الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكوان المعلم) بإسناده، بلفظ:"قاء فأفطر".
فمن فهم من قول ثوبان: "قاء فأفطر فصببت له وَضُوءَه" قال: قاء فأفطر فتوضّأ.
وأما قوله (قاء فأفطر) فيحتاج إلى تأويل بأنه استقاء؛ لأن القيء لا يُفطر الصائم.
قال الترمذي: وقال إسحاق بن منصور: معدان بن طلحة. ثم قال: وابن أبي طلحة أصحّ. وقال: جوّد حسين المعلم هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب. وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه فقال: عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي. وقال: عن خالد بن معدان، وإنما هو معدان بن أبي طلحة. انتهى.
قلت: رواية معمر هذه رواها الإمام أحمد (27537) عن عبد الرزاق، ثنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء قال: استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفطر، فأتي بماء فتوضأ.
يقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: "ولسنا نوافق الترمذي في ادعائه الخطأ على معمر، وإنما هو عندنا بإسناد آخر للحديث، وخالد بن معدان تابعي ثقة معروف، مات في أول القرن الثاني، روى عن كثير من الصحابة منهم معاوية، واختلف في سماعه من أبي الدرداء. ويعيش بن الوليد تابعي ثقة أيضًا وقد روي عن معاوية، ومعاوية مات سنة 59 أو 60 هـ ويعيش بن الوليد وخالد بن معدان كلاهما من أهل الشام؛ فلا يبعد أن يروي أحدهما عن الآخر. ومعمر حافظ ثقة متقن؛ فلا يحكم عليه بالخطأ جُزافًا" انتهى.
فإذا صحّ هذا الحديث فلا يحتاج إلى تأويل.
وأما نقض الوضوء من القيء والرُّعاف فقال الترمذي: قال به بعض أهل العلم منهم: سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق. وقال مالك والشافعي: ليس في القيء والرُّعاف وضوء. انتهى.
35 - باب ما روي أن خروج الدم من غير السبيلين لا يوجب الوضوء
الأصل في هذا الباب البراءة، فإنه لم يثبت من النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل خروج الدم من غير السبيلين ناقضًا للوضوء.
وأما ما رُوِيَ عن تميم الداري مرفوعًا: "الوضوءُ من كُلِّ دمٍ سائلٍ" فهو مرسلٌ ضعيفٌ. فقد أخرجه الدارقطني (1/ 157) من طريق بقية، عن يزيد بن خالد، عن يزيد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز قال: قال تميم الداري.
قال الدارقطني: عمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم، ولا رآه، ويزيد بن خالد ويزيد بن محمد مجهولان.
أورده الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 37) من جهة الدارقطني وأقر ما قاله الدارقطني. قلت: وفيه بقية وهو مُدلِّس وقد عنعن.
وكذلك ما رُويَ عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرِّقاع - فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين، فحلف أن لا أنتهي حتَّى أهريق دمًا في أصحاب محمد، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلًا، فقال:"من رجل يكلؤنا؟ " فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقال:"كونا بفم الشِّعب". قال: فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجري، وقام الأنصاري يُصلِّي، وأتى الرجل، فلما رأى شخصه وعرف أنه رَبيئَةٌ للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فزعه حتَّى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم انتبه صاحبُه، فلما عرف أنهم قد نَذِروا به هرب، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدم قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أوَّل ما رمى؟ قال: كنت في سورة أقرأها؛ فلم أحبّ أن أقطعها.
فهو أيضًا ضعيف: أخرجه أبو داود (198) قال: حدَّثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدَّثنا ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق، حدثني صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر، عن جابر، فذكر الحديث.
وإسناده ضعيف؛ فإنَّ عقيل بن جابر بن عبد الله الأنصاري لم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات. وقال الذهبي في الميزان: فيه جهالة؛ ما روى عنه سوى صدقة بن يسار. وفي التهذيب: وقد روى جابر البياضي عن ثلاثة من ولد جابر، عن جابر، فيحصل لنا راو آخر وإن كان ضعيفًا عن عقيل مع صدقة، لأن جابرًا له ثلاثة أولاد رووا الحديث. هذا، وعبد الرحمن، ومحمد. انتهى
وبهذا يرفع عنه جهالة العين ويبقى فيه جهالة الحال.
ونقل الحافظ تصحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم له.
قلت: وهو في صحيح ابن خزيمة (1/ 24 رقم 36)، وبه بوَّب "أن خروج الدم من غير مخرج الحدث لا يوجب الوضوء"، وابن حبان (1096) والحاكم (1/ 156 - 157) وأحمد (14704 و 14865) كلهم من طريق محمد بن إسحاق به، وهو في تهذيب ابن هشام (3/ 218 - 219) ومداره على عقيل بن جابر، وهو مجهول الحال كما سبق. إلَّا أن الحاكم صحّحه.
وقد ذكره أيضًا البخاري تعليقا في صحيحه (1/ 280) ولكن بصيغة التمريض قائلًا: "يذكر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع
…
". فالظاهر أنه لم يصحّ عنده، ولكن ذكر البخاري عددا من الآثار، منها قول الحسن: ما زال المسلمون يُصلون في جراحاتهم. وقال طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء. وبوَّب بقوله: "من لم ير الوضوء إلَّا من المَخْرجَين من القُبُل والدُّبُر".
قلت: لما رأيت تبويب البخاري وذكره عددًا من الآثار - وكذا ما فعله البيهقي رحمه الله في