الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
(625 - 122) ما رواه مسلم، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا
عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة،
عن شريح بن هانئ قال أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام، ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم
(1)
.
فالمراد بيان حكم جميع المسافرين؛ لأن الألف واللام في المسافر للجنس، فيدخل في هذا الحكم كل مسافر سفره ثلاثة أيام، فيمسح ثلاثة أيام، أما إذا كان سفره أقل من ثلاثة أيام فلا يعد مسافرًا بالمعنى الشرعي؛ لأنه لا يكرر المسح في الأيام الثلاثة
(2)
.
• وأجيب:
بأن الحديث جاء لبيان أكثر مدة المسح، فلا يصح الاحتجاج به؛ على أنه يمكن قطع المسافة القصيرة في ثلاثة أيام
(3)
.
الدليل الثالث:
من النظر، أن الثلاثة أقل الكثير، وأكثر القليل، ولا يجوز له القصر في قليل السفر، فوجب أن يكون أقل الكثير وهو الثلاث حدًا له
(4)
.
•
دليل من حدد المسافة بثلاثة أميال:
(626 - 123) روى الإمام مسلم من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن يحيى بن يزيد الهنائي، قال:
(1)
صحيح مسلم (276).
(2)
الاختيار لتعليل المختار (1/ 79).
(3)
المغني (2/ 48).
(4)
الحاوي (2/ 361).
سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ - شعبة الشاك- صلى ركعتين
(1)
.
وهذا من أقوى الأدلة على التحديد، قال ابن حجر:«وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه»
(2)
.
• وأجيب عن هذا الحديث الصريح:
الجواب الأول:
تضعيف الحديث بتفرد يحيى بن زيد الهنائي، قال ابن عبد البر:«شيخ من أهل البصرة، ليس مثله ممن يحتمل أن يحمل هذا المعنى الذي خالف فيه جمهور الصحابة والتابعين، ولا هو ممن يوثق به في ضبط مثل هذا الأصل»
(3)
.
قلت: لم يرو عنه أحد من الكتاب الستة إلا مسلم وأبو داود، وليس له فيهما إلا هذا الحديث، ولم يوثقه إلا ابن حبان، وقال عنه أبو حاتم الرازي: شيخ، وفي التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع، ولم يتابع، وقال الذهبي: صالح، لا بأس به.
فكلام ابن عبد البر واضح أنه يتمشى مع قواعد أهل التحديث، وأن التفرد بأمر يحتاج إليه عامة الناس لا يقبل إلا من إمام كالزهري، ومالك، ونحوهما، وأن مخالفة ابن عمر وابن عباس له يدل على وهمه.
الجواب الثاني:
رده القرطبي بأنه مشكوك فيه، هل هو ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ؛ إذ كل واحد مشكوك فيه
(4)
.
ولا يوافق عليه؛ لأن الشك في الثلاثة أميال، أما الثلاثة فراسخ فليس فيها شك
(1)
صحيح مسلم (691).
(2)
فتح الباري (2/ 567).
(3)
الاستذكار (2/ 240).
(4)
تفسير القرطبي (5/ 354).
باعتبارها الأكثر.
الجواب الثالث:
قال بعضهم: إن ذلك حكاية لفعله صلى الله عليه وسلم، وأنه قصر في هذه المسافة، وذلك لا يمنع جواز القصر في غيرها إذا كان يسمى سفرًا، فليس في الحديث تحديد الترخص بهذه المسافة.
ورد هذا:
بأن السؤال عن المسافة التي يقصر فيها، وقد جاء الجواب بلفظ:(كان) الدالة على الاستمرار غالبًا، وأن قوله:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ قصر الصلاة) مفهومه أنه إذا خرج أقل من ذلك لم يقصر، لكن القول بثلاثة فراسخ أرجح؛ لأنه هو المتيقن.
الجواب الرابع:
حمل بعضهم الحديث على أن المراد به المسافة التي يبتدئ منها القصر، لا غاية السفر، وهذا بعيد.
(1)
.
(627 - 124) وقد روى البخاري، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان،
(1)
فتح الباري (2/ 567).