الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
لقد رفع الله سبحانه وتعالى الحرج عن هذه الأمة، فشريعة الله سبحانه وتعالى لا عنت فيها، ولا مشقة، تراعي أحوال المكلف، فاليسر وعدم التكلف هو شأن هذه الملة التي جاءت من أحكم الحاكمين، ومن رب العالمين، ومع أن شرع الله لا حرج فيه إلا أنه إذا طرأ على المكلف ما يستدعي التيسير عليه خفف عنه بالقدر الذي لا يشق عليه، فهذا المسافر يقصر الصلاة، ويفطر في رمضان لأن الغالب في السفر أن يكون فيه كلفة ومشقة، وهذا المريض يصلي قائمًا، فإذا لم يستطع صلى قاعدًا، فإذا لم يستطع صلى على جنب، وهكذا الشرع مع أحوال المكلف، (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا)، (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)، (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً).
وفي المسح على الخفين والجوارب والعمامة والجبيرة ما فيه من التيسير على المكلف خاصة في أيام البرد الشديد، وفي بعض البلاد الباردة جدًّا ما يدرك المرء نعمة الله سبحانه وتعالى عليه، ولو شاء الله لأعنتكم.
ولقد ضل بعض أهل البدع في مسألة المسح على الخفين حتى أنكروه مع ثبوته عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل وثبت عنه المسح على النعلين، وكان
الأليق في دعواهم لمحبة الإمام علي بن أبي طالب أن يتبعوه ولكن المحبة التي لا تكون مبنية على أسس شرعية لن تهدي صاحبها إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فخالفوا فيه أهل السنة من وجهين:
الأول: أنهم يرون مسح القدم، ولو لم يكن عليها خف، فوقعوا في وعيد قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ويل للأعقاب من النار
(1)
.
الثاني: أنهم أنكروا المسح على الخفين على كثرة الأحاديث الواردة فيه، حتى اعتبرت من قبيل الأحاديث المتواترة.
وقد ذكر المسح على الخفين بعض ممن ألف في العقائد مع أنها مسألة فقهية، للتنبيه على أن حكم هذه المسألة فرق بين أهل السنة، وبين أهل البدع من الخوارج والرافضة هداهم الله.
وعلى كل حال فهم يخالفون أهل السنة في أكبر من ذلك، ولهم في كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته عقائد منكرة، وإنما ذكرت ما ذكرت تحذيرًا لمن ينكر سنة المسح لئلا يتشبه بهم، وليحذر من طريقة أهل البدع. والله الهادي وحده إلى الطريق المستقيم.
وقبل أن أختم هذا الفصل، أود أن أعرف الخف والجورب والموق والجبيرة عند أهل اللغة.
• تعريف الخف:
قال الفيومي: الخف: الملبوس، جمعه: خفاف، مثل كتاب. وفرق بين هذا وخف البعير؛ إذ يجمع الثاني على أخفاف، مثل قفل، وأقفال
(2)
.
(1)
البخاري (165)، ومسلم (242) من حديث أبي هريرة، وجاء من حديث عبدالله بن عمرو في الصحيحين، ومن حديث عائشة عند مسلم (240).
(2)
المصباح المنير (ص: 1/ 175، 176).
وقال الفيروزآبادي: أخفاف: واحد الخفاف، التي تلبس، وتخفّف: لبسه.
ثم ذكر المثل المشهور: جئتكم بخفي حنين، مثل يضرب عند اليأس من الحاجة
(1)
.
وجاء في المعجم الوسيط: الخف: ما يلبس في الرجل من جلد رقيق
(2)
.
• تعريف الجوارب:
قال الأزهري والفيروزآبادي: الجورب لفافة الرجل
(3)
.
وقيل: إنه فارسي معرب، وأصله كورب
(4)
.
وأما مادته التي يصنع منها، فقال أبو بكر بن العربي: الجورب غشاءآن للقدم من صوف، يتخذ للوقاء.
وفي التوضيح للحطاب المالكي: الجوارب ما كان على شكل الخف، من كتان أو قطن أو غير ذلك.
وفي الروض المربع للبهوتي الحنبلي: الجورب: ما يلبس في الرجل على هيئة الخف من غير الجلد.
وقال العيني: الجورب هو الذي يلبسه أهل البلاد الشامية الشديدة البرد، وهو يتخذ من غزل الصوف المفتول يلبس في القدم إلى ما فوق الكعب
(5)
.
فظهر أن الفرق بينه وبين الخف، أن الخف يكون من جلد، والجورب يكون من غير الجلد.
(1)
القاموس المحيط (ص: 1041).
(2)
المعجم الوسيط (1/ 247).
(3)
تهذيب اللغة (11/ 53)، القاموس المحيط (ص: 86).
(4)
لسان العرب (1/ 263).
(5)
انظر المسح على الجوربين للقاسمي (ص: 50).
• تعريف الجرموق:
الجرموق: بضم الجيم والميم: فارسي معرب، وهو شيء يلبس فوق الخف لشدة البرد، أو حفظه من الطين وغيره، ويكون من الجلد غالبًا. والجمع: جراميق.
وقال الأزهري: الجرموق: خف يلبس فوق الخف.
وفي القاموس: لا تجتمع الجيم والقاف في كلمة إلا معربة، أو تكون صوتًا
(1)
.
• تعريف الموق:
والموق كما في مختار الصحاح: ما يلبس فوق الخف، وهو فارسي معرب
(2)
.
وقال الجوهري والمطرزي: الموق خف قصير، يلبس فوق الخف، نقلًا من شرح فتح القدير
(3)
.
وأنكر النووي أن يكون الموق يلبس فوق الخف، فذكر عن أصحابه أن الموق: هو الخف لا الجرموق، وقال: هو الصحيح المعروف في كتب أهل الحديث وغريبه
(4)
.
وجاء في نصب الراية: «قال الشيخ تقي الدين في الإمام: وقد اختلفت عباراتهم في تفسير الموق، فقال: ابن سيده: الموق ضرب من الخفاف، والجمع أمواق، عربي صحيح. وحكى الأزهري عن الليث: الموق ضرب من الخفاف، ويجمع على أمواق. وقال الجوهري: الموق الذي يلبس فوق الخف، فارسي معرب.
وقال الفراء: الموق الخف فارسي معرب، وجمعه أمواق. وكذلك قال الهروي الموق الخف فارسي معرب، وقال كراع: الموق الخف والجمع أمواق انتهى»
(5)
.
(1)
تهذيب اللغة (9/ 384)، لسان العرب (10/ 35)، القاموس المحيط (ص: 1125).
(2)
مختار الصحاح (226).
(3)
شرح فتح القدير (1/ 158).
(4)
المجموع (1/ 536).
(5)
نصب الراية (1/ 184).
• تعريف الجبيرة:
جاء في المصباح: «جبرت اليد: وضعت عليها جبيرة، والجبيرة: عظام توضع على الموضع العليل من الجسد، ينجبر بها، والجبارة بالكسر: مثله، والجمع: الجبائر»
(1)
.
وفي المختار: الجبيرة: العيدان التي تجبر بها العظام
(2)
.
وقال في طلبة الطلبة: الجبائر: هي التي تربط على الجرح، جمع جبيرة: وهي العيدان التي تجبر بها العظام
(3)
.
وقال البعلي: هي أخشاب ونحوها، تربط على الكسر ونحوه
(4)
.
* * *
(1)
المصباح (1/ 89).
(2)
مختار الصحاح (ص: 68).
(3)
طلبة الطلبة (1/ 8).
(4)
المطلع على أبواب المقنع (ص: 22).