ لأن الحلف هناك على نفي فعل الغير، وأما نفي الغرابية (4) فهو (5) نفي صفة الغير ونفي الصفة كثبوتها (6) في إمكان (7) الاطلاع عليها.
في "البسيط"، قال الغزالي:"وفي القلب من هذا الفرق شيء"، قال الرافعي: ويشبه أن يقال: إنما يلزمه الحلف على نفي الغرابية إذا تعرض لها في الجواب، أما إذا اقتصر على قوله: ليست بمطلقة، فينبغي أن يكتفي منه بذلك كنظائره.
قلت: بل لو (8) تعرض له في الجواب ينبغي أن يكتفي منه بنفي التطليق على أحد الوجهين كما في نظائره.
وذكر الرافعي بعد ذلك فيما إذا قال: إن كان غرابًا فأنت طالق، وإن (9) لم يكن
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).
(2)
في (ق): "ونحوها".
(3)
سقطت من (ن).
(4)
في (ق): "الغراب".
(5)
في (ق): "فهو الفرق".
(6)
زاد في) ن) و (ق) هنا: "في إمكانها".
(7)
في (ق): "أماكن".
(8)
في (ق): "إن".
(9)
في (ق): "وإن كان".
غرابًا فعبدي حر، وادعى عليه وقال: لا أعلم في أيهما حنث: أن في (1)"الشامل" وغيره أنهما [إن](2) صدقاه بقي (3) الأمر موقوفًا (4)، قال الرافعي، وهكذا ينبغي أن يكون الحال في استبهام الطلاق بين (5) الزوجين.
وتكلم ابن أبي الدم في "أدب القضاء" على كلام الغزالي السالف، فقال: من العجب توجه بالعجز عن الفرق بين المسألتين، وعندي الفرق بينهما ظاهر جدًّا، وذكر ما حاصله أن الدخول فعل الغير، فيحلف نافيه على نفي العلم وكون الطائر غرابًا [ليس فعل الغير بل هو تعليق على كون هذا الطائر المشاهد موصوفًا بصفة كونه غرابًا، وإذا لم يكن تعليقًا على فعل الغير بل على تحقيق كونه غرابًا حلف على نفي تلك الصفة الحقيقية على البت بأن هذه الصفة لم توجد.
قال: ونظير قوله: إن كان هذا الطائر غرابًا [بعد](6)] (7) مشاهدته، والجهل بحقيقة تحقق دخول أحد الرجلين إلى الدار والجهل بعينه، فيقول: إن كان هذا الرجل الكائن (8) في الدار زيدًا فأنت طالق، فنافى كونه زيدًا يحلف على البت كنظيره في مسألة [الغراب، ونظير مسألة](9) الدخول من الغراب أن يعرف كونه
(1) في (ن) و (ق): "في أن".
(2)
من (ك).
(3)
في (ن): "ونفي".
(4)
وإن كذباه حلف على نفي العلم، فإن حلف فالأمر موقوف.
(5)
في (ن) و (ق): "نفي".
(6)
من (س).
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ق).
(8)
في (ق): "إن كان".
(9)
من (س).
غرابًا ثم يفتقده ويجهل هل طار أو مات (1)، وكان قد حلف على طيرانه، فالنافي لطيرانه (2) هنا يحلف على نفي العلم.
- ومنها: لو نصب البائع وكيلًا يقبض الثمن ويسلم المبيع، فقال له المشتري: إن موكلك أذن [لي](3) في تسليم المبيع، وترك حق الحبس وأنت تعلم، فأقوى القولين عند النووي: أنه يحلف على البت؛ لأنه يثبت لنفسه استحقاق اليد على المبيع (4).
- ومنها: لو مات عن ابن في الظاهر، فقال آخر: أنا أخوك والميراث بيننا، [فأنكر](5) حلف على البت؛ لأن الأخوَّة رابطة بينهما، فهو حالف (6) في نفسه، ولو طلب البائع تسليم المبيع فادعى حدوث عجز عنه، وقال للمشتري: أنت عالم به فأنكر، حلف على البت؛ لأنه يستبقي بيمينه وجوب تسليم المبيع [إليه](7).
كذا ذكر الصورتين ابن القاص ونازعه آخرون، وقالوا: يحلف على نفي العلم وصححه النووي.
- ومنها: ادعى على الوارث (8) دينًا على الميت، فأنكر الوارث العلم به، أصح
(1) في (ن): "قل"، وفي (ق):"أقل".
(2)
وقعت هذه العبارة و (ن) و (ق) كذا: "والثاني يظهر أنه" والمثبت من (س).
(3)
من (س).
(4)
وفي "أشباه ابن السبكي": "فأحد القولين: أنه يحلف على البت، واختاره أبو زيد؛ لأنه يثبت لنفسه استحقاق اليد على المبيع، وأقواهما -عند النووي-: أنه يحلف على نفي العلم جريًا على القاعدة"(1/ 439).
(5)
من (س).
(6)
في (ن): "خلاف".
(7)
من (ن).
(8)
في (ق): "البائع".
الأوجه: الحلف على نفي العلم جريًا على القاعدة.
وثانيها: على البتِّ؛ لأن الظاهر اطلاعه عليه.
وثالثها: الفرق بين أن يعهده حاضرًا (1) أو غائبًا، وقد ذكر الرافعي في أثناء الباب الثالث في اليمين من الدعاوى صورًا اختلف فيها في التحالف (2) على نفي العلم فراجعها منه، وتأمل هذه المستثنيات هل تستثنى أم لا؟
قاعدة
" [لو] (3) ادعى ما لو أقر به الخصم لنفعه (4) لكن لم يكن المدعى غير (5) حق له، ولم يتضمن تحليف شاهد ولا حاكم ولا أداء ما عليه، ففي تحليفه خلاف"(6)، أما الشاهد والقاضي فلا يحلفان وإن نفع تكذيبهما أنفسهما؛ لأن منصبهما ينافي (7) ذلك، وأما الأداء فإنه ليس في نفسه حقًّا له (8)، وينفعه في اندفاع [المدعى](9) عليه، ولم يجر فيه الخلاف، وأجري الخلاف في مسائل:
- منها: لو قال: الشهود فسقة، [أو كذبة، و](10) الخصم عالم، فهل يحلفه
(1) في (ق): "الخاص".
(2)
في (ق): "التحليف".
(3)
من (ك).
(4)
في (ن) و (ق): "لبيعه"، والمثبت من (ك).
(5)
في (ن) و (ق): "عين".
(6)
الأشباه والنظائر" لابن الوكيل (ص: 105)، "قواعد ابن عبد السلام" (2/ 59 - 60).
(7)
في (ن): "نافع".
(8)
في (ن) و (ق): "جهالة".
(9)
من (ك).
(10)
في (ق): "وكذبه".
على نفي العلم؟ وجهان.
- ومنها: لو توجهت اليمين عليه فقال: قد حلفني مرة، فحلفه (1) أنه ما حلفني، فوجهان.
- ومنها: إذا قذفه فأراد تحليفه أنه ما زنى، فوجهان، ويشبه أن يكون الأرجح في الجميع أنه يحلف (2)، لكن رجح البغوي في الشهود أنه لا يحلف.
- ومنها: لو لم يتذكر القاضي الحكم توقف ولا يقول: لم أحكم (3)، وهل للمدعي والحالة هذه تحليف الخصم على أنه لا يعرف حكم القاضي، فيه احتمالان للبغوي [والله أعلم](4).
* * *
(1) في (ن) و (ق): "فيحلف".
(2)
في (ق): "أن يحلفه".
(3)
في (ق): "له احكم".
(4)
من (ن).