الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال المزني: إذا مسح في السفر يومًا وليلة، ثم أقام مسح ثلث يومين وليلتين، وذلك ثلثا يوم وليلة؛ لأنه لو مسح ثم أقام في الحال، مسح ثلث ما بقي، وهو يوم وليلة، فإذا بقي له يومان وليلتان، جاز له أن يمسح ثلثيهما
(1)
.
واختار بعض الحنابلة: أنه يمسح مسح مسافر إن كان مسح في سفره أكثر من يوم وليلة
(2)
، ولا أعلم له دليلًا.
•
دليل الجمهور
.
الدليل الأول:
أن هذا المسافر لما أقام أصبح حكمه حكم المقيم، ولا يجوز للمقيم أن يمسح أكثر من يوم وليلة.
الدليل الثاني:
أن المسح ثلاثة أيام ولياليهن إنما هي للمسافر، فإذا انتفى السفر، انتفت الرخصة.
الدليل الثالث:
أنه اجتمع في حاله حضر وسفر، فغلب حكم الحضر احتياطًا.
وهنا الحنفية قد وافقوا الشافعية والحنابلة في الحكم، وإن كانوا يختلفون في العلة، فالعلة عند الحنابلة والشافعية أن الإقامة أغلظ الحالتين: أعني حالة السفر والإقامة.
والعلة عند الحنفية: أن الإقامة نهاية الحالتين، فالاعتبار بالنهاية، لا بالأغلظ، ولذلك إذا مسح، وهو مقيم، ثم سافر يختلف الحكم عند الحنابلة والشافعية من
(1)
المجموع (1/ 515)، فتح العزيز شرح الوجيز (2/ 401).
(2)
قال في الإنصاف (1/ 177): «قال في المبهج: أتم مسح مسافر إن كان مسح مسافرًا فوق يوم وليلة. وشذذه الزركشي.
قال ابن رجب في الطبقات: وهو غريب.
ونقله في الإيضاح رواية، ولم أرها فيه» اهـ.
جهة، وعند الحنفية من جهة أخرى، لاختلافهم في العلة، فيمنع الشافعية والحنابلة من المسح، لأن الاعتبار للأغلظ، ويجوز الحنفية المسح؛ لأن الاعتبار بالنهاية، والله أعلم.
وأما دليل المزني، فقد ذكرت تعليله مع قوله، وتعليله ضعيف جدًّا، وإنما ذكرته ليعلم أن المسألة ليست إجماعًا عند من يرى التوقيت.
وأما مذهب المالكية فلا تتأتى هذه المسألة عند المشهور من مذهبهم؛ لأنهم لا يرون التوقيت أصلًا، فهو يمسح حتى يخلع لا فرق بين المسافر والحاضر، والله أعلم.
ويلحق بهذه المسألة لو مسح أحد الخفين في الحضر، والآخر في السفر، ففيها وجهان للشافعية:
الأول: يمسح مسح مقيم، تغليبًا لجانب الحضر، اختاره النووي.
وقيل: يتم مسح مسافر، اعتبارًا بتمام المسح.
ولا يتأتى هذا التفصيل على القول الراجح، لأن المعتبر في المسح وقت الأداء، فإذا مسح في الإقامة، ثم سافر أتم مسح مسافر ما دام مسافرًا لما علمت
(1)
.
* * *
(1)
أسنى المطالب (1/ 98).