الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بطنه، وفتح أصابع رجليه، ثم ثَنَى رجله اليسرى، وقعد عليها، واعتدل حتى رجع كل عظم في موضعه، ثم هوى ساجدًّا وقال: الله أكبر، ثم ثنى رجله، وقعد عليها حتى يرجع كل عضو إلى موضعه، ثم نهض، فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك".
ورواه أيضًا الترمذي (304) عن محمد بن بشار ومحمد بن المثنَّى قالا: حدثنا يحيى بن سعيد القطان فذكر صفة صلاة النبي! صلى الله عليه وسلم، والشاهد مثله.
وقوله: فتخ - بالخاء المعجمة - أي فتح أصابع رجليه: أي نصبها وغمز موضع المفاصل منها، وثناها إلى باطن الرجل، وأصل الفتخ: اللين، وفيه يقال للعقاب: فتخاء، لأنها إذا انحطت كسرت جناحيها" كذا في النهاية.
وأما ما جاء في بعض الروايات: فتح - بالحاء المهملة، فيرى بعض أهل العلم أنه تصحيف، وإن كان معناه قريب منه.
18 - باب القعود على العقبين بين السجدتين وهو الإقعاء المباح
• عن أبي الزبير أنه سمع طاوسًا يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ فقال: هي السنَّة، فقلنا له: إنا لنراه جفاءً بالرجُلِ فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
صحيح: أخرجه مسلم في المساجد (536) عن إسحاق بن إبراهيم، أنبا محمد بن بكر، أنبأ ابن جريج، أخبرني أبو الزبير فذكر الحديث.
اختلف أهل العلم في حكم الإقعاء وتفسيره؛ فإن كان تفسيره أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهو المراد به في حديث ابن عباس فهو مستحبة عند الشافعي، وبه قال أكثر أهل الحديث.
وقد ثبت ذلك عن العبادلة، قال الأعمش، عن عطية: رأيتُ العبادلة يقعون في الصلاة بين السجدتين، يعني عبد الله بن الزبير، وابن عمر، وابن عباس. رواه ابن أبي شيبة (1/ 285، 286) عن أبي معاوية، عن الأعمش. وكذلك رواه أيضًا طاوس، قال معاوية بن خديج: رأيتُ طاوسًا يقعي، فقلتُ: رأيتك تقعي؟ فقال: ما رأيتني أقعي، ولكنها الصلاة. رأيت العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك؟ عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، رواه البيهقي (2/ 119) من طريق سفيان، ثنا أبو زهير معاوية بن خليج فذكر مثله.
قال البيهقي: فهذا الإقعاء المرخص فيه، أو المسنون على ما روينا عن ابن عباس وابن عمر، وهو أن بضع أطراف أصابع رجليه على الأرض، ويضع ألْيتيه على عقبيه، ويضع ركبتيه على الأرض".
قال الترمذي (283) بعد ما روى حديث ابن عباس: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون بأسًا بالإقعاء. وهو قول بعض أهل مكة من أهل العلم
والفقه". انتهى.
وقال المازري في "المعلم"(1/ 274): وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصلي مُقْعِيًا، قال ابن شُميل: الإقعاء أن يجلس على وركيه، وهو الاحتفاز والاستيفاز.
وقال المازري أيضًا: حكى الثعالبي في أشكال الجلوس عن الأئمة: أن الإنسان إذا ألصق عَقِبيه بأليتيه قيل: أقعى، وإذا استوفز في جلوسه، كأنه يريد أن يثور للقيام، قيل: احتفز واقعنفز، أو قعد القَعْفَزي، فإذا ألصق أليتيه بالأرض، وتوسط سناقيه قيل: قرطس. انتهى.
قلت: ولا منافاة بين هذا الإقعاء الذي ذكره ابن عباس، وفسره ابن شُميل وغيره من أهل اللغة وبين الاقتراش الذي ورد في حديث أبي حُميد وغيره فإنها كلها سنة، وقد قال به أهل العلم والفقه من أهل مكة، ويظهر منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذه، وتارة هذه. فلا حاجة إلى تأويل بأن ذلك كان لأجل عذر من مرض وغيره.
وأما إن فسرنا الإقعاء بأن يُلصق ألْيتيه بالأرض، وينصبَ ساقيه، ويضعَ يديه على الأرض كإقعاء الكلب والقرد كما قال الهروي وغيره من أهل اللغة، فهذا الذي ورد النهي في الأحاديث، وإن كان أسانيدها ضعيفة مثل حديث علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تُقْعِ بين السجدتين".
رواه الترمذي (282) عن عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب فذكره، قال الترمذي:"هذا حديث لا نعرفه من حديث علي إلا من حديث أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي. وقال: وقد ضعَّف بعض أهل العلم الحارث الأعور". انتهى
قلت: الحارث الأعور مع ضعفه عند أهل العلم فيه أيضًا أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس قد عنعن.
ومثل حديث أبي هريرة قال: "أمرني خليلي بثلاث، ونهاني عن ثلاث، أمرني بركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيام من الشهر، والوتر قبل النوم، ونهاني عن ثلاثة: عن الالتفات في الصلاة كالتفات الثعلب، وإقعاء كإقعاء القرد، ونقر كنقر الديك"، روي عن أبي هريرة من طريقين: أحدهما من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن أبي هريرة، ومن طريقه رواه البيهقي (2/ 120)، ورواه ابن أبي شيبة (1/ 285) عن علي بن مسهر، عن ليث به مكتفيا بقوله:"نهاني خليلي أن أقعي كإقعاء القرد".
ورواه الإمام أحمد (10450، 10483) عن طريقين، عن ليث به إلا أنه اكتفى بذكر الشطر الأول من الحديث، ولم يذكر الشطر الثاني، وإن الشطر الأول جاء من طرق صحيحة، وسيأتي في صلاتي الضُّحى والوتر.
والطريق الثاني ما رواه أبو داود الطيالسي (2716) قال: حدثنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي