الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جدّي، عن الحسين، قال يحيي (وهو ابن أبي كثير): وأخبرني أبو سلمة، أنّ عروة بن الزّبير أخبره، أنَّ أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يسق مسلم لفظه، وإنما أحاله على حديث عثمان.
وأبو أيوب يرويه أيضًا عن أبي بن كعب الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرّجل الذي جامع امرأته ولم ينزل
…
إلخ الحديث.
فكان أبو أيوب يفتي بهذا بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم أيضًا؛ لأنّه لم يبلغه النّسخ.
وأمّا ما رواه ابن ماجه (607) وغيره بلفظ: "الماء من الماء" فإسناده ليس بذاك، فيه عبد الرحمن بن سُعاد، قال فيه البخاري: فيه نظر، ومع ذلك ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 93)، وقال الحافظ:"مقبول" يعني إذا توبع وإلا فلين الحديث.
• عن أبي سعيد الخُدري قال: خرجتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كُنّا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عِتْبان، فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعْجَلنا الرجلَ". فقال عِتْبانُ: يا رسول الله! أرأيت الرجلَ يُعْجَلُ عن امرأته ولم يُمْنِ، ما عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما الماء من الماء".
متفق عليه: رواه مسلم في الحيض (343) عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، ورواه أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد، ولم يذكر القصة، وإنما ذكر لفظ الحديث فقط، وهو:"إنما الماء من الماء". وفي رواية عنده وعند البخاري في الوضوء (180) عن الحكم، عن ذكوان، عن أبي سعيد الخدري، قال: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على رجل من الأنصار، فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر، فقال: لعلَّنا أعْجَلْناك؟ ، قال: نعم يا رسول الله! ، قال:"إذا أُعْجِلتَ أو أُقْحِطْت فلا غُسْلَ عليك، وعليك الوضوءُ". واللفظ لمسلم.
قوله: "أقحطْتَ" من القحط، وهو عدم المطر، يقال: أقحط الرجلُ إذا جامع ولم يُنزِل، وهو بمعنى الإكسال كما في حديث أُبِي بن كعب.
وقوله: "إنما الماءُ من الماء" الماءُ الأول: الماءُ المُطَهْر، والثاني: المني. فيه حجة لمن لم ير إيجاب الغُسل من التقاء الختانين، إلا أنه منسوخ بحديث عائشة وغيرها في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ومس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل". وسيأتي في الباب الذي يليه.
2 - باب ما يوجب الغسلَ ونسخ أنَّ الماء مِن الماءِ
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ثم جَهَدَها فقد وجب الغسلُ".
متفق عليه: رواه البخاري في الغسل (291) ومسلم في الحيض (348) كلاهما من حديث هشام الدستوائي، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة. وزاد مسلم من طريق مطر، عن الحسن: وإن لم يُنزِل".
وقوله: "الختانان" المراد بهذه التثنية ختان الرجل والمرأة، وختان المرأة هو قطع جليدة في أعلى فرجها تُشبه عرف الديك، بينها وبين مدخل الذكر جلدة رقيقة.
• عن أبي موسى قال: اختلف في ذلك رَهْطٌ من المهاجرين والأنصار، فقال الأنصار: لا يجب الغسل إلا من الدَّفْق أو من الماء، وقال المهاجرون: بل إذا خَالط فقد وجب الغُسْلُ. قال أبو موسى: فأنا أشْفيكم من ذلك، فقمتُ فاستأْذَنْتُ على عائشة، فأُذِن لي، فقلت لها: يا أُمّاه! - أو يا أمَّ المؤمنين! - إني أريد أن أسألكِ عن شيء، وإني أَستحْييكِ، فقالت: لا تَسْتَحْي أن تَسألني عما كنتَ سائلًا عنه أمَّك التي ولدتْك؛ فإنما أنا أمُّك. قلت: فما يُوجِب الغُسْلَ؟ قالت: على الخَبير سَقَطْتَ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جلس بين شُعَبِها الأرْبَع، ومَسَّ الختانُ الخِتانَ فقد وجب الغُسْلُ".
صحيح: رواه مسلم (344) من طرق عن هشام بن حسان، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة، عن أبي موسى فذكره. وجاء في آخر الإسناد: ولا أعلمه إلا عن أبي بردة.
فتردد في وصل إسناده. قال الدارقطني: صحيح غريب تفرد به هشام بن حسان، عن حميد. قلت: لعل البخاري أعرض عن إخراجه لهذا السبب.
وقوله: "إذا جلس بين شُعَبِها الأربع" قبل: هي اليدان والرجلان، وقيل: بين رِجلَيها وشَفَريها، وقيل: رجليها وفخذيها.
وقوله: "جهدها" من جهدتُه أجهدتُه، إذا أتْعَبتُه، والمراد: مباشرته إياها.
• عن عائشة قالت: أنَّ رجلًا سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يُجامع أهلَه ثم يُكْسِلُ، هل عليها الغُسْلُ؟ وعائشةُ جالسةٌ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إني لأفعلُ ذلك أنا وهذه، ثم نَغْتَسِلُ".
صحيح: رواه مسلم (350) من طريق جابر بن عبد الله، عن أمّ كلثوم، عن عائشة فذكرت مثله.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه، ثم نغتسل" فيه أنَّ فعله صلى الله عليه وسلم يدل على الوجوب، ولولا ذلك لما حصل جواب السائل. كذا قال النووي رحمه الله تعالى.
• عن عائشة قالت: إذا جاوز الختانُ الختانَ، فقد وجب الغسلُ، فعلتُه أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا.
صحيح: رواه الترمذي (108) وابن ماجه (608) كلاهما من طريق الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: أنبأنا عبد الرحمن بن القاسم، قال: أخبرنا القاسم بن محمد، عن عائشة فذكرت مثله. هكذا صرَّح الوليد بن مسلم بالتحديث إلى آخر الإسناد عند ابن ماجه. قال الترمذي: حسن صحيح.
قلت: وصححه أيضًا ابن حبان (2/ 356).
ورواه أيضًا الترمذي (109) عن هناد، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن علي بن يزيد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسلُ" وعلي بن يزيد بن جُدعان ضعيف. وحديث مسلم هو في معناه.
• عن حرام بن حكيم، عن عمِّه عبد الله بن سعد أنَّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّا يوجب الغسلَ، وعن الماء يكون بعد الماءِ، وعن الصلاة في بيتي، وعن الصلاة في المسجد، وعن مؤاكلة الحائض. فقال: إنَّ الله لا يستحيي من الحقِّ، أمَّا أنا فإذا فعلت كذا وكذا" فذكر الغسلَ، قال: "أتوضَّأُ وضوئي للصلاة، أغسل فرجي" ثمَّ ذكر الغسلَ.
وأمَّا الماء يكون بعد الماء فذلك المذيُ، وكلُّ فحلٍ يمذي، فأَغسل من ذلك فرجي، وأتوضَّأ. وأمَّا الصلاة في المسجد والصلاة في بيتي، فقد ترى ما أقرب بيتي من المسجد، ولأَن أُصلِّي في بيتي أحبُّ إليَّ من أن أصلِّي في المسجد إلا أن تكون صلاةً مكتوبةً. وأمَّا مؤاكلة الحائض فَوَاكلها".
حسن: رواه الإمام أحمد (19007) عن عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية، يعني ابن صالح، عن العلاء - يعني ابن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمِّه عبد الله بن سعد فذكر مثله.
وإسناده حسن؛ فإنَّ حرام بن حكيم وثَّقه الدارقطني، وابن حبان، وغيرهما، وضعَّفه ابن حزم وغيره، غير أنَّه حسن الحديث.
وقد وقع الخلاف في اسم أبيه، فيقال: هو حرام بن حكيم، وهو الصحيح، وقيل: حرام بن معاوية، فظنَّهما البخاري رجلين، والحقُّ أنَّهما اسمان لرجلٍ واحدٍ.
والحديث رواه الترمذي (133) وابن ماجه (151) وابن خزيمة في صحيحه (1202) كلُّهم من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بإسناده قطعة منه.
ورواه أبو داود (211، 212) من وجه آخر عن العلاء بن الحارث بإسناده، وفيه: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لك ما فوق الإزار" وذكر مؤاكلة الحائض أيضًا. وهذا الحديث يتكرَّرُ في مواضعَ - إن شاء الله -.
• عن أُبَي بن كعب قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جَعَلَ ذلك رخصةً للناس في أولِ الإسلام
لقلةِ الثياب، ثم أمر بالغُسْلِ، ونهى عن ذلك. قال أبو داود: يعني الماءَ من الماءِ.
صحيح: أخرجه أبو داود (214) من حديث عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب الزّهريّ، قال: حَدَّثَنِي بعض من أرضى، أنَّ سهل بن سعد الساعدي أخبره أنَّ أُبَي بن كعب أخبره، فذكر الحديث.
إسناده متصل غير أنَّ فيه رجلًا مُبْهمًا لم يُسمْ.
وقال ابن خزيمة (1/ 114): وهذا الرّجل الذي لم يسمه عمرو بن الحارث بشبه أن يكون أبا حازم سلمة بن دينار؛ لأنَّ مُبَشِّر بن إسماعيل روي هذا الخبر عن أبي غسان محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد.
وهذا الذي ذكره ابن خزيمة رواه أبو داود (215) قال: حَدَّثَنَا محمد بن مهران البزّار الرازيّ، حَدَّثَنَا مُبشِّر الحلبي به مثله.
قال البيهقيّ - بعد أن رواه من جهة أبي داود من طريق عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب قال: حَدَّثَنِي بعض من أرضى -: "وقد رُوِينا بإسناد آخر موصولًا صحيحًا عن سهل بن سعده. وهو ما رواه من حديث موسى بن هارون، ثنا محمد بن مهران الجمال، ومن طريق أبي داود، ثنا محمد بن مهران الرازيّ، ثنا مُبشِّر الحلبيّ، عن محمد أبي غسان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: حَدَّثَنِي أُبَي بن كعب، أنَّ الفُتيا التي كانوا يفتون أنَّ الماء من الماء كانتْ رخصةً رخَّصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بَعدُ.
وفي حديث موسى بن هارون: ثم أُمِرنا بالاغتسال بعد.
"السنن الكبري"(1/ 165 - 166).
قلت: ورجال هذا الإسناد ثقات غير مُبشِّر بن إسماعيل الحلبي؛ فهو صدوق.
فيحتمل أن يكون الزهري سمعه عن أبي حازم، ثم تردد أو شك في اسمه فقال: حَدَّثَنِي من أرضى، ثم تيسر له أن يسمع من سهل نفسه؛ فقد روي يونس عن الزهري أنه قال: حَدَّثَنِي سهل، وفي رواية قال: قال سهل بن سعد الساعديّ، أنبأنا أُبَي بن كعب، فذكر الحديث.
وهذا الأخير أخرجه ابن ماجة (609) قال: عن محمد بن بشار، ثنا عثمان بن عمر، أنبأنا يونس به.
وأخرجه الترمذيّ (110) حَدَّثَنَا أحمد بن منيع، حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك، أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزّهريّ، عن سهل بن سعد، فذكر مثله. قال الترمذيّ: وأخبرنا معمر، عن الزهري بهذا الإسناد مثله. وقال:"حديث حسن صحيح".
فقد روي يونس بن يزيد ومعمر، عن الزّهريّ، عن سهل بن سعد بدون واسطة بينهما. وفي جميع الحالات يكون الإسناد صحيحًا.
وبهذا ثبت نسخ حديث "الماء من الماء" قال الترمذيّ: إنّما كان الماءُ من الماء في أول