الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن لبس الخف بقصد المسح
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• المسح ليس بدلًا عن الغسل، وإنما الواجب في الوضوء أحد أمرين: إما الغسل وإما المسح.
• كل غرض مباح في الشريعة، لا يكون قصده طريقًا إلى إسقاط واجب، أو فعل محرم لا يكون قصده مؤثرًا في الحكم، فالرجل إنما يلبس الخف ليمسح عليه، ولا يسافر الرجل ليفطر، نعم يتنزل الخلاف لو لبس الخف، وهو مُحْرِم من أجل أن يمسح، فهل له المسح، والقصد محرم؟
[م-228] اختلف العلماء في من لبس الخفين من أجل أن يمسح عليهما،
فقيل: يجوز أن يلبس من أجل أن يمسح، وهو مذهب الحنفية
(1)
، وقول في مذهب المالكية
(2)
، واختاره ابن حزم
(3)
، وهو الراجح.
(1)
قال في المبسوط (1/ 104): «إذا أراد أن يبول -يعني المتطهر- فلبس خفيه، ثم بال، فله أن يمسح على خفيه، ثم قال: ولما سئل أبو حنيفة رحمه الله عن هذا، قال: لا يفعله إلا فقيه» . اهـ وانظر بدائع الصنائع (1/ 10).
(2)
مواهب الجليل (1/ 322)، التاج والإكليل (1/ 471).
(3)
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى (1/ 341): «ومن تعمد لباس الخفين على طهارة ليمسح عليهما، أو خضب رجليه، أو حمل عليهما دواء، ثم لبسهما ليمسح على ذلك، أو خضب رأسه، أو حمل عليه دواء ثم لبس العمامة أو الخمار ليمسح على ذلك، فقد أحسن» .
وقيل: إن لبس من أجل أن يمسح فلا يجوز له المسح، وهو المعتمد في مذهب المالكية
(1)
.
وقيل: يكره له المسح، وهو قول في مذهب المالكية
(2)
.
وقيل: لا يستحب له أن يمسح، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
(1)
جاء في المدونة (1/ 41): عن ابن القاسم، أنه سأل مالكًا عن رجل على وضوء، فأراد أن ينام، فقال: ألبس خفي حتى إذا أحدثت، مسحت عليه، فقال له مالك: هذا لا خير فيه. وسأل مالكًا أيضًا عن المرأة تخضب رجليها بالحناء، وهي على وضوء، فتلبس خفيها لتمسح عليهما إذا أحدثت، أو نامت، أو انتقض وضوؤها. قال: لا يعجبني. اهـ
هذا نص مالك، فحمل بعض أصحابه عبارته على المنع، وعليه قالوا: إن لبس من أجل أن يمسح، فمسح أعاد أبدًا. قال الحطاب في مواهب الجليل (1/ 322)، والخرشي في شرح خليل (1/ 181): وهو المشهور. وقال الدردير في الشرح الكبير (1/ 144): وهو المعتمد. وقال الباجي في المنتقى شرح الموطأ (1/ 80): «وأما من لبسهما ليمسح عليهما، فالمشهور من المذهب أنه لا يجزئ» .
بل إن المالكية ذهبوا إلى أبعد من هذا، فاشترطوا عدم الترفه بلبسه، قال في الشرح الصغير في ذكره شروط المسح على الخفين (1/ 156):«الرابع: ألا يكون مترفهًا بلبسه، كمن لبسه لخوف على حناء برجليه، أو لمجرد النوم به، أو لكونه حالمًا، ولقصد مجرد المسح، أو لخوف برغوث، فلا يجوز له المسح عليه» .
ونص خليل عليه، فقال في مختصره (ص: 16): «بلا ترفه» .
(2)
انظر مواهب الجليل (1/ 322)، وذكر الباجي في المنتقى (1/ 80): أنه قول أصبغ.
(3)
ظاهر كلام الحنابلة أنه لا يستحب له، ونفي الاستحباب لا يدل على نفي الإباحة، وإن كان استدلالهم في قولهم: كالسفر ليترخص يقتضي المنع؛ لأنه إذا كان لا يجوز للمسافر أن يسافر ليفطر، ولو سافر من أجل الفطر حرم عليه الفطر، فكان مقتضى استدلالهم أنه لا يجوز له أن يلبس ليمسح، ولكن الموجود في كتب الحنابلة نفي الاستحباب فقط، فليتأمل.
انظر الإنصاف (1/ 169)، الفروع (1/ 158). وقال في الفروع (2/ 57) قال صاحب المحرر:«أما من لا خف عليه، وأراد اللبس لغرض المسح خاصة، فلا يستحب له، كما لا يستحب إنشاء السفر لغرض الترخص، كذا قال» . اهـ