الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: يجوز المسح على الجوربين إن كانا مجلدين، وهو مذهب المالكية
(1)
.
وقيل: لا يجوز المسح على الجوربين مطلقًا، وهو رواية عن مالك
(2)
.
والفرق بين المنعل والمجلد، أن المنعل ما جعل على أسفله جلدة، والمجلد ما جعل على أعلاه وأسفله.
وقيل: يجوز المسح على الجوربين وإن كانا يشفان القدمين، حكاه النووي قولًا لعمر، وعلي، وإسحاق، وداود
(3)
.
•
دليل القائلين بجواز المسح على الجوارب:
الدليل الأول:
(521 - 18) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل،
عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين
(4)
.
(1)
جاء في المدونة (1/ 143): «قال ابن القاسم: كان يقول مالك في الجوربين يكونان على الرجل، وأسفلهما جلد مخروز، وظاهرهما جلد مخروز، أنه يمسح عليهما. قال: ثم رجع، فقال: لا يمسح عليهما» . وانظر الشرح الصغير (1/ 153)، حاشية الدسوقي (1/ 141)، والخرشي (1/ 177).
(2)
انظر ما نقلته من المدونة من رواية ابن القاسم عن مالك (1/ 143)، وانظر التمهيد (11/ 157).
(3)
قال النووي في المجموع (1/ 527): «وحكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جميعًا جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقًا، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود» . اهـ
(4)
المسند (2/ 252)، ومن طريق أحمد أخرجه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 215).
[رجاله ثقات إلا أبا قيس فإنه صدوق، والحديث معلول]
(1)
.
(1)
الحديث رواه وكيع كما في مسند أحمد (2/ 252)، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 188)، وكتاب التمييز لمسلم (2/ 202)، وسنن أبي داود (159) والترمذي (99)، والنسائي في الكبرى (130)، وابن ماجه (559)، والطبراني في الكبير (20/ 415)، وابن خزيمة (198).
وزيد بن حباب كما في صحيح ابن خزيمة (189)، وصحيح ابن حبان (189)، كلاهما (وكيع وزيد بن الحباب) عن سفيان الثوري، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة بالمسح على الجوربين والنعلين.
ورواه الضحاك بن مخلد (أبو عاصم)، واختلف على أبي عاصم في لفظه:
فرواه ابن خزيمة (198) من طريق بندار ومحمد بن الوليد، قالا: حدثنا أبو عاصم،
أخبرنا سفيان به، بدون ذكر النعلين.
ورواه أبو مسلم الكشي، عن أبي عاصم به كما في معجم الطبراني الكبير (20/ 414) رقم 995 بذكر ومسح على الخفين، ولم يذكر الجوربين ولا النعلين.
ورواه الطبراني في الأوسط (2645) بالإسناد نفسه بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه، فلم يذكر الخفين ولا النعلين.
ورواه عبد بن حميد كما في المنتخب من مسنده (398)،
وأبو بكرة وابن مرزوق كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 97).
وعلي بن الحسن بن أبي عيسى الدرابجردي، ومحمد بن أحمد بن أنس كما في سنن البيهقي (1/ 283).
خمستهم عن أبي عاصم، عن سفيان به. بذكر النعلين والجوربين كما هي رواية وكيع وزيد بن الحباب، وهذه هي الأرجح.
وأخرجه الطبراني (20/ 415) رقم 996 من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، حدثني أبي وعبد الله بن المبارك ووكيع وزيد بن الحباب، عن سفيان به.
وأنفرد يحيى بن عبد الحميد الحماني برواية هذا الحديث عن أبيه وعن عبد الله بن المبارك، وهو حافظ إلا أنه متهم بسرقة الحديث.
وقد روى أصحاب المغيرة حديثه عنه بالمسح على الخفين، لا يذكر أحد منهم الجوربين أو النعلين، ورواه هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بالمسح على الجوربين والنعلين، تفرد به عن هزيل أبو قيس.
وأكثر العلماء المتقدمين على تضعيفه خلافًا للمتأخرين.
فأعله عبد الرحمن بن مهدي كما في سنن أبي داود (159)، وسنن البيهقي (1/ 284). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وساق البيهقي بسنده عن أحمد بن حنبل أنه قال: ليس يروي هذا إلا من حديث أبي قيس، وقال: إن عبد الرحمن بن مهدي أبى أن يحدث به، يقول: هو منكر.
حتى الثوري الذي انفرد برواية الحديث عن أبي قيس قد ضعفه أيضًا، فقد ذكر البيهقي بسنده عن عبد الرحمن بن مهدي (1/ 284): قال: قلت لسفيان: لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هزيل ما قبلته منك، فقال سفيان: الحديث ضعيف أو واه، أو كلمة نحوها. اهـ
وساق البيهقي أيضًا بسنده، عن علي بن المديني أنه قال: حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة إلا أنه قال: ومسح على الجوربين، وخالف الناس. فجعل المخالفة من هزيل بن شرحبيل، والأئمة يجعلون المخالفة من أبي قيس، كما تقدم ذلك عن الإمام أحمد.
وروى البيهقي من طريق المفضل بن غسان، قال: سألت أبا زكريا -يعني يحيى بن معين- عن هذا الحديث؟ فقال: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس.
وقال النسائي كما في السنن الكبرى (130): ما نعلم أن أحدًا تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين.
وقال العقيلي: الرواية في الجوربين فيها لين. الضعفاء الكبير (2/ 327).
وقال الدارقطني: في هذا الحديث لم يروه غير أبي قيس، وهو مما يغمز عليه به؛ لأن المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين. العلل (7/ 112).
وقد ذكر مسلم في كتاب التمييز (ص: 202) عشرة رواة بل أكثر في مقدمتهم مسروق وأبناء المغيرة حمزة وعروة رووه عن المغيرة ولم يذكروا ما ذكره أبو قيس، ثم قال مسلم: فكل هؤلاء قد اتفقوا على خلاف رواية أبي قيس، عن هزيل
…
والحمل فيه على أبي قيس أشبه، وبه أولى منه بهزيل؛ لأن أبا قيس قد استنكر أهل العلم من روايته أخبارًا غير هذا الخبر
…
».
فهذا سفيان الثوري وابن مهدي وأحمد وابن معين وعلي بن المديني، ومسلم، والنسائي، والعقيلي، والدارقطني تسعة أئمة من أئمة العلل أعلوه وقدحوا فيه، فكيف ينهض وقد جرحه هؤلاء؟
ولم يخرجه البخاري مع أنه على شرطه، فيظهر أنه تركه لعلة المخالفة.
وقال النووي بعد أن نقل عن بعض الأئمة المتقدم ذكرهم تضعيفه، قال في المجموع (1/ 500): «وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث، وإن كان الترمذي قال: حديث حسن (صحيح) فهؤلاء مقدمون عليه، بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد مقدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة
…
إلخ»
وصحح الحديث بعضهم:
قال الترمذي: حديث حسن صحيح. السنن (99). =
وعلى فرض صحة الحديث إنما مسح جوربين منعلين، وليس معناه أنه مسح على جوربين مرة، ومرة مسح على نعلين، فالحديث حكاية لفعل واحد.
• وأجيب:
بأنه مع ضعف الحديث فإن ذلك لا يكفي لمنع المسح على الجوربين؛ لأن هناك أدلةً أخرى أصح من هذا الحديث تكفي في الدلالة.
= وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (198) وابن حبان في صحيحه (1338).
وأومأ ابن دقيق العيد إلى تصحيحه، فقال كما في نصب الراية (185):«ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس على كونه ليس مخالفًا لرواية الجمهور مخالفة معارضة، بل هو أمر زائد على ما رووه، ولا يعارضه، ولا سيما وهو طريق مستقل برواية أبي هزيل، عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها» . اهـ
وقال نحوه ابن التركماني في الجوهر النقي (1/ 284).
وقال أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي (1/ 168): «وليس الأمر كما قال هؤلاء الأئمة، والصواب صنيع الترمذي في تصحيح هذا الحديث، وهو حديث آخر غير حديث المسح على الخفين، وقد روى الناس عن المغيرة أحاديث المسح في الوضوء، فمنهم من روى المسح على الخفين، ومنهم من روى المسح على العمامة، ومنهم من روى المسح على الجوربين، وليس في شيء منها بمخالف للآخر، إذ هي أحاديث متعددة، وروايات على حوادث مختلفة، والمغيرة صحب النبي صلى الله عليه وسلم نحو خمس سنين، فمن المعقول أن يشهد من النبي صلى الله عليه وسلم وقائع متعددة في وضوئه ويحكيها، فيسمع بعض الرواة منه شيئًا، ويسمع غيره شيئًا آخر، وهذا واضح بديهي.
وقال أيضًا في مقدمته لرسالة جمال الدين القاسمي: «العلماء جمعوا بين الأحاديث التي صحت في صفة صلاة الكسوف على أوجه متعددة، بأن هذا اختلاف وقائع، لا اختلاف رواية، مع علمهم بأن وقوع الخسوف والكسوف قليل، فأولى أن يحمل بذلك في صفة الوضوء الذي يتكرر كل يوم مرارًا» . اهـ كلام أحمد شاكر.
ولو كان مثل هذا التفرد نقله إمام من الأئمة الحفاظ كالزهري أو مالك لقبل كلام المتأخرين بأنه طريق مستقل، أما وقد انفرد به رجل غاية ما يقال عنه: إنه صدوق في حفظه شيء، فلا يحسن هذا الكلام. وعلى كل حال فهذا كلام المتقدمين، واعتراض المتأخرين، والمرجع في العلل إلى أهله وصيارفته، وكيف يظن بأن هؤلاء الجبال يجهلون أن هذا الطريق طريق آخر مستقل، فالصحيح كلام أهل العلل، وكيف ينهض وقد أعله هؤلاء الأئمة.