الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الخامس
في اشتراط إمكان متابعة المشي على الخف
(1)
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• شروط العبادة متلقاة من الشارع، ومبناها على التوقيف.
• شروط العبادة صفات فيها، وصفات العبادة كالعبادة لا تثبت إلا بدليل.
• الأصل في شروط العبادة كالأصل في العبادة نفسها المنع والحضر إلا بدليل.
• أكثر شروط المسح على الخفين هي من استحسان الفقهاء لا دليل عليها.
(1)
قد أغفله كتاب زاد المستقنع، وهو متن حنبلي، يدرسه الشيوخ عندنا، فهل أغفله اكتفاء بقوله:«يثبت بنفسه» باعبتارهما بمعنى واحد، فإن كان كذلك فالذي يظهر لي أنهما شرطان، وليسا شرطًا واحدًا، كما فعل ذلك ابن تيمية في شرح العمدة (1/ 250): فذكر شرط المسح على الخفين قائلًا: «أحدها: أن يستر محل الفرض، وهو القدم إلى ما فوق الكعبين.
الثاني: أن يثبت في القدم بنفسه.
الثالث: أن يمكن متابعة المشي فيه». ففرق ابن تيمية رحمه الله بين الشرطين، ولم يجعلهما شرطًا واحدًا، وكذلك صنع صاحب كشاف القناع (1/ 115، 116)، والفروع (1/ 158)، وكذلك فرق بينهما من الحنفية صاحب مراقي الفلاح (ص: 53).
وهو الظاهر؛ لأن الشيء قد يثبت بنفسه، ولا يمكن متابعة المشي فيه لضيقه، وقد جعلهما بعض مشايخنا ممن شرح زاد المستقنع جعلهما شرطًا واحدًا، وفيه تأمل.
[م-234] يشترط في الخف حتى يمسح عليه أن يمكن متابعة المشي عليه، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، الحنابلة
(4)
.
وقيل: إن ذلك ليس بشرط، وهو وجه في مذهب الشافعية
(5)
.
واختلف القائلون بهذا الشرط، هل يقدر إمكان المشي فيه بمسافة معينة أم لا؟
فذهبت الحنفية إلى تقديره بفرسخ، فأكثر
(6)
.
وقالت المالكية: أن يمكن المشي فيه عادة
(7)
.
وقيل: بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال، وهو مذهب الشافعية
(8)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (1/ 263)، تبيين الحقائق (1/ 52)، مراقي الفلاح (ص: 53).
(2)
حاشية الخرشي (1/ 179، 180)، مواهب الجليل (1/ 320)، حاشية الدسوقي (1/ 143).
(3)
المجموع (1/ 522)، روضة الطالبين (1/ 126)، مغني المحتاج (1/ 66).
(4)
شرح العمدة (1/ 520)، كشاف القناع (1/ 116)، المبدع (1/ 145).
(5)
قال النووي في المجموع (1/ 528): «لو اتخذ خفًا واسعًا لا يثبت في الرجل إذا مشى فيه، أو ضيقًا جدًّا بحيث لا يمكن المشي فيه، فوجهان:
أصحهما: لا يجوز المسح عليه.
والثاني: يجوز؛ لأنه صالح في نفسه بدليل أنه يصلح لغيره، فأما الضيق الذي يتسع بالمشي فيجوز المسح عليه بلا خلاف». اهـ
(6)
انظر العزو إلى مذهب الحنفية.
(7)
الشرح الصغير (1/ 155).
(8)
اختلف كلام أصحاب المذهب الشافعي، فذكر النووي في روضة الطالبين (1/ 126):«بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال» .
وقال النووي في المجموع (1/ 523): «اتفق الأصحاب ونصوص الشافعي رضي الله عنه على أنه يشترط في الخف كونه قويًا يمكن متابعة المشي عليه، قالوا: ومعنى ذلك أن المشي يمكن عليه في مواضع النزول، وعند الحط والترحال، وفي الحوائج التي يتردد فيه في المنزل، وفي المقيم نحو ذلك كما جرت عادة لابسي الخفاف، ولا يشترط إمكان متابعة المشي فراسخ، هكذا صرح به أصحابنا» . اهـ
…
وقال في مغني المحتاج (1/ 66): «واختلف في قدر المدة المتردد فيها، فضبطه المحاملي بثلاث ليال فصاعدًا، ووافقه الأسنوي في التنقيح.
وقال في المهمات: إن المعتمد ما ضبطه به الشيخ أبو حامد بمسافة القصر تقريبًا.
وقال ابن النقيب: لو ضبط بمنازل ثلاثة أيام ولياليهن لم يبعد اهـ. ثم قال: والأقرب إلى كلام الأكثرين ما قاله ابن العماد: أن المعتبر التردد فيه بحوائج سفر يوم وليلة للمقيم ونحوه، وسفر ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر سفر قصر؛ لأنه عند انقضاء المدة يجب نزعه، فقوته تعتبر بأن يمكن التردد فيه لذلك
…
». إلخ كلامه رحمه الله.