الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فذكر الحديث.
قال ابن عدي: هذا بهذا اللّفظ لا يُروى إِلَّا عن شريك من رواية يحيى بن إسحاق عنه، وإنما رواه الناس عن الأعمش بلفظ آخر وهو قول:"الإمام ضَامِنٌ والمؤذِّن مُؤتمن. اللَّهُمَّ أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين". وحديث الأعمش سبق تخريجه.
ورواه البيهقيّ في "الكبرى"(2/ 19) من كلام عليّ بن أبي طالب وقال: "ورُوي عن شريك، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا وليس بمحفوظ".
وقوله: "فإذا خرج أقام الصّلاة حين يراه" لا يعارض ما ثبت في الصحيحين - البخاريّ في الدعوات (6310) ومسلم في صلاة المسافرين (736): "فإذا طلع الفجرُ صلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين خفيفتين، ثمّ اضطلع على شقه الأيمن حتَّى يجيءَ المؤذِّنُ فيؤذِنُه" وفي رواية مسلم: "حتَّى يأتيه المؤذِّن للإقامة" فمعنى هذا أن بلالًا كان يراقب خروجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رآه يشرع في الإقامة قبل أن يراه الناس. وأحيانا إذا تأخر خروجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يذهب إلى بابه لتفقد أحواله، وليُخبره بأن الوقت قد حان، فإن خرج شرع في الإقامة.
27 - باب أن المؤذن يقيم قبل أن يخرج الإمام
• عن أبي هريرة قال: أقيمت الصّلاة، فقمنا، فعدَّلْنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتَّى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر، فانصرف وقال لنا:"مكانكم" فلم نزَلْ قيامًا ننتظره حتَّى خرج إلينا وقد اغتسل، ينظفُ رأسُه ماء، فكبر فصلى بنا.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الغسل (275)، ومسلم في المساجد (605) - واللّفظ له - كلاهما من طريق يونس، عن الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
28 - باب قيام الناس إذا رأوا الإمام
• عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصّلاة فلا تقوموا حتَّى تروْني".
متفق عليه: رواه البخاريّ في الأذان (637) ومسلم في المساجد (604) كلاهما من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة - وقرنه مسلم بأبي سلمة - عن أبي قتادة فذكر الحديث.
وفي البخاريّ: عن مسلم بن إبراهيم قال: حَدَّثَنَا هشام، قال: كتب إليَّ يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة فذكر الحديث.
والكتابة أحد وجوه التحمل، ثمّ رواه أيضًا (638) عن أبي نعيم، قال: حَدَّثَنَا شيبان، عن يحيى فذكر به مثله وزاد في آخره:"وعليكم بالسكينة"، إِلَّا أن مسلمًا لم يذكر هذه الزيادة في رواية شيبان بعد أن ذكر المتابعات.
قال المصنف رحمه الله تعالى (أي البخاريّ) وتابعه عليّ بن المبارك. وهذه المتابعة وصلها المصنف في كتاب الجمعة (909) فقال: حَدَّثَنَا عمرو بن عليّ، قال: حَدَّثَنِي أبو قُتَيبة، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، لا أعلمه إِلَّا عن أبيه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تقوموا حتَّى ترونيّ، وعليكم السكينةُ" وتابعهما معاوية بن سلّام كما ذكره أبو داود (539) فقال: ورواه معاوية بن سلّام وعلي بن المبارك عن يحييّ، وقالا فيه:"حتَّى تروني وعليكم السكينة".
وهذه الرواية المعلقة وصلها الإسماعيلي من طريق الوليد بن مسلم، عن معاوية بن سلّام وشيبان جميعًا عن يحيى. انظر:"فتح الباري"(2/ 121).
ومعنى قوله: "وعليكم السكينة" أي لا يزاحم بعضكم بعضًا عند القيام إلى الصّلاة، فيحاول من هو بعيد من الصف الأوّل أن يُسرع من غير مبالاة من المدافعة والمزاحمة فإن ذلك يخالف الوقار.
وبَيَّن ابن رشيد معني آخر وهو قوله: "والنكتة في النهي عن ذلك لئلا يكون مقامهم سببًا لإسراعه في الدخول إلى الصّلاة، فينافي مقصوده من هيئة الوقار". انظر: "فتح الباري".
وحديث جابر بن سمرة وحديث أبي هريرة وحديث أبي قتادة يعارضه حديث بلال أنه كان يؤذِّن إذا دحضت، ولا يقيم حتَّى يخرج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فإذا خرج أقام الصّلاة حين يراه، ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث:
بأن بلالًا كان يراقب خروج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من حيث لا يراه غيره، أو إِلَّا القليل، فعند أول خروجه يُقيمُ، ولا يقوم الناس حتَّى يروه، ثمّ لا يقوم مقامه حتَّى يعدلوا الصفوف.
وقوله في حديث أبي هريرة: "فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يأخذ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "رواه أبو داود (541) بإسناد صحيح، وفيه الوليد بن مسلم قد صرَّح بالتحديث، فيحمل هذا على أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا كان في المسجد.
أو أنه فعل ذلك مرة أو مرتين لبيان الجواز، وإلَّا فالأصل فيه أن لا تقام الصّلاة إِلَّا إذا خرج الإمام لئلا يطول عليهم القيام، لأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه كما قال القاضي عياض وغيره.
وقال النوويّ رحمه الله تعالى: اختلف العلماء من السلف فمن بعدهم مني يقوم الناس للصلاة، ومتى يكبر الإمام؟ فمذهب الشافعي رحمه الله تعالى وطائفة: أنه يستحب أن لا يقوم أحد حتَّى يفرغ المؤذن من الإقامة، ونقل القاضي عياض عن مالك رحمه الله تعالى وعامة العلماء: أنه يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن في الإقامة، وكان أنس يقوم إذا قال المؤذن:"قد قامت الصّلاة، وبه قال أحمد رحمه الله تعالى، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون: يقومون في الصف إذا قال: "حيَّ على الصّلاة"، فإذا قال: "قد قامتِ الصّلاة" كبَّر الإمام، وقال جمهور العلماء من السلف والخلف: لا يكبر الإمام حتَّى يفرغ المؤذن من الإقامة".