الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في مسح الخف الثاني إذا لبسه بعد الحدث
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• المسح لا يكون إلا على خف ملبوس بطهارة مائية، هذا شرط المسح، وما كان شرطًا في الخف الأسفل فهو شرط في الخف الأعلى، ومن أخرج الخف الأعلى من هذا الشرط فعليه الدليل.
• قال صلى الله عليه وسلم: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، وإذا كانت القدم لا توصف بالطهارة إلا بإتمام طهارة سائر الأعضاء، فمن لبس خفًا وهو محدث لم يتحقق شرط المسح.
• قال صلى الله عليه وسلم: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، المقصود بقوله:(طاهرتين) الطهارة الشرعية (الطهارة من الحدث)، وليس الطهارة اللغوية النظافة؛ لأن ألفاظ الشارع تحمل على الحقيقة الشرعية.
وهل المقصود بطهارة الحدث: مطلق الطهارة، ولو كانت عن مسح، أو الطهارة المائية؟ الراجح الثاني.
• لو كان المطلوب مطلق الطهارة لم يكن للتوقيت فائدة؛ إذ قبل انتهاء المدة يخلع خفيه، ثم يعيد لبسهما، فيستأنف مدة جديدة، خاصة مع القول بأن خلع الخف
لا يبطل الطهارة، وهو الصحيح.
• يشترط للمسح على الخف الأعلى ما يشترط للأسفل، وهو لبسه على طهارة مائية إلا أن يلبسهما معًا فيكونا في حكم الخف الواحد.
• شروط لبس الخف على آخر هي شروط لبس الخف على القدم؛ لأن الخف الأعلى ألغى حكم الأسفل، فإن لبس على طهارة مائية مسح على الخف الأعلى، وإن لبسه على حدث أو على طهارة مسح لم يمسح عليه عند الوضوء، لفقد شرط المسح.
• الخف الأعلى والأسفل إنما يصح اعتبار أحدهما ظهارة والآخر بطانة إذا لبس معًا فإن فرَّق لبسهما لم يكونا في حكم الخف الواحد، فالظهارة والبطانة إنما تلبس وتخلع معًا.
• إذا مسح على خفيه، ثم لبس عليه آخر فإنه ينزعه إذا أراد أن يمسح عليه؛ لأن الأعلى يحول بينه وبين الخف الواجب مسحه، كما لو علق بالخف طين فإنه لا يمسح عليه؛ لأنه حائل بينه وبين الخف الواجب مسحه.
[م-260] إذا لبس خفًا على خف على طهارة مائية، وقبل الحدث مسح على الخف الفوقاني قولًا واحدًا عند من يجيز المسح على الخف فوق الخف.
وإذا لبس الخف الأول، ثم أحدث، ثم لبس خفًا عليه، وهو محدث،
فله حالتان:
الأولى: أن يكون ذلك قبل أن يمسح على الأسفل، وفيه قولان:
فقيل: لا يمسح إلا على الأسفل وهو مذهب الحنفية
(1)
، وأحد القولين في
(1)
الاختيار لتعليل المختار (1/ 24، 25)، شرح فتح القدير (1/ 157)، المبسوط (1/ 102).
مذهب المالكية
(1)
، والحنابلة
(2)
، وقول العراقيين من الشافعية
(3)
.
وقيل: يجوز المسح على الأعلى، ولو لبسه، وهو محدث، ما دام قد لبس الأسفل على طهارة، وهو أحد القولين في مذهب المالكية، واختاره الخراسانيون من الشافعية
(4)
.
• تعليل الجمهور:
التعليل الأول:
يشترط للمسح على الخف الأعلى ما يشترط للأسفل، وهو لبسه على طهارة مائية؛ لأنك حين لبست الخف الأعلى فقد ألغيت الخف الأسفل، فكان وجوده كعدمه، إلا أن يلبسهما معًا فيكونا في حكم الخف الواحد.
التعليل الثاني:
الخف الأعلى والأسفل إنما يصح اعتبار أحدهما ظهارة والآخر بطانة إذا لبس معًا فإن فرَّق لبسهما لم يكونا في حكم الخف الواحد، فالظهارة والبطانة إنما تلبس وتخلع معًا.
التعليل الثالث:
لا يصح المسح على الأعلى بعد الحدث؛ لأن المسح قد تعلق بالخف الملبوس على طهارة مائية، فصار الخف الأعلى يمنع وصول المسح إلى الخف الواجب مسحه، كما لو علق بالخف طين فإنه لا يمسح عليه؛ لأنه حائل بينه وبين الخف الواجب مسحه.
(1)
الخرشي (1/ 178)، مواهب الجليل (1/ 318، 319)، حاشية الدسوقي (1/ 141) الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 27).
(2)
الروض المربع (1/ 289)، الكافي لابن قدامة (1/ 36)، الإقناع (1/ 34)
(3)
المجموع (1/ 531)، الحاوي الكبير (1/ 366)، وروضة الطالبين (1/ 127).
(4)
جاء في مواهب الجليل (1/ 319): «يجوز أن يمسح على الخفين ولو كانا فوق خفين، وقيل: لا يجوز المسح على الأعليين، وإليه أشار بلو، والخلاف جار سواء لبس الأعليين قبل أن يمسح على الأسفلين، أو بعد أن مسح عليهما .... » . وانظر قول الخرسانيين في المجموع (1/ 531).
• وتعليل الخرسانيين:
قاس الخرسانيون هذه المسألة على من لبس خفًا، ثم أحدث، ثم رقع فيه رقعة، فيجوز المسح، فكذلك الأعلى بمثابة الرقعة للأسفل، ما دام أنه قد لبس الأسفل على طهارة.
• ونوقش:
بأن الرقعة تابعة، لا تمنع من مسح الخف الأسفل بخلاف الخف المستقل فإنه يلغي الخف الأسفل.
الحالة الثانية:
أن يلبس الخف الأعلى بعد أن مسح على الخف الأسفل، وقبل الحدث.
فقيل: لا يمسح إلا على الأسفل، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والحنابلة
(2)
، وقول في مذهب المالكية
(3)
، ووجه في مذهب الشافعية
(4)
.
وقيل: بل يمسح على الأعلى، وهو قول في مذهب المالكية، وأصح الوجهين في مذهب الشافعية
(5)
.
• تعليل القائلين بجواز المسح.
قالوا: إذا كان المسح على الخفين رافعًا للحدث، فإذا لبس الخف الأعلى بعد المسح يصدق عليه أنه أدخل رجليه الخف، وهما طاهرتان، فجاز له أن يمسح.
(1)
الاختيار لتعليل المختار (1/ 24، 25)، شرح فتح القدير (1/ 157)، المبسوط (1/ 102).
(2)
الروض المربع (1/ 289)، المبدع (1/ 147).
(3)
الخرشي (1/ 178)، مواهب الجليل (1/ 318، 319)، حاشية الدسوقي (1/ 141)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 27).
(4)
المجموع (1/ 531)، الحاوي الكبير (1/ 366)، ورضة الطالبين (1/ 127).
(5)
قال النووي في المجموع (1/ 534): «وهو الأظهر المختار» .
• تعليل الجمهور.
قالوا: إن الخف الأعلى لم يلبسه على طهارة مائية، وهي شرط في صحة المسح على الخف، وليس المطلوب مطلق الطهارة، ولذلك لو كانت طهارته بالتيمم لم يمسح الخف فيها إذا وجد الماء، ولا يقال: ما دام أن التيمم مطهر فليمسح عليهما؛ لأنه يصدق عليه أنه لبسهما، وهو طاهر، ولهذا يعلقون المدة بالخف الأسفل، لا بالخف الأعلى، ولو كان لبسه على طهارة المسح مؤثرًا لعلق الحكم بالأعلى، فهم في مدة المسح ألغوا الخف الأعلى، وهذا دليل على ضعف القول بالمسح عليه، ويلزم على قولهم إلغاء التوقيت، فقبل أن تنتهي المدة، ينزع الرجل خفيه قبل انتقاض طهارته، ثم يلبسه مرة أخرى ليستأنف مدة جديدة، ويصدق عليه أنه لبسه على طهارة، وبالتالي تذهب الحكمة من القول بالتوقيت في المسح على الخفين، وهم لا يقولون بهذا، ويشترطون أن تكون الطهارة مائية، فإذا كان ذلك كذلك لزم أن تكون الطهارة مائية للخف الأعلى أيضًا إذا كان المسح سوف يعلق به، والله أعلم.
* * *