الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع إذا مسح الأعلى ثم خلعه
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الخفان هل هما بمنزلة الخف الواحد حتى إذا خلع الأعلى لم يؤثر ذلك على المسح وقد بقي الأسفل؟ أو هما خفان منفصلان، فإذا مسح الأعلى تعلق الحكم به، فإذا نزعه لم يصح أن يكون الأسفل بدلًا منه؛ لأن الأعلى إن كان بدلًا عن غسل القدم فقد خلع، وإن كان بدلًا عن الأسفل، فلا يصح أن يتحول الأسفل من مبدل إلى بدل عن البدل.
• الخف الأعلى والأسفل إنما يكونا بمنزلة الخف الواحد وكأن أحدهما ظهارة والآخر بطانة إذا لبس معًا فإن فَرَّق لبسهما لم يكونا في حكم الخف الواحد، فالظهارة والبطانة إنما تلبس وتخلع معًا.
[م-262] إذا مسح الخف الأعلى، ثم خلعه من رجليه أو من أحدهما، فهل يمسح الخف الأسفل أم لا؟ فيه خلاف:
فقيل: يكفي أن يعيد المسح على الخف الأسفل، ولا يجب عليه خلع الأسفل ولا استئناف الوضوء، ويكمل ما بقي له من مدة المسح.
وهذا مذهب الحنفية
(1)
، ومذهب المالكية إلا أن المالكية اشترطوا أن يكون مسح الأسفل في الحال؛ فإن تأخر في المسح استأنف الوضوء لأن الموالاة عندهم شرط خلافًا للحنفية
(2)
.
• وجه هذا القول:
أن الحنفية والمالكية نزلوا الخفين الأسفلين منزلة الرجلين مع الخفين، لهذا لو كان عليه خف واحد، ونزعه، وجب عندهما غسل القدم لبقاء الطهارة، فإذا كان عليه خفان، ونزع الأعلى، فالممسوح قد زال، لهذا وجب عليه مسح الأسفل لبقاء الطهارة.
وسوف نناقش في مسألة مستقلة إن شاء الله تعالى حكم الطهارة إذا خلع الخف.
وللشافعية في هذه المسألة ثلاثة وجوه لاختلاف قولهم في معنى الخف الأعلى وزاد الحنابلة وجهًا رابعًا
(3)
.
فالأصح والأظهر عند الشافعية: أن الخف الأعلى بدل عن الأسفل، والأسفل بدل الغسل، وعلى هذا فلا يلزمه نزع الأسفل، ولكن هل يكفيه مسح الخفين أم يجب أن يستأنف الوضوء دون نزع الأسفل، فيه القولان في نازع الخفين.
الوجه الثاني:
أن الخف الأسفل بمنزلة اللفافة، والأعلى هو الخف، فإذا نزع الأعلى، وجب
(1)
المبسوط (1/ 103)، حاشية ابن عابدين (1/ 452).
(2)
انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (1/ 103)، حاشية ابن عابدين (1/ 452)،
وانظر في مذهب المالكية: الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 27).
(3)
أصحها عند الشافعية أن الفوقاني بدل عن التحتاني، والتحتاني بدل عن القدم، والثاني: أن الفوقاني بدل عن الغسل، والتحتاني كلفافة، وقيل: هما كخف واحد أحدهما ظهارة، والآخر بطانة، وزاد الحنابلة، وهو أصحها عندهم أن الخف الفوقاني والتحتاني بدل مستقل عن الغسل. انظر روضة الطالبين (1/ 128)، المجموع (1/ 534، 535)، الشرح الكبير (1/ 163)، الإنصاف (1/ 192، 193)، كشاف القناع (1/ 118).
نزع الأسفل؛ وهو وجه في مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة؛ لأن المسح على اللفائف لا يجوز عندهما، وقد سبق الكلام على المسح على اللفائف، فأغنى عن الكلام على هذا الوجه.
الوجه الثالث:
أن الخف الأعلى بمنزلة الظهارة، والأسفل بمنزلة البطانة، وبناء عليه إذا خلع الأعلى فكما لو زالت الظهارة فعند الشافعية لا يجوز له المسح عليه، وعند الحنابلة يجوز كما لو تمزقت الظهارة
(1)
.
الوجه الرابع:
الصحيح من مذهب الحنابلة أن الخف الفوقاني والتحتاني بدل مستقل عن الغسل. وعليه إذا نزع الفوقاني وجب نزع التحاني.
(2)
.
• الراجح:
أن الخف الأعلى ليس بدلًا عن الخف الأسفل، وإنما يعتبر الخفان بمنزلة الخف الواحد وحتى يكونا كذلك فإنه يشترط لهما أن يلبسا معًا على طهارة مائية، كما أن الظهارة والبطانة تلبسا معًا على طهارة مائية، فإذا خلع الأعلى أكمل المدة مع الخف
(1)
قال النووي في روضة الطالبين (1/ 127): «فإن جوزنا المسح على الجرموق، فقد ذكر
ابن سريج فيه ثلاثة معان. أظهرها: أن الجرموق بدل عن الخف، والخف بدل عن الرجل. والثاني: الأسفل كلفافة، والأعلى هو الخف. والثالث: أنهما كخف واحد، فالأعلى ظهارة، والأسفل بطانة. وتتفرع على المعاني مسائل. منها: لو لبسهما معًا على طهارة، فأراد الاقتصار على مسح الأسفل، جاز على المعنى الأول دون الآخرين
…
». وانظر المجموع (1/ 534، 535)، الإنصاف (1/ 192، 193).
(2)
الإنصاف (1/ 192، 193).
الأسفل، ولا يلزمه مسح الأسفل، ولا استئناف الوضوء، ولا يصح له إعادة الأعلى بعد خلعه ليمسح عليه، أما إذا مسح على الأسفل فقد تعلق الحكم به، فلا يمسح الأعلى بطهارة المسح؛ لأن شرط المسح على الخف الأعلى هو شرط المسح على الخف الأسفل، وهو لبسه على طهارة مائية، والله أعلم.
* * *