الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: يتيمم، ولا يستعمل الماء؛ لأنه في الصورتين تمكن من غسل بعض الأعضاء دون بعض، واختاره أبو عبد الله الحناط
(1)
.
•
دليل القائلين بجواز المسح على الجبيرة:
الدليل الأول:
(670 - 167) ما رواه أبو داود من طريق الزبير بن خريق، عن عطاء،
عن جابر، قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب ـ شك موسى ـ على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده
(2)
.
[ضعيف، وزيادة ويعصر أو يعصب ثم يمسح عليها زيادة منكرة، تفرد بها الزبير بن خريق، والمعروف أن الحديث من رواية الأوزاعي بلغني عن عطاء عن ابن عباس، وليس فيها ذكر للمسح، ولا للتيمم]
(3)
.
(1)
انظر فتح العزيز (2/ 279، 281)، المجموع (2/ 369).
(2)
سنن أبي داود (336).
(3)
في إسناده الزبير بن خريق.
ذكره ابن أبي حاتم، وسكت عليه. الجرح والتعديل (3/ 580).
ونسب الحافظ ابن حجر إلى أبي داود أنه قال في سننه: ليس بالقوي. تهذيب التهذيب (3/ 271). ولم أقف عليه في المطبوع، فلعله نسخة.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي. المرجع السابق، والكاشف (1619).
وذكره ابن حبان في الثقات. (4/ 262)، وفي التقريب: لين الحديث.
والحديث: قد أخرجه أبو داود (336)، والدارقطني (1/ 189، 190) والبيهقي (1/ 227)، من طريق الزبير بن خريق به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= واختلف على عطاء فيه: فرواه الزبير بن خريق، عن عطاء، عن جابر كما سلف.
ورواه الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، وليس فيه ذكر التيمم ولا المسح على الجبيرة، فتكون زيادة الجمع بين التيمم والمسح على الجبيرة زيادة منكرة، إلا أنه قد اختلف فيه على الأوزاعي سندًا ومتنًا:
فروي عن الأوزاعي، بلغني عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا (قتلوه قتلهم الله إنما شفاء العي السؤال)
رواه بهذا محمد بن شعيب كما في سنن أبي داود (337).
ويحيى بن عبد الله كما في سنن الدارقطني (1/ 192).
وتابعهم على ذلك أبو مغيرة كما في مسند أحمد (1/ 330) والدارمي (752) والدارقطني (1/ 192)
والوليد بن مزيد، كما في سنن الدارقطني (1/ 192)، والبيهقي (1/ 227) إلا أن أبا مغيرة والوليد بن مزيد زادا في آخره، قال عطاء: فبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه يعني الجرح.
فالقدر المرفوع منقطع بين الأوزاعي وعطاء، وليس فيه إلا قوله: إنما شفاء العي السؤال. ولم يذكر مسحًا ولا تيممًا.
والمرسل منه ذكر غسل الصحيح، وسقوط الغسل عن موضع الجراحة بلا بدل، ومرسل عطاء من أضعف المراسيل. والموصول والمرسل ليس فيه المسح ولا التيمم فضلًا عن الجمع بينهما.
وهذه الزيادة المرسلة عن عطاء قد اختلفوا في ذكرها.
فرواه عبد الرزاق في المصنف (867) ومن طريقه الدارقطني (1/ 191) فقال: عن الأوزاعي، عن رجل، عن عطاء، بنحو الرواية السابقة، وذكر الزيادة المرسلة عن عطاء.
وفي هذا موافقة لرواية أبي المغيرة ومحمد بن شعيب، ويحيى بن عبد الله والوليد بن مزيد في الإسناد حيث رواه عن عطاء عن رجل، عن ابن عباس.
وكذلك موافقة له في المتن حيث روى القدر المرفوع بالاقتصار على قوله: ألم يكن شفاء العي السؤال بدون ذكر التيمم ولا المسح، والمرسل على الاقتصار على غسل الصحيح، وترك موضع الجرح.
وأخرجه الطبراني (11472) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن الأوزاعي، سمعته منه، أو أخبرته عن عطاء به، وقال في آخره:(ألا يمموه)، ولم يذكر مرسل عطاء، وهذا لا يكون إلا من قبل الطبراني؛ لأن مصنف عبد الرزاق هو من رواية الدبري.
وقال بعضهم، عن الأوزاعي، عن عطاء:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الدارقطني (1/ 191) من طريق أيوب بن سويد،
وأخرجه أبو يعلى (2420)، والدارقطني (1/ 190)، والحاكم (1/ 178) من طريق الهقل بن زياد، كلهم عن الأوزاعي قال: قال: قال عطاء: قال ابن عباس، بلفظ: إنما شفاء العي السؤال، ثم ذكرا مرسل عطاء بغسل جسده وترك رأسه حيث أصابته الجراحة.
ورواه أبو نعيم في الحلية (3/ 317، 318) من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي به، دون ذكر مرسل عطاء.
وهذه الروايات لا تعارض من رواه عن الأوزاعي، قال: بلغني عن عطاء، وذلك لأن الأوزاعي لم يصرح بالتحديث فيها.
وقد أخرجه الحاكم (1/ 178) من طريق بشر بن بكر، حدثني الأوزاعي، حدثنا عطاء بن أبي رباح أنه سمع عبد الله بن عباس، وساق في آخره مرسل عطاء.
وضعف الحاكم رواية بشر، حيث قال: وقد رواه الهقل بن زياد، وهو من أثبت أصحاب الأوزاعي، ولم يذكر سماع الأوزاعي عن عطاء.
قلت: قد جاء في التهذيب: قال مسلمة بن صلة، عن بشر بن بكر: روى عن الأوزاعي أشياء انفرد بها، وهو لا بأس به إن شاء الله اهـ.
فالتصريح بالتحديث في روايته شاذة، فالراجح في رواية الأوزاعي أنها منقطعة.
وقد رواه عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، واختلف على عبدالحميد فيه:
فجاء في العلل لابن أبي حاتم (1/ 37) عن أبي حاتم وأبي زرعة قالا: روى هذا الحديث ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس، وأفسد الحديث. اهـ
فقولهما: (وأفسد الحديث): أي في بيان الواسطة بين الأوزاعي وعطاء حيث اتضح أنه رجل ضعيف، وهو إسماعيل بن مسلم المكي.
وقد رواه ابن ماجه (572) حدثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، حدثنا الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح به، ولم يذكر إسماعيل بن مسلم بنفس رواية الجماعة عن الأوزاعي حيث اقتصر المرفوع على قوله: ألم يكن شفاء العي السؤال، ومرسل عطاء على غسل جسده، وترك رأسه حيث أصابه الجراح.
فطريق الأوزاعي وإن كان ضعيفًا لانقطاعه إلا أن ذكر التيمم في القدر المرفوع انفرد به عبد الرزاق عن الأوزاعي وهو في المصنف بدون ذكر هذه اللفظة. والمرسل ليس فيه ذكر للمسح ولا للتيمم، وإنما فيه غسل الجسد وترك موضع الجرح، ولا حجة في مراسيل عطاء.
وقد رواه الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، عن عطاء وزاد فيه ذكر التيمم.
رواه ابن الجارود في المنتقى (128) وابن خزيمة (273). وابن حبان (1314) من طريق حفص بن غياث، قال: أنبأني الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، أن عطاء حدثه عن ابن عباس =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رضي الله عنهما، أن رجلًا أجنب في شتاء، فسأل، فأمر بالغسل، فاغتسل، فمات، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لهم قتلوه، قتلهم الله ثلاثًا، قد جعل الله الصعيد أو التيمم طهورًا، شك ابن عباس، ثم أثبته بعد.
والوليد بن عبيد الله ضعفه الدارقطني، والبيهقي ووثقه يحيى بن معين، وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. انظر الجرح والتعديل (9/ 9)، ولسان الميزان (6/ 223)، وسيأتي تخريج طريقه مستقلًا إن شاء الله تعالى في أدلة القول الثاني.
وليس في هذا الطريق المسح على الجبيرة، فلا يكون فيه دليل للمسح على الجبيرة، وأما ذكر التيمم فيه فلو كان الوليد بن عبيد الله ثقة لم يعتبر ذكر التيمم محفوظًا من رواية عطاء، وقد رواه جمع منهم: هقل بن زياد، ومحمد بن شعيب، وعبد الحميد بن حبيب، وبشر بن بكر، ومحمد ابن كثير، وأبو المغيرة، وأيوب بن سويد، والوليد بن مزيد، ويحيى بن عبد الله، كلهم رووه عن الأوزاعي، عن عطاء أو بلغني عن عطاء، عن ابن عباس، وليس فيه ذكر للتيمم.
ورواه عبد الرزاق عن الأزاعي، تارة بمثل رواية الجماعة، بعدم ذكر التيمم، وهو المعروف، وانفرد الطبراني عن إسحاق الدبري، عن عبد الرزاق بذكر التيمم، وهذه الزيادة منكرة، لأن ذكر التيمم ليس معروفًا من رواية الأوزاعي. ومرسل عطاء ليس فيه ذكر لا للمسح، ولا للتيمم.
فتلخص من هذه الروايات ما يلي:
أولًا: الحديث من مسند جابر منكر، فالمعروف أن الحديث من مسند ابن عباس.
ثانيًا: المسح على الجبيرة بقوله: (يعصر أو يعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده .. ) زيادة منكرة، تفرد بها الزبير بن خريق، وقد خالف في إسناده ولفظه.
ثالثًا: هذا الحديث أعني حديث جابر، الذي استدلوا به، هم لا يقولون بدلالته، فإن الحديث جمع بين المسح والتيمم، وهم لا يرون مشروعية الجمع بينهما، بل يقولون: المشروع: هو المسح فقط.
رابعًا: أكثر الرواة عن الأوزاعي، عن عطاء لم يذكر فيها التيمم، والمعروف في إسناده الانقطاع، وزاد في آخره عطاء، بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسقاط الفرض عن موضع الجرح، ومرسالات عطاء لا حجة فيها.
ورواية الوليد بن عبيد الله ابن أبي رباح، عن عطاء، ذكر فيها التيمم، والوليد بن عبيد الله مختلف فيه.
وقد صح عن ابن عباس موقوفًا عليه ذكر التيمم، لكن من غير هذا الطريق، وسوف أذكر قول ابن عباس الموقوف عليه عند ذكر أدلة من يرى التيمم إن شاء الله تعالى.
خامسًا: أن حديث ابن عباس هو في الجراحات، وليس في الجبيرة، إلا أن تقاس الجبيرة على الجراحة، بجامع تعذر استعمال الماء فيهما، والله أعلم.