الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني:
كيف يظن بالصحابة رضي الله عنهم بأنهم تركوا ظاهر القرآن، وخالفوه بالمسح على الجوربين.
قال ابن القيم: «الذين سمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفوا تأويله، مسحوا على الجوربين، وهم أعلم الأمة بظاهر القرآن، ومراد الله منه»
(1)
.
الوجه الثالث:
إذا كان ظاهر القرآن لا ينافي المسح على الخفين، فكذلك لا ينافي المسح على الجوربين.
الوجه الرابع:
أن الحكمة التي شرع من أجلها المسح على الخفين موجودة في المسح على الجورب.
الدليل الثاني:
المسح على الجوربين لا يثبت إلا بعد أن يثبت أن الجوربين اللذين مسح عليهما النبي صلى الله عليه وسلم كانا من صوف، ولم يثبت هذا قط، وإنما قلنا بجواز المسح على الجوربين إذا كانا مجلدين لأنهما في معنى الخف، والخف لا يكون إلا من أديم، نعم لو كان الحديث قوليًا، بأن قال النبي صلى الله عليه وسلم: امسحوا على الجوربين، لكان يمكن الاستدلال بعمومه على كل أنواع الجوارب.
فإن قلت: ويحتمل أن يكون الجوربان اللذان مسح عليهما النبي صلى الله عليه وسلم من صوف.
قيل: الاحتمال وارد، لكن الأحكام لا تثبت بالاحتمالات، والأصل الغسل، والاحتياط للعبادة أن نقصر المسح على الخف أو على جوارب مجلدة أو منعلة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
(1)
تهذيب السنن (1/ 123).
• وأجيب بأكثر من وجه:
الوجه الأول:
قال المباركفوري: «هذا القول لا يثبت إلا بعد أن يثبت أن الجوربين اللذين مسح عليهما النبي صلى الله عليه وسلم كانا مجلدين، ولم يثبت هذا قط» .
الوجه الثاني:
أن العام والمطلق يعمل به على عمومه وعلى إطلاقه، ولو كان الحكم يختلف بين ما كان مجلدًا أو غير مجلد، لبين هذا الصحابة رضوان الله عليهم وهم ينقلون لنا جواز المسح على الجوربين، ولو كان الحكم يختلف لجاء نهي من الشرع أو من الصحابة عن المسح على الجورب إذا كان من صوف، أو قطن.
الوجه الثالث:
الأصل في الجورب ما عرفه أهل اللغة وأهل الفقه، وليس فيها ما يدل على أن الجوارب فيها ما هو منعل أو مجلد، بحيث يمكن أن يدعى أن الجوارب التي مسح عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانت منعلة أو مجلدة.
ففي كتب اللغة، عرفت الجورب بأنه لفافة الرجل
(1)
.
ونقل صاحب تاج العروس عن أبي بكر بن العربي قوله: الجورب غشاءان للقدم من صوف، يتخذ للدفء
(2)
.
وقال خليل في التوضيح: «الجوارب ما كان على شكل الخف، من كتان أو صوف أو غير ذلك»
(3)
.
(1)
انظر القاموس المحيط (ص: 67)، تاج العروس (2/ 155)، المحكم والمحيط الأعظم (7/ 404).
(2)
تاج العروس (2/ 156).
(3)
التوضيح (1/ 221).