الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصابع لم يصح المسح عليه، والمسح على الخف يجزئ فيه إن مسح بثلاثة أصابع، وعليه إن نزع من ظهر القدم مقدار ثلاثة أصابع لم يصح المسح عندهم، وهذا القول ضعيف؛ لأنه يقابل بقول محمد بن الحسن إن بقي مقدار ثلاثة أصابع من القدم، لم تنتقض الطهارة، لبقاء محل المسح.
•
الدليل على قول محمد بن الحسن:
قال: لو قطعت رجله، وبقي من ظهر القدم مقدار ثلاثة أصابع فلبس عليه الخف جاز له أن يمسح، فكذلك إذا نزع الخف، وبقي منه مقدار ثلاثة أصابع لم يبطل المسح، لبقاء محله.
•
دليل الشافعية:
قالوا: إن من نزع الخف من قدم الخف إلى الساق، لم يبطل المسح؛ لأنه لم تظهر الرجل من الخف.
•
دليل من قال تبطل طهارته مطلقًا:
ذكرنا دليلهم في مسألة خلع الخف، فانكشاف بعض القدم، ولو كان من خرق يسير، حكمه حكم نزع الخف عندهم، وقد قدمنا دليل الحنابلة في إبطال طهارة من نزع خفه.
قال ابن حزم في مناقشة هذه الأقوال:
«أما من قال: إن الحكم يتعلق بأكثر القدم، فهم ليس لهم قول مطرد باعتبار الأكثر، فمرة الكثير أكثر من النصف، ومرة الثلث، ومرة الربع، ومرة شبرًا في شبر، ومرة أكثر من قدر الدرهم، وهذا لا دليل عليه من قرآن، ولا سنة، ولا قياس، ولا قول صاحب، ولا رأي مطرد.
وأما فرق مالك رحمه الله بين إخراج العقب إلى موضع الساق، فلاينتقض المسح، وبين إخراج القدم كلها إلى موضع الساق فينتقض المسح، فتحكم أيضًا لا
يجوز القول به، ولا يوجبه قرآن ولا سنة صحيحة، ولا رأي مطرد؛ لأنه يرى أن بقاء العقب في الوضوء لا يطهر، وأن فاعل ذلك لا وضوء له، فإن كان المسح قد انتقض عن الرجل بخروجها عن موضع القدم، فلا بد من انتقاض المسح عن العقب بخروجها عن موضعها إلى موضع الساق، لا يجوز غير ذلك، وإن كان المسح لا ينتقض عن العقب بخروجها إلى موضع الساق؛ فإنه لا ينتقض أيضًا بخروج القدم إلى موضع الساق، كما قال الشافعي.
وأما تفريقهم جميعهم بين المسح على الخفين، ثم يخلعان فينتقض المسح، ويلزمه إتمام الوضوء، وبين الوضوء ثم يجز الشعر، وتقص الأظفار فلا ينتقض الغسل عن مقص الأظفار، ولا المسح على الرأس ففرق فاسد ظاهر التناقض، ولو عكس إنسان هذا القول، فأوجب مسح الرأس على من حلق شعره، ومس مجز الأظفار بالماء، ولم ير المسح على من خلع خفيه لما كان بينهما فرق.
وما وجدنا لهم في ذلك متعلقًا أصلًا إلا أن بعضهم قال: وجدنا مسح الرأس وغسل القدمين في الوضوء إنما قصد به الرأس لا الشعر، وإنما قصد به الأصابع لا الأظفار، فلما جز الشعر وقطعت الأظفار بقي الوضوء بحسبه، وأما المسح فإنما قصد به الخفان، لا الرجلان، فما نزعت بقيت الرجلان لم توضآ، فهو يصلي برجلين لا مغسولتين ولا ممسوح عليهما، فهو ناقص الوضوء.
قال ابن حزم: وهذا لا شيء؛ لأنه باطل وتحكم بالباطل، فلو عكس عليه قوله، فقيل له: بل المسح على الرأس وغسل الأظفار إنما قصد به الشعر والأظفار فقط، بدليل أنه لو كان على الشعر حناء، وعلى الأظفار كذلك لم يجز الوضوء، وأما الخفان فالمقصود بالمسح القدمان لا الخفان؛ لأن الخفين لولا القدمان لم يجز المسح عليهما، فصح أن حكم القدمين الغسل، وإن كانتا مكشوفتين، والمسح إن كانتا في خفين، لما كان بين القولين فرق.
ثم يقال لهم: هبكم أن الأمر كما قلتم في أن المقصود بالمسح الخفان، وبالمسح في الوضوء الرأس، وبغسل اليدين للأصابع لا للأظفار، فكان ماذا؟
أو من أين أوجب مِنْ هذا أن يعاد المسح بخلع الخفين، ولا يعاد بحلق الشعر؟
قال علي: فظهر فساد هذا القول.
وأما قولهم: إنه يصلي بقدمين لا مغسولتين، ولا ممسوح عليهما فباطل، بل ما يصلي إلا على قدمين ممسوح على خفين عليهما. فبطل هذا القول كما بينا .... » إلخ كلامه رحمه الله
(1)
.
فالراجح: أن خلع الخفين أو بعضهما، أو بعض الخف ليس بحدث، ولا تنتقض الطهارة، ولكن لا يمسح عليهما إذا أعاد لبسهما إلا على طهارة مائية، فالرسول صلى الله عليه وسلم أذن أن يبقى الخف على القدم إذا لبس على طهارة مائية ليمسح يومًا وليلة، وخلعها ليس حدثًا ناقضًا للطهارة، لكنه ينهي مدة المسح فيما يستقبل، ولو كانت إعادة لبسه ممكنة ليمسح على طهارة ممسوح عليها لم يكن للتوقيت فائدة، فتذهب الحكمة من التوقيت، لكن إذا اشترطنا إعادة الخف بطهارة مائية كما لبس في الطهارة الأولى، لم نتحايل على إسقاط التوقيت، والله أعلم بالصواب.
* * *
(1)
المحلى (1/ 340، 341).