الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فرَّق بكون هذا ينفذ الماء منه، وهذا لا ينفذ منه فقد ذكر فرقًا طرديًّا عديم التأثير. ولو قال قائل: يصل الماء إلى الصوف أكثر من الجلد، فيكون المسح عليه أولى للصوق الطَّهور به أكثر، كان هذا الوصف أولى بالاعتبار من ذلك الوصف، وأقرب إلى الأوصاف المؤثِّرةِ. وذلك أقرب إلى الأوصاف الطردية، وكلاهما باطلٌ". انتهى.
وفي الباب حديث أبي موسى الذي أشار إليه أبو داود والترمذي رواه ابن ماجه (560) أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. رواه عن محمد بن يحيى، ثنا مُعلَّى بن منصور وبشر بن آدم قالا: ثنا عيسى بن يونس، عن عيسى بن سِنان، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عَرْزَب، عن أبي موسى الأشعري، فذكر الحديث.
وفيه علتان كما قال أبو داود:
الأُولى: ليس بمتصل؛ لأن الضحاك بن عبد الرحمن لم يدرك أبا موسى الأشعري.
والثانية: ليس بالقوي؛ لأن عيسى بن سنان الراوي عن الضحاك ضعيف؛ ضعَّفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم.
45 - باب غسل الرجلين في النعلين وأنَّه لا يمسح عليهما
• عن عبيد بن جريج، أنَّه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن! رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها. قال: وما هُنَّ يا ابن جريج؟ فذكر من الأربع: رأيتك تلبس النِّعال السِّبْتِيَّة. فقال: وأمَّا النعال السِّبْتِيَّة؛ فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعرٌ، ويتوضَّأ فيها. فأنا أُحبُّ أن ألبسها.
متّفق عليه: رواه مالك في الحجِّ (31) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج .. فذكر الحديث.
ورواه البخاري في الوضوء (166)، وفي اللباس (5805)، عن عبد الله بن يوسف، ومسلمٌ في الحجِّ (1187)، عن يحيى بن يحيى - كلاهما عن مالك به. وسيأتي الحديث كاملًا في الحجِّ.
وبوَّب عليه البخاري بقوله: غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: "ويتوضَّأُ فيها"، فإنَّ ظاهره: كان صلى الله عليه وسلم يغسل رجليه وهما في نعلين، ولو أراد المسيح لقال:"عليهما".
ولكن رواه سفيان، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، فزاد فيه:"ومسح عليهما". هكذا رواه ابن خزيمة (199) ومن طريقه البيهقي (1/ 287) وقال: "وهذه الزيادة إن كانت محفوظة فلا تنافي غسلهما، فقد يغسلهما في النعل ويمسح عليهما كما مسح بناصيته وعلى عمامته". انتهى.
وقوله: "السِّبْتِيَّة" بكسر المهملة. هي التي لا شعر فيها، مشتقَّة من السبت، وهو الحلق، أو
لأنّها سبتت بالدِّباغِ، أي لانت.
وأمَّا ما رُوي عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، قال: أخبرني أوس بن أبي أوس الثقفي، أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتي كِظَام قومٍ - وفي لفظٍ: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى كِظامةَ. يعني - ميضأة - فتوضّأ ومسح على نعليه وقدميه. فهو حديثٌ معلولٌ رواه أبو داود (160) قال: حدَّثنا مسدد، وعباد بن موسى، قالا: حدَّثنا هُشيم، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه.
ورجاله ثقات، غير عطاء - والد يعلى، وهو العامري -، فهو مجهولٌ كما قال ابن القطَّان، وفي "التقريب""مقبول، أي إن توبع، وحيث لم نجد له متابعًا فهو ليِّن الحديث، مع اختلاف فيه؛ فقد رواه أحمد (16158) من حديث شعبة، قال: حدَّثني يعلى، عن أبيه، ولفظه: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ ومسح على نعليه، ثمَّ قام إلى الصلاة".
وخالفه حمَّاد بن سلمة؛ فلم يقل: (عن أيه)، وإنَّما رواه عن يعلى بن عطاء، عن أوس بن أبي أوس، قال:"رأيت أبي توضَّأ فمسح على نعليه، فقلت: أتمسح على النعلين؟ فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عليهما".
ومن هذا الوجه رواه الإمام أحمد (16165) وابن حبَّان (1339).
قال البيهقي: "فيه انقطاع، وهذا إسناد غير قوي".
قلت: وهو يشير إلى الانقطاع بين يعلى بن عطاء، وبين أوس بن أبي أوس، وقوله: غير قوي - إشارة إلى مخالفة حمَّاد بن سلمة لهشيم وشعبة، وفي إسنادهما والد يعلى، وهو مجهولٌ كما سبق.
والخلاصة فيه كما قال الحازمي (62 - 63): "لا يُعرف هذا الحديث مجوَّدًا متَّصلًا إلَّا من حديث يعلى بن عطاء، وفيه اختلافٌ أيضًا، وعلى تقدير ثبوته ذهب بعضهم إلى نسخه". وقال أيضًا: "ومع هذا الاضطراب لا يمكن المصير إليه، ولو ثبت كان منسوخًا كما قاله هشيم".
وأمَّا تعقيب ابن التركماني على البيهقي، بأنَّه أخرجه ابن حبَّان في صحيحه، فالاحتجاج به كافٍ .. فالصواب أنَّه ليس بكافٍ؛ لأنَّ فيه والد يعلى وهو مجهولٌ كما سبق، وابن حبَّان اشتهر بتوثيق المجاهيل كما هو معروف.
كذلك ما رُوي عن ابن عباس، أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ مرَّة مرَّة، ومسح على نعليه. فلا يصحُّ.
رواه البيهقي (1/ 286) وقال: هكذا رواه رواد بن الجراح، وهو ينفرد عن الثوري بمناكير، وهذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري، دون هذه اللفظة، وروي عن زيد بن الحباب، عن الثوري هكذا، وليس بمحفوظ. انتهى.
وكذلك لا يصحُّ ما رُويَ عن علي بن أبي طالب، أنَّه دعا بِكُوز من ماءٍ، ثمَّ توضَّأ وضوءًا خفيفًا، ثمَّ مسح على نعليه، ثمَّ قال: هكذا وضوء النبيّ صلى الله عليه وسلم، للطاهرِ ما لم يُحِدث. رواه ابن خزيمة (200) والبيهقي (1/ 75). فإنَّ في إسناده إبراهيم بن أبي الليثِ، وهو متروك الحديث كما